مصر: البرادعي يخرج من مأزق تصريحاته ضد «الإخوان» بدعوى «سوء الترجمة»

محكمة مصرية تطلق 11 من قياداتها.. ومرشح مستبعد للجماعة في انتخابات الشورى يقاضي وزارة الداخلية

TT

في الوقت الذي أطلقت فيه محكمة جنايات القاهرة 11 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بينهم عضو بمكتب الإرشاد، أغفلت سلطات الانتخابات الإشارة إلى مرشح إخواني بمجلس الشورى في مدينة الإسكندرية شمال البلاد، ولم تدرج اسمه من بين المرشحين الذين أعلنت عن أسمائهم، أمس، كما لم تعلن رفض أوراقه. وقالت مصادر مقربة من لجنة الانتخابات إنه تم قبول أوراقه مبدئيا على أن يستكملها خلال الأيام القليلة المقبلة، ويتم البت فيها أمام لجنة الفحص.

في غضون ذلك نفى الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن يكون قد أساء إلى جماعة الإخوان أو تعرض بالنقد لموقفها من الحريات العامة للمواطنين (مسلمين ومسيحيين) والدولة المدنية، ملقيا باللوم على «سوء الترجمة». وكان علي بركات مرشح الجماعة بدائرة المنتزه بالإسكندرية قد شكى لرئيس لجنة الانتخابات المستشار انتصار نسيم من عدم تمكينه من تقديم أوراقه، فأمر المسؤولين بقبول أوراقه على أن يستكملها فيما بعد.. لكن المسؤولين عن إعلان أسماء المرشحين بالإسكندرية أبلغوا محامي جماعة الإخوان هناك أنه تم استبعاد اسم علي بركات من قائمة المرشحين وأنهم لا يعلمون الأسباب.

وفى تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» قال المرشح المستبعد علي بركات: «إن ما حدث خديعة لن نسكت عليها، حيث تم قبول أوراق ترشيحي وحصلنا على إيصالات وأوراق رسمية تفيد بذلك». ويفسر بركات تصرف وزارة الداخلية على هذا النحو بأنه «يرجع إلى ظروف التهديدات التي سبقت قبول أوراقه من جانب نواب الإخوان بمجلس الشعب المصري الحالي، وأنه في حال عدم قبول أوراق ترشيحي سوف يترشحون هم للانتخابات، الأمر الذي دعا وزارة الداخلية إلى التظاهر بقبول الأوراق»، وتابع بركات: «لكن الحقيقة ظهرت الآن عندما أغلق باب الترشيح وضمنت الداخلية عدم إمكانية تقدم نواب «الإخوان» الحاليين بمجلس الشعب إلى خوض انتخابات مجلس الشورى بعد اطمئنانهم لقبول أوراق ترشيحي، وبالتالي تراجعهم عن الترشح، فقامت الداخلية باستبعاد اسمي من المرشحين لتكون الفرصة للترشح قد فاتت علي وعلى النواب الآخرين».

من ناحية أخرى، أطلقت محكمة جنايات القاهرة أمس سراح القيادي الإخواني البارز الدكتور أسامة نصر الدين عضو مكتب الإرشاد، و10 من قيادات الجماعة المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«قضية القطبيين» (نسبة إلى القيادي الإخواني سيد قطب). وبينما بدا وكأنه محاولة لاسترضاء جماعة الإخوان المسلمين بمصر من جانب قوى سياسية على طرفي نقيض، قالت الجماعة على موقعها الرسمي، إن الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية هاتف الدكتور سعد الكتاتني، عضو مكتب الإرشاد، من فيينا لنفي ما نقلته على لسانه مجلة فرنسية تناول فيها «الإخوان» على نحو اعتبرته قيادات الجماعة «نمطيا وغير لائق».

وقررت محكمة الجنايات إخلاء سبيل الدكتور أسامة نصر الدين عضو مكتب الإرشاد، و10 من قيادات إخوان البحيرة (غرب دلتا مصر) في القضية التي شملت 5 قيادات إخوانية من أعضاء مكتب الإرشاد، من بينهم الدكتور عصام العريان والدكتور محمود عزت نائب مرشد الجماعة، المفرج عنهما منتصف الشهر الماضي.

وكانت سلطات الأمن المصرية قد اعتقلت مجموعة نصر نهاية فبراير (شباط) الماضي، لينضم إلى 4 آخرين من أعضاء المكتب، اعتقلتهم السلطات المصرية أوائل فبراير الماضي، وهو الأمر الذي اعتبرته الجماعة حينها «تصعيدا غير مسبوق» من قبل السلطات المصرية، خاصة أن من بين الموقوفين نائب المرشد العام.

ووجهت النيابة إلى قيادات «الإخوان» تهم تكوين بؤر إرهابية تكفيرية تنتمي إلى الفكر القطبي، وتنظيم معسكرات مسلحة للقيام بأعمال عدائية داخل البلاد، واستثمار قضية فلسطين لإحداث حالة من الفوضى، واستغلال قضية الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر تحت الأرض على حدودها مع قطاع غزة الفلسطيني، لإثارة القاعدة الجماهيرية ضد النظام المصري.

على جانب آخر، نفى الدكتور محمد البرادعي رئيس الجبهة الوطنية للتغيير ما نشرته صحيفة محلية مصرية نقلا عن مجلة «باري ماتش» الفرنسية، وأثار غضب قيادات «الإخوان»، حين تحدث عن ضرورة احترامهم لـ«حق الآخرين في الحياة بشكل مختلف»، مقدما صورة «نمطية» عن الجماعة، على حد تعبير قياداتها.

وقال الدكتور سعد الكتاتني، إنه تلقى اتصالا هاتفيا من البرادعي نفى خلاله ما نقل عنه، وأنه افتقر إلى الدقة في الترجمة، خاصة فيما تعلق بإقناعه «الإخوان» بالدولة العلمانية، حيث أكد البرادعي أنه أرسل تصويبا للصحيفة التي نقلت الخبر، يؤكد أن «ما دار في لقائه مع الكتاتني تناول الكثير من القضايا الخاصة بالإصلاح والديمقراطية ورأي (الإخوان) فيها، وأن (الإخوان) أكدوا بالفعل دعوتهم إلى دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، باعتبار أن الدولة في الإسلام هي مدنية في الأساس، وأنه مقتنع بأن الدولة العلمانية هي التي تحقق مشاركة الجميع فيها بحرية وديمقراطية، ولم يقل إنه أقنع (الإخوان) بذلك».

وأبرز الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين نفي البرادعي، وقال: «وكانت المجلة سألت البرادعي عن المناقشات التي دارت مع (الإخوان) والتي فاجأت الغرب، فرد البرادعي قائلا: (إن الإخوان هم القوة السياسية الأولى في مصر، وعلى الرغم من القيود المفروضة عليهم فإنهم تمكنوا من حصد 20 في المائة من مقاعد مجلس الشعب المصري، ولها باع كبير في خدمة الفقراء، ويقومون بتعليمهم ورعايتهم في المساجد)».

يذكر أن لجماعة الإخوان المسلمين تمثيلا في جمعية البرادعي (الجمعية الوطنية للتغيير)، حيث شارك في اجتماعها التأسيسي الأول الدكتور سعد الكتاتني، عضو مكتب الإرشاد (الهيئة الإدارية والقيادة التنفيذية العليا بالجماعة)، لكن «الإخوان» أكدوا في مناسبات مختلفة أن مشاركتهم في الجمعية لا تعني بالضرورة دعمهم للدكتور البرادعي كمرشح للرئاسة.