«البيارتة» يستقبلون الانتخابات البلدية بخوف من المفاجآت

بعضهم يغلب اللامبالاة في ظل مقاطعة عون وحزب الله

أحد المشرفين على الاقتراع البلدي يحمل صندوق اقتراع في منطقة البسطة في بيروت أمس (رويترز)
TT

يتوجه الناخبون في محافظة بيروت، اليوم الأحد، لانتخاب مجالسهم البلدية والاختيارية، وسط ازدواجية مواقف لم تعهدها الساحة الانتخابية، وذلك بعد تعذر التوافق على لائحة ائتلافية تجمع القوى السياسية وقرار كل من التيار الوطني الحر وحزب الله الامتناع عن خوض معركة الانتخابات البلدية ترشيحا واقتراعا.

ومصدر الازدواجية في انتخابات بيروت البلدية له أكثر من وجه. ففي حين قرر كل من حركة أمل الشيعية وحزب الطاشناق الأرمني، وهما في الأصل حليفا عون وحزب الله، المشاركة في لائحة وحدة بيروت، التي تحفظ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي وتحظى بدعم تيار المستقبل وقوى «14 آذار»، أعلن «الطاشناق» أنه ملتزم بالتحالف مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي استعاض عن البلديات بخوض غمار الانتخابات الاختيارية التي أرادها استفتاءً شعبيا على مطالبه. أما حركة أمل فلم تعلن عن موقف متضامن مع عون في المسألة الاختيارية. كذلك قرر حزب الله «المشاركة الفاعلة في انتخابات المخاتير والمجالس الاختيارية على مستوى المدينة».

وقد استقر عدد المرشحين للانتخابات البلدية في بيروت على 157 مرشحا لملء 24 مقعدا. وبين المرشحين 21 امرأة، أي بنسبة 13.38 في المائة، وهي نسبة تتجاوز ضعف نسبة اللواتي تقدمن للانتخابات البلدية في جبل لبنان. وبلغ عدد المرشحين لمنصب مختار 282 يتنافسون على 108 مقاعد. وبين المرشحين للمخترة 11 امرأة، أي بنسبة 3.9 في المائة.

إلا أن المقاطعة لا تعني انعدام المعركة. فالحملات التحريضية نشطت خلال اليومين الماضيين. وامتلأت شوارع العاصمة وأحياؤها بالمناشير التي تحث إما على المشاركة أو على عدمها. ومقابل شعار «البيارتة وبس» الداعي إلى تأييد «لائحة وحدة بيروت»، وزعت مناشير تحمل صورة رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع عبارة «لا: أهل بيروت».

لكن يبدو أن مثل هذه الحملات لا تؤتي ثمارها. فالمتحزبون لن يغير منشور أو شعار قناعتهم. ومن يعتبر أن الانتخابات لا تعنيه لن يزعج نفسه بالوقوف في الصف وسط الزحام ليدلي بصوته. والمنتمون إلى هذه الفئة في بيروت كثر. لذا يتخوف المختار عن منطقة المزرعة محمود النخال، والمرشح في الدورة الحالية، من «لا مبالاة الناخبين». ويقول لـ «الشرق الأوسط»: «أهالي بيروت يشعرون بالملل. وهذا ما يجعل المعركة قاسية بعض الشيء، لا سيما أننا لم نتمكن من التحضير لها بسبب التجاذب السياسي الذي حال دون وضوح صورة التحالفات حتى أيام قليلة».

الحركة قرب مكاتب المخاتير تعكس جو الانتخابات. والكل يقصد المختار ليسأل عن مركز الاقتراع المخصص لسجل قيده. وتدور الأحاديث التي يحرص أصحابها على عدم التوتر ومراعاة الآخرين، إلا في المناطق المقفلة لفئة دون غيرها. حينها يمكن سماع الآراء الحقيقية لكل فريق تجاه الآخر.

ويرى عمر، وهو ميكانيكي سيارات، أن «فريق المعارضة لن يقاطع فعلا الانتخابات البلدية رغم قراره. فالاتصالات التي تقوم بها ماكينات حزب الله الانتخابية لحث الناس على الاقتراع لا تفرق بين بلدية ومخترة. الخوف من المفاجآت لإظهار السنة وكأنهم لا يريدون مسيحيين في المجلس البلدي». لكن البعض ينفي مثل هذه الاتهامات. ويشدد فضل، الملتزم بما يقرره حزب الله، على أن «قرارات الحزب تنفذ كما أعلنت. ولا مؤامرة كما يريد البعض أن يوحي. على كل حال مثل هذا الطرح يسيء إلى الوحدة الوطنية التي نسعى إليها». ويقول الطالب الجامعي جاد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا ألتزم خطا سياسيا معينا. وبمعزل عن الأشخاص لا أريد التجديد للنهج السياسي الحالي في بيروت لأني غير مؤمن به».

جاد ينتمي إلى التيار الوطني الحر. مبدئيا هو ينفذ ما يقرره التيار لجهة مقاطعة الانتخابات البلدية. إلا أن زميله فراس قرر المقاطعة لأسباب لا تتعلق بالانتماء الحزبي، إنما لأنه «لا يعرف أحدا من المرشحين. ولا يهتم كثيرا بالمشاركة في عملية هي أشبه بالتعيين لأن موازين القوى ترجح فوز اللائحة التي يدعمها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري».

أبو مروان، وهو صاحب مكتبة في أحد أحياء بيروت يريد أن يشارك في الانتخابات «تحديدا ليقترع لصالح اللائحة التي يدعمها الحريري». يقول: «الرئيس الراحل رفيق الحريري تكفل بنفقات درس ابنتي في جامعة فرنسية طوال أربعة أعوام. وعندما انتخب من يمثل خطه الذي يقوده ابنه سعد الآن، أقوم بواجبي لا أكثر ولا أقل». لكن جانيت، وهي صاحبة متجر للألعاب في أحد أحياء الأشرفية، لا ترى في الأمر واجبا ولن تقترع. تقول: «لا يهمني الأمر. فلا مبادئ تتحكم بالمشاركة أو عدمها. من قرر المقاطعة فعل ذلك لأن حصته لم تعجبه. ومن يشارك لا يعرف فعلا إلا اللحاق بزعيمه. المسألة لا تستحق أن أصبغ إصبعي باللون الأزرق الذي لا يزول بسهولة».

محمود يرى المسألة من وجهة نظر مسؤولة. وهو أستاذ جامعي شيعي يصر على القيام بواجبه الانتخابي. يقول: «كيف يحق لي أن أعترض على ما يحصل في بلدية بيروت إذا لم أشارك في الانتخابات؟ من لا يقترع لا يحق له أن يطالب بحقوقه لأنه في المبدأ أخل بواجباته».