إيران ترحب بأفكار تركيا والبرازيل بشأن تنشيط اتفاق مبادلة الوقود النووي

أردوغان ودا سيلفا في طهران الأسبوع المقبل لبحث التفاصيل > مهمان براست: في الإمكان التوصل إلى اتفاقات عملية

جنود إيرانيون يجهزون صواريخ خلال تدريبات عسكرية بالقرب من مضيق هرمز (أ.ف.ب)
TT

أبدت إيران تفاؤلها بشأن جهود وساطة تركية وبرازيلية خاصة بالنزاع حول برنامجها النووي مع الغرب ورحبت من حيث المبدأ بأفكار تهدف لتنشيط اتفاق سابق تدعمه الأمم المتحدة لمبادلة الوقود النووي مع القوى الكبرى. ويصل إلى طهران رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال الأيام القليلة القادمة في زيارة تتزامن مع زيارة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لبحث عملية مبادلة وقود نووي من الخارج باليورانيوم الإيراني. ونقلت صحيفة «إيران ديلي» أمس عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان براست قوله: «طرحت صيغ جديدة بشأن مبادلة الوقود.. أتصور أن بالإمكان التوصل إلى اتفاقات عملية بشأن هذه الصيغ». وأضاف: «لهذا رحبنا بالمقترحات من حيث المبدأ.. وتركنا التفاصيل لمزيد من التدقيق». ولم يسهب في الحديث عن فحوى المقترحات - التي تتمحور حول إرسال إيران ليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج لمزيد من المعالجة لكي يصبح وقودا - ولم يذكر متى تم طرحها. وفي أنقرة، نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، قوله، إن طهران وافقت على إجراء مفاوضات مع الدول الغربية حول برنامج طهران النووي. وقال متقي عقب لقاء مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو في إسطنبول مساء أول من أمس: «وافقت إيران على هذه الفكرة. إذا اتفقنا على موعد، فسيعقد هذا الاجتماع قريبا». وأضاف: «من المرجح أن يعقد هذا الاجتماع في تركيا. إنه اقتراح جيد بالنسبة لنا»، كما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول.

بدوره، أعلن وزير الخارجية التركي أنه اقترح خلال زيارته الشهر الماضي إلى إيران عقد اجتماع في تركيا بين كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون كممثلة عن مجموعة «5+1». وتضم مجموعة «5+1» الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة) إضافة إلى ألمانيا. وقال داود أوغلو: «اقترحنا أن يعقد اجتماع مع مجموعة 5+1 في تركيا. وأبدت إيران إيجابية تجاه هذا الاقتراح. نحن ننتظر الآن جوابا من آشتون». وأضاف أن «استعادة المفاوضات بين مجموعة 5+1 وإيران ضرورة. يجب أن يكون طريق الجهود الدبلوماسية مفتوحا». وتعارض البرازيل وتركيا فرض عقوبات جديدة على إيران، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن الدولي. وسبق أن اتخذ مجلس الأمن ثلاثة قرارات بفرض عقوبات على إيران لثنيها عن تخصيب اليورانيوم. وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها لاستصدار قرار رابع مماثل. ويرى محللون غربيون أن التصريحات الإيرانية الجديدة، جزء من محاولة لتفادي فرض جولة جديدة محتملة من عقوبات الأمم المتحدة ضد الدولة الإسلامية بسبب برنامج نووي يخشى الغرب أن يكون مصمما لإنتاج قنابل. وتقول إيران، وهي من كبار مصدري النفط، إنها لا تسعى إلا إلى توليد الكهرباء، والاستخدامات الطبية. ويقول هؤلاء المحللون إن إيران ربما تحاول كسب الوقت والتفريق بين القوى العالمية الست وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، التي تناقش فرض مزيد من الإجراءات العقابية ضد الجمهورية الإسلامية. وتحاول تركيا والبرازيل اللتان تشغلان حاليا مقعدين غير دائمين في مجلس الأمن الدولي إحياء مقترح اتفاق الوقود في محاولة لتفادي عقوبات جديدة ضد إيران تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها فرضها.

وأبلغ وزير الخارجية البرازيلي «رويترز» أمس أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا سيتوجه إلى طهران خلال أيام للعمل على التوصل إلى حل يتفق عليه مع إيران. وقالت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية شبه الرسمية إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سيزور طهران في 16 مايو (أيار)، لكن مكتبه قال إنه لا وجود لمثل هذه الخطط حاليا.

وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وافق الأسبوع الماضي «من حيث المبدأ» على وساطة برازيلية بشأن اقتراح مبادلة الوقود. وينظر إلى الاتفاق كسبيل للتخلص من كثير من مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب للحد من خطر استخدامه لإنتاج قنابل ذرية، في حين تحصل إيران على وقود معالج بطريقة خاصة لمواصلة تشغيل برنامجها النووي للأغراض الطبية. لكن الاقتراح تعثر بسبب إصرار إيران على القيام بالمبادلة فوق أراضيها فقط بدلا من نقل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج أولا وبكميات صغيرة وعلى مراحل، مما يعني عدم حدوث خفض ذي مغزى في المخزون الذي ينمو يوما بعد يوم.

ورفض مسؤولون غربيون اقتراحا قدمته إيران في المقابل. وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لتأييد العقوبات التي تتضمن إجراءات مقترحة تستهدف البنوك الإيرانية وعمليات الشحن البحري وقطاع الطاقة الحيوي في البلاد. لكن وزير الخارجية البرازيلي ثيلزو أموريم أبلغ «رويترز» أمس أن بلاده ترى فرصة مواتية واستعدادا من جانب إيران للتوصل إلى حل متفق عليه بشأن برنامجها النووي. والتقى أموريم بأحمدي نجاد في طهران الأسبوع الماضي.

وقالت روسيا والصين، وهما عضوان يتمتعان بحق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن ولهما روابط تجارية مهمة مع طهران، إنهما على استعداد لإعطاء تركيا والبرازيل مزيدا من الوقت. وتؤيد البرازيل تسوية مقترحة تتمكن إيران بموجبها من تصدير اليورانيوم إلى دولة أخرى مقابل الحصول على الوقود عالي التخصيب لمفاعل طهران للأبحاث. وتصر إيران حتى الآن على أن تجري المبادلة فوق أراضيها. وقال مهمان باراست: «الإطار الذي وضعته الدولتان تركيا والبرازيل إلى جانب الاقتراح الذي قدمناه أخيرا يمكن من وجهة نظر إيران أن يؤدي إلى نقطة مشتركة نهائية وأن ينفذ». وأضاف: «على أي حال نعتقد أن الجهود التي تبذل من جانب الدول الصديقة مثل تركيا والبرازيل يمكن أن تكون إيجابية في نهاية المطاف».

وتتابع واشنطن بتشكك واضح جهود البرازيل للتوصل في اللحظة الأخيرة إلى اتفاق مع إيران، وإن كان «النهج المزدوج» القائم على الحوار والتهديد بفرض عقوبات لا يزال قائما نظريا بعد أشهر طويلة من التعثر، كما يقول مسؤولون أميركيون. وتبدو واشنطن أكثر تصميما من أي وقت مضى على فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي بعد أسبوع اتسم، بحسب واشنطن، بفرص ضائعة لدخول إيران في حوار مع المجتمع الدولي. وشهد هذا الأسبوع (الاثنين) خطابا ألقاه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في الأمم المتحدة، كما أقام وزير الخارجية منوشهر متقي مساء الخميس حفل عشاء دعا إليه الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي أن هاتين المناسبتين كانتا «فرصتين ضائعتين»، مؤكدا أن إيران لن تتجاوب سوى مع «ضغط قوي». وقال إن الولايات المتحدة تسعى لفرض عقوبات «في الأسابيع المقبلة». وأشار إلى أن طهران تجاهلت منذ أشهر كل عروض الحوار التي قدمت لها، مذكرا بصورة خاصة بالعرض الدولي لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج الذي رفضته الجمهورية الإسلامية في فبراير (شباط) الماضي. وقال: «أتيحت لإيران فرصة هذا الأسبوع مع الرئيس أحمدي نجاد ووزير الخارجية متقي»، لكن «لم نسمع أي شيء جديد إطلاقا».