ماروني لـ«الشرق الأوسط»: واجهنا في زحلة جبهة عريضة.. ولائحة سكاف فازت بأصوات الشيعة وبالمال

القوى السياسية تعيد حسابات الربح والخسارة بعد انتخابات البقاع البلدية

TT

طوت الأحزاب والكتل والتيارات السياسية صفحة الانتخابات البلدية والاختيارية في منطقة البقاع اللبناني، وما سبقها ورافقها من شعارات وحملات واتهامات متبادلة، وانصرفت إلى مراجعة نتائجها في ميزان الربح والخسارة السياسية والشعبية. وأيا كانت التفسيرات والتحليلات وحتى التبريرات لما جرى، فإن المعركة الشرسة في بعض مناطق البقاع، وخصوصا عاصمته زحلة، خلقت واقعا جديدا على الأرض تمثل في الفوز الساحق للائحة الوزير السابق إلياس سكاف، الذي استعاد من خلاله وهجه السياسي في «عاصمة الكثلكة» بعدما فقد هذا الوهج في الانتخابات النيابية العام الماضي، وكرّس نفسه رقما صعبا ومرجعية سياسية في هذه المدينة لا يمكن بعد اليوم تجاوزها، في وقت كان سياسيو 14 آذار الذين منوا بهزيمة مؤلمة في بلدية زحلة يقدمون مقاربة مختلفة لما جرى على الأرض، وفي مقدمهم النائب إيلي ماروني، الذي أكد أن خسارة «الكتائب» و«القوات اللبنانية» في زحلة كان منطقيا في مواجهة جبهة عريضة لم توفر وسيلة إلا واستخدمتها ضدهما. وكذلك كانت مقاربة تيار المستقبل عن مبررات خسارته في بعض بلدات البقاع الغربي التي تعتبر مركزا أساسيا في ثقله الشعبي.

وبدا أمس أن نواب زحلة المنضوين في قوى 14 آذار قد سلموا بخسارتهم في المعركة البلدية بعاصمة البقاع، حيث أقر عضو كتلة نواب زحلة، النائب إيلي ماروني، أن «لائحة المهندس جوزيف دياب المعلوف المدعومة من حزب الله وحركة أمل، والوزير السابق إلياس سكاف، وضمنا التيار الوطني الحر فازت بـ19 عضوا، فيما خرقت لائحة المهندس أسعد زغيب بعضوين، أما بالنسبة إلى المخاتير فإن قوى 14 آذار لم تخض معركة بل تركت للعائلات أن تختار، وقد نسب سكاف فوز المخاتير إليه بمن فيهم مخاتير حزب الله وأمل في المدينة».

وقال ماروني لـ«الشرق الأوسط» إن «الجبهة التي كانت تواجه حزب الكتائب والقوات اللبنانية منفردين، كبيرة، وتضم إلى جانب سكاف (الوزير السابق خليل)، الهراوي، وجماعة (النائب نقولا) فتوش وحزب الله وحركة أمل، اللذين جيّرا للائحة سكاف 4500 صوت شيعي، إضافة إلى التيار الوطني الحر، الذي أعطى كلمة السر لمناصريه لينتخبوا اللائحة الفائزة وهذا ما أعلنه (النائب السابق) سليم عون، ولا ننسى كيف استقدموا المجنسين من سورية، وكذلك دفع المال من قبل الوزير السابق سكاف بشكل لم تشهد زحلة مثيلا له، فكان ثمن الصوت الواحد 500 دولار، وهذه الأموال الضخمة التي وضعت بتصرفه معروف مصدرها، بينما كنا نحن خاليي الوفاض».

وأشار إلى أن «اللائحة الثالثة التي كانت برئاسة وليد الشويري، والتي نالت 2000 صوت شكّلت لمهمة واحدة هي إسقاط 14 آذار، وهذا ما ترجم بالزيارة التي قام بها أعضاء اللائحة إلى سكاف اليوم (أمس) لتهنئته بفوز لائحته». وأضاف: «كنا حزبا في مواجهة كل هذه التحالفات مع جبابرة المال، ومنهم وديع العبسي، وهو أحد المتمولين الذي يأتي في كل استحقاق انتخابي إلى زحلة لإمداد سكاف بالمال».

وإذ رفض ماروني مقولة أن سكاف استرد زعامة زحلة السياسية بعد خسارته الانتخابات النيابية العام الماضي، قال «إذا كانت البلدية تصنع الزعامة فنحن فزنا بعدد كبير من البلديات، ولو أخذنا بهذا المنطق لوجدنا أن لائحة 14 آذار هي التي فازت مسيحيا في زحلة، غير أن الأصوات الشيعية التي صبت بكاملها للائحة سكاف وعددا كبيرا من أصوات السنة، نجد أن سكاف استعاد الزعامة المزعومة بأصوات هؤلاء وليس بأصوات المسيحيين». ولفت إلى أنه «في الفترة التي سبقت الانتخابات لمسنا حركة كبيرة لصالح سكاف من قبل الأجهزة الأمنية الحالية والسابقة بمن فيهم اللواء جميل السيد، الابن المدلّل للنظام السوري، وبدت بصماته واضحة في اللائحة المنافسة لنا. وهذه المعلومات سبق أن سربت من قبل سكاف نفسه».

وأكد ماروني أن «المعركة السياسية في زحلة انتهت مع إعلان نتيجة الانتخابات، ومن الآن فصاعدا هناك معركة إنمائية لدى المجلس البلدي، الذي من واجبه الاهتمام بشؤون الناس وحاجاتهم وخدمة مدينتهم».

من جهته، اعتبر سكاف في تصريح له «أن انتصار لائحته في زحلة، هو انتصار للمدينة وكل أبنائها بمختلف انتماءاتهم».وأشار إلى أن قوى 14 آذار استعملوا في الانتخابات البلدية الطريقة نفسها التي استعملوها في الانتخابات النيابية السابقة ولكن هذه المرة لم ينجحوا، متسائلا: «أين يوجد مجنسين في قلب مدينة زحلة؟». ودعا قوى 14 آذار إلى التحلي بالجرأة، واعتماد خطاب سياسي لا يشوه الحقيقة ويكون غير مبني على الكذب. وردا على سؤال حول إمكانية عقد لقاء مع العماد ميشال عون، قال سكاف: «لست مختلفا مع أحد، ومستعد للقاء عون، فلا خلاف معه، وأنا لم أكن يوما من التيار الوطني الحر بل من المعارضة». أما على صعيد المعارك الانتخابية التي شهدها البقاع الغربي، فقد شكلت النتائج في بعضها صدمة، تمثلت في خسارة قوى سياسية مثل تيار المستقبل لبلديات في قرى وبلدات تشكل خزانا بشريا لشعبيته، مثل بلدية جب جنين، التي لم يحصل فيها إلا على عضوين من أصل 15، والقرعون التي نال فيها 4 من أصل 15 وغيرهما. وعزا منسق تيار المستقبل في البقاع الغربي، جهاد الدسوقي، خسارة تياره في بعض البلديات «إلى كون التنافس كان بين العائلات، وحتى بين العائلات المؤيدة للتيار». وأوضح الدسوقي لـ«الشرق الأوسط»أن «معركة بلدية جب جنين كان معظم ناخبيها من تيار المستقبل»، مشيرا إلى أن التيار دعم صراحة اللائحة التي ترأسها العميد محمد قدورة الملتزم سياسيا معه، «في حين أن رئيس اللائحة الفائزة خالد شرانق لا يعبر صراحة عن سياستنا، بينما 90 في المائة من عائلته، وهي الأكبر في البلدة، مؤيدون للتيار، إلا أنهم صوتوا له بخلفية عائلية وبنسبة مائة في المائة». وأكد الدسوقي أن «خسارة بلدية أو اثنتين لا تعني خسارة سياسية، والدليل على ذلك أننا في السياسة ربحنا في بلدة غزة (بلدة الوزير السابق عبد الرحيم مراد)، وحصلنا على تسعة مقاعد من أصل 15 مقعدا، وكذلك الحال بالنسبة إلى بلدية الخيارة التي كانت لحزب البعث، وفازت بها اللائحة التي ندعمها».