قمة تركية ــ سورية ــ قطرية تبحث إيران وعملية السلام.. ولاريجاني في اسطنبول

الأسد: الوسيط التركي أثبت نزاهة ومقدرة في إدارة المفاوضات غير المباشرة

رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا والرئيس السوري بشار الأسد يحييان رجال الصحافة قبيل اجتماعهما في اسطنبول أمس (إ.ب.أ)
TT

شهد اليوم الثاني من زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إسطنبول عقد قمة ثلاثية تركية - سورية - قطرية، وذلك خلال غداء عمل أقامه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للرئيس السوري وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وجاء غداء العمل بعد جلسة مباحثات عقدها أردوغان مع الرئيس السوري في مقر إقامته. كما حضر غداء العمل من الجانب السوري وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان. وأتى الاجتماع الثلاثي بشكل مفاجئ ولم يعلن عنه رسميا حتى انعقاده، في حين بدأت تسريبات إعلامية حول احتمال انعقاده بعد بدء الأسد زيارته إلى تركيا ولقائه الرئيس التركي عبد الله غل أول من أمس، ويأتي الاجتماع الثلاثي بعد سلسلة تطورات تصعيدية في المنطقة منها المناورات العسكرية التي أجرتها إيران في الخليج العربي، ومن ثم المناورات العسكرية السورية - التركية على الحدود المشتركة بينهما، والتهديدات الإسرائيلية لسورية عقب اتهامها بتزويد حزب الله بصواريخ «سكود»، وإصدار الإدارة الأميركية قرارا بتمديد العقوبات المفروضة على سورية عاما آخر. ورجحت مصادر متابعة أن تكون تلك التطورات موضع بحث اللقاء الثلاثي بالإضافة للوضع في العراق بعد الانتخابات. في حين تحدثت مصادر أخرى عن احتمال بحث عقد مؤتمر دولي في إسطنبول لبحث الملف النووي الإيراني وضرورة معالجته عبر الحوار وإيجاد حل سلمي لهذا الملف.

ودعت سورية وتركيا أمس إلى التوصل لحل سلمي للخلاف بشأن برنامج إيران النووي. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله: «نحن متفقون على حق كل الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية وعلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل». وأوضح أن وجهة نظر سورية هي أن يبدأ المجتمع الدولي بالتفتيش في إسرائيل عن الأسلحة النووية وبعدها يستطيعون الحديث عن باقي الدول.

وأكد الرئيس السوري أن أي اتفاق سياسي يجب أن يكون وفقا للقانون الدولي.

من جانبه، أعرب الرئيس التركي عبد الله غل عن أمل بلاده في التوصل لحل دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية.

وكان الرئيس بشار الأسد قد قال خلال محادثاته مع رئيس الوزراء التركي أمس وقبل عقد اللقاء الثلاثي إن «تهديد إسرائيل المتواصل لبلدان المنطقة وترويج الأكاذيب يرمي إلى تشتيت الانتباه عن المشكلة الحقيقية في المنطقة والمتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وتهربها من متطلبات السلام». وجدد الأسد سعي سورية لتحقيق السلام عبر الوسيط التركي الذي «أثبت نزاهة ومقدرة في إدارة المفاوضات غير المباشرة».

وقال بيان رئاسي إن المحادثات تناولت العلاقات الثنائية المتنامية وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وعملية السلام. وجرى التأكيد على «ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في دفع إسرائيل لفك الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة وفتح المعابر وإنهاء الاحتلال وإزالة المستوطنات ووقف انتهاكها للمقدسات الدينية». وفي الموضوع العراقي، أعرب الجانبان عن أملهما في أن تؤدي نتائج الانتخابات العراقية إلى «تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب العراقي وتضمن أمن واستقرار العراق ووحدة أراضيه وتعمل على تحقيق علاقات طيبة مع جميع دول الجوار».

كما عبر الجانبان عن ارتياحهما للمستوى المتميز الذي ارتقت إليه العلاقات بين البلدين، مؤكدين أن هذه العلاقات المبنية على الثقة والمصالح المشتركة باتت تشكل نموذجا للعلاقات بين الدول. وتعد زيارة الرئيس السوري لتركيا هي الثانية خلال تسعة أشهر في الوقت الذي تبذل فيه الدولتان جهودا دبلوماسية لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما. وكان الأسد التقى نظيره التركي أول من أمس السبت ووقع الوفد المرافق له عددا من الاتفاقيات مع المسؤولين الأتراك أبرزها اتفاقية تتعلق بالمنافذ الحدودية بين البلدين. وعلى صعيد متصل، بدأ رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني زيارة تستغرق ثلاثة أيام إلى تركيا أمس. والتقى لاريجاني الرئيس التركي في إسطنبول من دون صدور أي تعليق عقب الاجتماع، بحسب ما أشارت إليه وكالة أنباء «الأناضول» التركية. وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أعلن الجمعة أنه اقترح خلال زيارته الشهر الماضي إلى إيران، عقد اجتماع في تركيا بين كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون كممثلة عن مجموعة «5+1». وتضم مجموعة «5+1» الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي (الصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة) إضافة إلى ألمانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بعد لقائه نظيره التركي مساء الجمعة إن «إيران وافقت على هذه الفكرة. وإذا تم الاتفاق على موعد، فإن هذا الاجتماع قد يعقد قريبا»، بحسب ما أوردت وكالة أنباء «الأناضول». وتعارض البرازيل وتركيا فرض عقوبات جديدة على إيران، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن الدولي، بينما يتهم الغرب إيران بالسعي للحصول على السلاح النووي تحت غطاء برنامج نووي لأغراض سلمية. وسيشارك لاريجاني اليوم في اجتماع لنواب ورؤساء برلمانات 28 دولة إسلامية في إسطنبول للبحث في مشروعات توسيع مستوطنات إسرائيلية في القدس الشرقية أثارت غضب العالم الإسلامي. وسيشارك في الاجتماع الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي ورئيس الوزراء التركي أردوغان. من ناحيته، قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في مقابلة مع صحيفة «الباييس» الإسبانية أمس إنه سيحاول بشتى الطرق الوصول إلى حل مع إيران بشأن برنامجها النووي. وأضاف للصحيفة: «أريد استنفاد كل احتمال ممكن حتى اللحظة الأخيرة للوصول إلى اتفاق مع الرئيس الإيراني حتى تستطيع إيران مواصلة تخصيب اليورانيوم على أن تضمن لنا أنه لأغراض سلمية وحسب». وفي الأسبوع الماضي أبدت إيران تفاؤلا بشأن جهود الوساطة البرازيلية، مرحبة من حيث المبدأ بأفكار تنطوي على إعادة إحياء اتفاق الوقود النووي مع القوى الكبرى. وفي الأسبوع الماضي اتهمت الولايات المتحدة طهران بمحاولة كسب الوقت عبر قبول عرض البرازيل بالوساطة وأعلنت أن واشنطن لن ترجع عن الضغط من أجل اتخاذ الأمم المتحدة عقوبات جديدة ضد طهران.