البيت الأبيض يتطلع لتهدئة التوتر مع الرئيس الأفغاني خلال زيارته لواشنطن

التركيز على خطة السلام ومكافحة المتمردين وإعادة إعمار أفغانستان

جندي اميركي من القوات التابعة لايساف يفتش صبيا افغانيا عند احدى نقاط التفتيش خارج قندهار(ا.ب)
TT

يبدأ الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الاثنين زيارة تستمر أربعة أيام إلى واشنطن لتحسين العلاقات مع الإدارة الأميركية بعد التوتر الذي اعتراها في الأشهر الأخيرة. واللقاء بين رئيس الدولة الأفغانية والرئيس الأميركي باراك أوباما سيكون الأول منذ الجدل الذي أثاره كرزاي بعد اتهامه الغربيين بالوقوف وراء التزوير الكثيف أثناء الانتخابات الرئاسية في 20 أغسطس (آب). وسيعقد الرئيس الأفغاني كرزاي خلال زيارته مجموعة من اللقاءات خلال عدة أيام تهدف إلى تهدئة التوترات الحالية وإعادة التركيز على مكافحة المسلحين، وإعادة إعمار أفغانستان.

من المقرر أن يلتقي كرزاي نظيره الأميركي باراك أوباما الأربعاء المقبل، كما سيعقد سلسلة من المناقشات مع مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع الأسبوع المقبل. ويتوقع أن يلتقي الرئيس الأفغاني عددا من أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين تزداد شكوكهم حول كفاءة الرئيس الأفغاني وفعاليته في إدارة الحكومة الأفغانية. وقلل البيت الأبيض من أهمية التوتر الحاصل بي الجانبين، بهدف التركيز على إحراز تقدم مع حكومة كرزاي. وقال بن روديس، مستشار الأمن القومي لأوباما، للصحافيين أول من أمس: «تتأرجح العلاقات بين صفو وكدر، مثلها في ذلك مثل أي علاقة أخرى». وشهدت العلاقات الأميركية مع كرزاي توترا منذ إعادة انتخابه في منصبه، وسط اتهامات بالتلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية الأفغانية، وأيضا مخاوف أوباما من أن يقوض الفساد المستشري في الحكومة الأفغانية مكانة كرزاي بين أبناء الشعب الأفغاني، ويزيد من حدة أعمال العنف من قبل متمردي طالبان.

وأخذت العلاقات منحى سيئا منذ قيام أوباما بزيارة مفاجئة إلى كابل في مارس (آذار) الماضي وزادت مخاوفه تجاه كرزاي، مما دفع إلى سجال كلامي بين الجانبين استمر فترة. واتهم كرزاي الأمم المتحدة والحكومات الغربية بتنظيم التلاعب في الانتخابات، وعقد اجتماعا في كابل مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي استغل الفرصة من جانبه ليوجه الانتقادات للولايات المتحدة الأميركية، وكرزاي بجانبه. ووصف البيت الأبيض اتهامات كرزاي بأنها «مصدر إزعاج»، وأضافت الخارجية الأميركية أنها «تخالف المنطق». وأن المتحدث باسم أوباما، روبرت غيبس قال، من دون تغيير نغمة الحديث، إن البيت الأبيض سيبقي على الخيارات مفتوحة بالنسبة لإلغاء زيارة الأسبوع المقبل. وبدأت الأمور في الهدوء بعد أن بعث أوباما برسالة إلى كرزاي يشكره فيها على ما لاقاه خلال زيارته لأفغانستان يوم 28 مارس الماضي وجدد دعوة البيت الأبيض له، في حين أجرى كرزاي اتصالا هاتفيا بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون. إلى ذلك أوضح مساعدون للرئيس الأميركي باراك أوباما أنه سيواصل الضغط على الرئيس كرزاي هذا الأسبوع من أجل بذل المزيد لاستئصال شأفة الفساد ولكن ليس من المحتمل حث كرزاي على تهميش أخيه غير الشقيق المثير للجدل. وفي استعراض للمحادثات التي يجريها أوباما مع كرزاي قلل مسؤولون أميركيون من أهمية التوترات الذي تفجر الشهر الماضي بين كابل وواشنطن. وستكون زيارة كرزاي مهمة لأوباما، في ظل خطة واشنطن لتعزيز قواتها في أفغانستان، حيث سيزيد حجم القوات الأميركية هناك إلى أكثر من 100 ألف جندي على الرغم من تراجع التأييد الشعبي للصراع في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الخلافات، فإن كرزاي سيظل على رأس السلطة في أفغانستان لفترة أخرى تستمر، خمسة أعوام، كما أن نجاح مهمة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) يمثل أمرا حيويا للرئيس الأميركي، الذي بدأ في خفض الجهود في العراق لإنجاز تعهد انتخابي بأن تكون للولايات المتحدة الغلبة في أفغانستان، التي يعتبرها قضية ذات أهمة قصوى بالنسبة للأمن الأميركي.

وسيكون العنصر الأساسي في جدول أعمال كرزاي هو السعي للفوز بمزيد من دعم إدارة أوباما من أجل إجراء محادثات مصالحة مع طالبان.

وكانت الولايات المتحدة وافقت على هذه المصالحة باعتبارها تتم بـ«قيادة أفغانية»، مع التشديد على نبذ مسلحي طالبان للعنف والانصياع. ورحب البيت الأبيض بخطوات كرزاي المعلنة لمكافحة الفساد، التي شملت مطالبات بإفصاح المسؤولين عن الأصول المالية التي يمتلكونها وتشكيل لجنة لإجراء التحقيقات. وقال الليفتانت جنرال، دوغلاس لوت، كبير مستشاري أوباما لشؤون أفغانستان وباكستان: «يعنينا أن نسمع عن اتخاذ خطوات إضافية الأسبوع المقبل، وكيف يمكننا دعم هذه الخطوات». وقال لوت إن كرزاي سيحضر وعدد كبير من وزراء حكومته في إطار خطة لإجراء حوار بين حكومتي البلدين تتناول كثيرا من القضايا، تتراوح بين الأوضاع الأمنية، وتعزيز الحكم الرشيد.

وتأتي لقاءات الأسبوع المقبل قبل عقد مؤتمر دولي هام في 20 يوليو (تموز) المقبل تستضيفه الحكومة الأفغانية للمرة الأولى، ويهدف لمتابعة نتائج مؤتمر سابق كان عقد في يناير (كانون الثاني) الماضي في العاصمة البريطانية لحشد الدعم للحكومة الأفغانية.