المفاوضات غير المباشرة انطلقت بمسألتي الحدود والأمن

نتنياهو يريدها مباشرة: لا يتحقق السلام بالريموت كنترول.. وعريقات: أوقفوا الاستيطان نبدأ.. بدء مشروع استيطاني في القدس

الرئيس محمود عباس خلال وداعه الموفد الأميركي للسلام جورج ميتشل في رام الله أمس (أ.ب)
TT

أعلنت السلطة الفلسطينية رسميا انطلاق المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بوساطة أميركية. ودشن لقاء ثالث في غضون 24 ساعة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والمبعوث الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل، في رام الله، أمس، انطلاق هذه المباحثات بعد يوم من موافقة القيادة الفلسطينية عليها.

وقال صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير في مؤتمر صحافي في رام الله، عقب لقاء أبو مازن وميتشل: «نستطيع القول إن المحادثات غير المباشرة قد بدأت الآن».

وتلقى الفلسطينيون تأكيدات أميركية بأن تشمل المفاوضات جميع قضايا الوضع النهائي، بما فيها القدس واللاجئون والحدود والأمن والأسرى، لكن عريقات أوضح أنها ستبدأ أولا بقضيتي الحدود والأمن. وكان ثمة خلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول كيفية بدء المفاوضات، وطلبت السلطة أن تبدأ بقضية الحدود لمعالجة مسألة المستوطنات التي تثير خلافات كبيرة بين الجانبين، وطلبت إسرائيل أن تبدأ بقضايا الأمن والمياه، فاختار ميتشل أن يبدأ بالقضيتين معا. وقال عريقات: «في بداية الأربعة أشهر، سيتم التركيز على الحدود والأمن، وهذا لا يعني إهمال أي من القضايا الأخرى، فلا يوجد شيء متفق عليه إلا بعد الاتفاق على كل شيء».

وسيقود أبو مازن فريقا فلسطينيا للتفاوض، بينما يقود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فريقا إسرائيليا، على أن يتنقل ميتشل بين الرئيسين.

وقال عريقات: «لن يكون هناك لجان أو فرق فنية، وإنما سيكون الوفد التفاوضي على مستوى السيد الرئيس وفريقه التفاوضي، وإذا احتاج الجانب الأميركي لأي تفصيلات أو توضيحات فإن دائرة شؤون المفاوضات ستكون على استعداد لذلك».

وتقول السلطة إنها تفاوض عمليا الجانب الأميركي وليس الإسرائيلي، وأوضح عريقات: «ليست هناك محادثات أو مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وإنما المحادثات مع الجانب الأميركي». وأضاف «آمل أن تتجاوب الحكومة الإسرائيلية مع جهود الإدارة الأميركية لإعطاء الفرصة لعملية السلام ولجهود السيناتور ميتشل، بعيدا عن كل ما من شأنه أن يكرس الإملاءات وفرض الحقائق على الأرض وبناء المستوطنات والاقتحامات»، وتابع «إن الذي يعنينا هو ما سنشاهده على الأرض، خاصة في مجال الاستيطان، ونحن قلنا إن هذه العملية تستحق أن تعطى الفرصة، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تختار إما أن تستمر في البناء الاستيطاني على الأرض، وإما أن تعطي فرصة لعملية السلام، لا يمكن الجمع بين الأمرين».

لكن الرد الإسرائيلي جاء سريعا، وقال نتنياهو في اجتماع الحكومة الإسرائيلية أمس: «إن هذه المباحثات ستجرى من دون شروط مسبقة»، في إشارة إلى رفضه وقف البناء في القدس. وأكد نتنياهو أن حكومته ملتزمة بتطوير المدينة اقتصاديا، وتعهد بتقديم امتيازات لمصانع في القدس بموجب القانون الذي يشجع على الاستثمار في العاصمة.

ونفى مصدر سياسي كبير في تل أبيب أن تكون إسرائيل قد منحت واشنطن ضمانات فيما يتعلق بمسألة البناء في شرقي القدس.

وأكد المصدر السياسي أن إسرائيل ستواصل أعمال البناء كما كان الأمر في الماضي، نافيا نفيا قاطعا إعطاء أي وعود من قبيل وقف البناء في القدس. وجاءت هذه التصريحات رغم أن ميتشل أبلغ أبو مازن أن إسرائيل ستمتنع عن أي استفزازات في القدس، وقالت منظمة التحرير إنها وافقت على بدء المباحثات غير المباشرة بعد ضمانات أميركية بوقف النشاطات الاستيطانية في القدس، واعتبار قراري مجلس الأمن 242 و 338، وخطة خارطة الطريق، ومبادرة السلام العربية مرجعية للمفاوضات.

ويعتقد أن اتفاقا غير معلن تم بين إسرائيل والولايات المتحدة يقضي بتجميد البناء في القدس طيلة فترة المفاوضات غير المباشرة من دون الإعلان عن توقف أو إلغاء أو تجميد، وكان هذا مقنعا للفلسطينيين. وقلل نتنياهو من أهمية المباحثات غير المباشرة، رغم ترحيبه بالقرار الفلسطيني، وقال: «إن السلام مع الفلسطينيين سيكون مستحيلا دون مفاوضات مباشرة»، ودعا إلى انتقال سريع من المحادثات غير المباشرة إلى اتصالات تجرى وجها لوجه.

وقال نتنياهو لوزرائه: «يجب أن تأتي المحادثات غير المباشرة بمحادثات مباشرة؛ لا يمكن تحقيق السلام بجهاز الريموت كنترول عن بعد». وأضاف أنه «يجب ألا يتوقع أحد أننا سنصل إلى قرارات واتفاقات بشأن أمور حاسمة دون الجلوس معا في الغرفة نفسها».

وقال مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «إن كبار المسؤولين الأميركيين أبلغوا نظراءهم الفلسطينيين بأن واشنطن تؤمن أيضا بأن المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين يجب أن تبدأ في أسرع وقت ممكن»، وحسب المسؤول، فإن إدارة أوباما أبلغت الرئيس الفلسطيني بأنها لن تكشف عن أي مقترحات لخطة سلام الشرق الأوسط قبل بدء المحادثات المباشرة الحقيقية بين الجانبين حول القضايا النهائية.

ورد عريقات على تصريحات نتنياهو بشأن الانتقال بسرعة إلى مفاوضات مباشرة، بقوله: «عندما يعلن نتنياهو وقفه للاستيطان، وموافقته على استئناف المحادثات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر (كانون الأول) 2008 سيصار إلى محادثات مباشرة».