المندائيون العراقيون يشكون صعوبة في أداء طقوسهم الدينية

الكثيرون منهم غادروا العراق بسبب تكرار استهدافهم

TT

طالب رئيس طائفة الصابئة المندائية في العراق والعالم في محافظة البصرة بتخصيص قطعة أرض صالحة لبناء مندا لصعوبة أداء أبناء الطائفة طقوسهم الدينية. وأكد الشيخ ستار جبار الحلو رئيس الطائفة خلال لقائه الدكتور شلتاغ عبود محافظ البصرة، أمس، أن «مكان عبادة الطائفة ينبغي أن يكون قرب نهر جار. وبما أن أنهر البصرة، ومنها نهر الرباط الذي يقع عليه المندا الحالي قد تلوثت مياهها، فباتت لا تصلح لأداء مناسك الطقوس الدينية للطائفة وبخاصة عند الزواج، لذا يتطلب تخصيص قطعة أرض جديدة على ضفاف شط العرب، الذي بات هو النهر الوحيد الذي يصلح لأداء الطقوس الدينية».

وقال الحلو: «تعد الطائفة من أقدم الطوائف التي سكنت جنوب العراق لوفرة المياه فيه، وقدمت تضحيات كبيرة على محراب الوطن وعانت القتل والهجرة والتشريد خلال سنوات العنف الطائفي». ودعا إلى «فرض الحماية المطلوبة على مقبرة الطائفة التي شهدت خلال السنوات الأخيرة التجاوز والعبث والسكن العشوائي».

وكانت مدينة الصويرة - 55 كلم جنوب شرق بغداد - شهدت قبل أسبوع ثالث حادثة اغتيال لفرد من الطائفة، عندما اقتحم 3 أشخاص محل صياغة للذهب وقتلوا صاحبه الصابئي عبد الحسن رحيمة، 32 عاما، من دون سرقة أي شيء. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، تعرض عدد من أبناء الطائفة للاغتيال، الأمر الذي أدى إلى هجرة الكثير من العائلات الصابئية إلى دول أوروبا.

أحد أفراد هذه الطائفة قال لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، بأن في بغداد مندا على ضفاف نهر دجلة في حي القادسية، «وكنا نقيم فيه جميع احتفالاتنا وشعائرنا من زواج وتعميد، لكن في الوقت الحاضر وبسبب التهديدات قلما نذهب إليه».

يذكر أن موطن الصابئة هو العراق، ويسميهم العراقيون بالعامية «الصبه»، ويعيشون على ضفاف الأنهار وبخاصة دجلة، وهم جزء من سكان العراق الأوائل عبر تاريخه الحضاري، ويشكلون أقلية دينية ما زالت تمارس طقوسها ودياناتها إلى الآن. والآن مركز الطائفة هو مدينة بغداد، إضافة إلى وجودهم في أغلبية المحافظات العراقية، مثل العمارة والبصرة والناصرية والكوت وديالى والديوانية.

وقد اشتهر الصابئة المندائيون منذ القدم، بالنتاجات الأدبية والعلمية الرائعة، وحتى الآن تجد فيما بينهم الطبيب والمهندس والمعلم والمهني والشاعر والأديب.. فقديما برع منهم أبو إسحاق الصابي وزير الطائع والمطيع، وثابت بن قرة عبد الجبار عبد الله صاحب الإنجازات العلمية العالمية في علم الفيزياء والأنواء الجوية، وهو من القلائل الذي أسهم في شرح نظرية أينشتاين النسبية، حيث أسند إليه منصب رئيس المجمع العلمي لعلوم الأنواء الجوية في أميركا، كما أنه كان المؤسس لجامعة بغداد ورئيسا لها في فترة ما. وقد أسهم أيضا في تأسيس جامعة البصرة. ويعده البعض ألمع عالم في مجاله في القرن المنصرم، وهناك ولداه سنان وإبراهيم اللذان برعا في الطب والرياضة والفلك والترجمة، وأيضا إبراهيم بن هلال، الأديب الذائع الصيت، الذي تولى ديوان الرسائل والمظالم سنة 960م. وحديثا برع منهم الكثير مثل العلامة العراقي البروفسور صبيح السهيلي، والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ولميعة عباس عمارة والدكتور عبد العظيم السبتي - الذي كرمه اتحاد الفلكيين العالمي مؤخرا، وذلك بإطلاق اسمه على أحد الكواكب المكتشفة سنة 1981، وهو بذلك يعد أول عراقي وعربي ينال مثل هذا التكريم - وغضبان الرومي ونعيم بدوي وعبد الفتاح الزهيري، والرسامة والشاعرة سوسن سلمان سيف.

ولكن في الوقت نفسه هنالك مهنة يعشقونها وكأنها سارية في عروقهم، وهي مهنة الصياغة التي توارثوها أبا عن جد، وبرعوا فيها، ولا تزال أسواقهم ومحلاتهم في شارع النهر وخان الشابندر في بغداد، وفي جميع المحافظات العراقية وفي الأهواز في إيران.