خادم الحرمين يشكر هيئة كبار العلماء على قرارها بتجريم «تمويل الإرهاب»

الملك عبد الله ردا على خطاب للمفتي: قراركم مؤيد بالتدليل والتعليل.. والتمويل والإرهاب يقفان في خندق واحد > «الشرق الأوسط» انفردت بتفاصيل قرار الهيئة

صورة ضوئية للصفحة الاولى من جريدة «الشرق الأوسط» يوم 13 أبريل انفردت فيها بتفاصيل قرار هيئة كبار العلماء السعودية
TT

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، خطاب شكر وتقدير للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، المفتي العام للسعودية رئيس هيئة كبار العلماء، ولأعضاء الهيئة، ردا على كتاب المفتي المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن تجريم تمويل الإرهاب، لما فيه من الإفساد وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة.

وأكد الملك عبد الله بن عبد العزيز، في خطابه الموجه إلى المفتي، أن قرار هيئة كبار العلماء الذي توصل إليه أعضاء الهيئة بعد مداولات استمرت 3 أيام، مؤيد بالتدليل والتعليل، موضحا أن التمويل يقف إلى جانب الإرهاب في خندق واحد.

وكانت «الشرق الأوسط» انفردت بالنتائج الكاملة التي توصل إليها أعضاء هيئة كبار العلماء بعد دراستهم للموضوع، ونشرت في تاريخ 13 أبريل (نيسان) الماضي، غالبية تفاصيل قرار هيئة كبار العلماء حول تمويل الإرهاب، والتعريف الذي توصلت إليه.

وجاء في نص الخطاب الذي بعث به الملك عبد الله إلى المفتي، ما نصه:

«سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء - سلمه الله - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اطلعنا على كتاب سماحتكم رقم (44/ س/2) وتاريخ 28/4/1431هـ المرفق به قرار هيئة كبار العلماء رقم (239) وتاريخ 27/4/1431هـ المتضمن تجريم تمويل الإرهاب؛ لما فيه من الإفساد، وزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال، والممتلكات الخاصة والعامة.

ونشكر سماحتكم، وأصحاب الفضيلة أعضاء الهيئة على ما تضمنه القرار من بيان الحكم الشرعي - المؤيد بالدليل والتعليل - حيال هذه الجريمة النكراء، التي تقف مع الإرهاب في خندق واحد بل هي التي تغذيه، ومحاولة الإفساد في الأرض، وزعزعة أمننا، واستهداف مقدراتنا، والنيل من منهجنا الوسطي المعتدل، والحمد لله الذي أمكن منها، وكشف ضلالها، وجعلنا على كلمة سواء، ومحجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. قال تعالى: «هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ »، نتوخى جميعا الحق بدليله، ونسمو بالقول كما نسمو بالعمل.

بارك الله فيكم وفي علمكم، وأعانكم على التصدي لأفكار الفئة الضالة، وبيان كلمة الحق فيها ومن ساندها.

والله نسأل أن يحفظ لنا ديننا وأمننا، ويرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والسلام عليكم ورحمـــــــة الله وبركاته.

عبد الله بن عبد العزيز آل سعود».

وكان مفتي عام المملكة قد رفع إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود كتابا تضمن قرار الهيئة رقم 239 وتاريخ 27/4/1431هـ بهذا الشأن، جاء في نصه:

«من عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ إلى حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك الكريم عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء وفقه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرفع لمقامكم الكريم أن هيئة كبار العلماء في جلستها الاستثنائية العشرين التي انعقدت بمدينة الرياض ابتداء من تاريخ 25/4/1431هـ، درست موضوع تمويل الإرهاب وفق النقاط الواردة في توجيهكم الكريم رقم (3027 م ب) وتاريخ 7/4/1431هـ.

وقد أصدرت قرارها رقم (239) وتاريخ 27/4/1431هـ، في الموضوع متضمنا تلك النقاط، أرفعه لأنظاركم الكريمة مع توجيهكم السامي، رجاء الاطلاع والتفضل بالإحاطة.

وأســـــــــال الله أن يسدد خطــــــــــــاكم وأن يوفقكم لكل ما يحبه ويرضاه، وأن يعينــــــكم على الخير، إنه خير مســـــــــــؤول.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء».

وفيما يلي نص قرار الهيئة كاملا:

«قرار رقم (239) وتاريخ 27/4/1431هـ. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن هيئة كبار العلماء في جلستها العشرين الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض بتاريخ 25/4/1431هـ، تشير إلى ما سبق أن صدر عنها من قرارات وبيانات فيما يقوم به المفسدون في الأرض بما يزعزع الأمن، ويهتك الحرمات في البلاد الإسلامية وغيرها؛ كالقرار المؤرخ في 12/1/1409هـ. والبيان المؤرخ في 22/6/1416هـ. والبيان المؤرخ في 13/2/1417هـ. والبيان المؤرخ في 14/6/1424هـ.

وقد نظرت الهيئة في حكم (تمويل الإرهاب) باعتبار أن الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة، كنسف المساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والجسور ونسف الطائرات أو خطفها والموارد العامة للدولة كأنابيب النفط والغاز، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعا، وأن تمويل الإرهاب إعانة عليه وسبب في بقائه وانتشاره.

كما نظرت الهيئة في أدلة (تجريم تمويل الإرهاب) من الكتاب، والسنة، وقواعد الشريعة، ومنها قول الحق جل وعلا: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2]، وقال سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة: 204 – 205]، وقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف: 56]، وفي صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله من أوى محدثا) الحديث.

قال الحافظ بن حجر - رحمه الله - في الفتح: (وفيه أن المحدث والمؤوي للمحدث في الإثم سواء).

ومن القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية: أن للوسائل حكم الغايات، ولما جاء في الشريعة من الأمر بحفظ الحقوق والعهود في البلاد الإسلامية وغيرها.

لذلك كله فإن الهيئة تقرر: أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعا، سواء بتوفير الأموال أم جمعها أم المشاركة في ذلك، بأي وسيلة كانت، وسواء كانت الأصول مالية أم غير مالية، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أم غير مشروعة.

فمن قام بهذه الجريمة عالما، فقد ارتكب أمرا محرما، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي.

وتؤكد الهيئة أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم، وعلاجهم، وتعليمهم لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقا للفقراء.

وإن هيئة كبار العلماء إذ تقرر هذا فإنها توصي المسلمين جميعا بالتمسك بالدين وهدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، والكف عن كل عمل من شأنه الإضرار بالناس والتعدي عليهم.

ونسأل الله - عز وجل - لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية، وعموم بلاد المسلمين الخير والصلاح والحفظ وجمع الكلمة، وأن يصلح حال البشرية أجمعين بما يحقق العدل وينشر الفضل. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين».

ووقع إلى جانب رئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، كل من: صالح بن محمد اللحيدان، وعبد الله بن سليمان المنيع، والدكتور صالح بن فوزان الفوزان، والدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان، والدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، والدكتور أحمد بن علي سير المباركي، والدكتور عبد الله بن محمد المطلق، والدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وصالح بن عبد الرحمن الحصين، وعبد الله بن محمد بن خنين، ومحمد بن حسن آل الشيخ، والدكتور يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين، والدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، والدكتور علي بن عباس حكمي، والدكتور محمد بن محمد المختار، والدكتور قيس بن محمد آل الشيخ مبارك. بينما لم يوقع عليه عبد الله بن عبد الرحمن الغديان الذي لم يحضر لمرضه، والدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ، الذي لم يحضر لسفره خارج المملكة.