منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تقبل عضوية إسرائيل.. والتحرك العربي لم يجدِ نفعا

الدول النافذة صمت آذانها عن المطالب العربية ورفضت التأجيل

TT

صوتت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) في جمعيتها العامة، أمس، بالإجماع على انضمام إسرائيل إليها، بينما لم تجدِ نفعا الاحتجاجات الفلسطينية ولا الضغوط العربية في ثني الدول الرئيسية الفاعلة فيها على منع انضمام إسرائيل، أو على الأقل على «تأجيل» انضمامها إلى هذه المنظمة الاقتصادية الدولية التي تتخذ من باريس مقرا لها.

وتضم المنظمة 31 بلدا هي الدول الصناعية الأساسية وبلدانا من أوروبا وأميركا اللاتينية، والبلد المسلم الوحيد العضو في المنظمة هو تركيا. ولا تنتمي روسيا أو الصين أو البرازيل أو الهند لهذه المنظمة التي تأسست عام 1961، وكانت تشيلي آخر بلد قبلت عضويته، بينما تغيب عنها الدول العربية كافة. وقد استضافت المنظمة مؤخرا مؤتمرا دوليا حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع في باريس إن الدول العربية لم تقم بـ«مبادرة جماعية»، لدى الدول الفاعلة في المنظمة إنما جاءت المبادرات «فردية»، وانبنت على حجة أن قبول إسرائيل في الوقت الحاضر سيكون بمثابة «رسالة سيئة»، للقادة الإسرائيليين وأن المعايير الفنية المطلوبة للعضوية «ليست متوافرة لدى إسرائيل»، بالإضافة إلى طبيعة ممارساتها الاقتصادية في المستوطنات القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبقبولها عضوا في المنظمة تكون إسرائيل قد حققت «إنجازا» سياسيا - اقتصاديا، يضاف إلى ما حققته من رفع مستوى علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وهو ما تحقق لها قبل أسابيع قليلة من حربها على غزة. وعلم من مصادر متطابقة في باريس أن إسرائيل استفادت من ضغوط أميركية - أوروبية لتسريع انضمامها رسميا إلى المنظمة. وصمت هذه الدول آذانها لما طلبته منها الأطراف العربية، وكان رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، قد قاد حملة دبلوماسية ضد إسرائيل فقام بالكتابة إلى وزراء خارجية الدول الـ31 لإقناعهم بالاقتراع ضد انضمام إسرائيل. غير أن هذا الطلب لم يكن له أي تأثير بالنظر إلى الإجماع الذي حصلت عليه إسرائيل، أمس. وقد ركز فياض في رسالته على انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وهو ما يخالف بشكل فاضح قيم المنظمة.

واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هذا القرار تاريخيا بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، ستتدفق في أعقابه الاستثمارات الأجنبية بعدة مليارات من الدولارات وتحدث ثورة في النمو الاقتصادي. وقرر نتنياهو أن يسافر في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، إلى مقر المنظمة في باريس، وذلك في جلسة احتفالية بمناسبة ضم إسرائيل. ومن المقرر أن يرافق نتنياهو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير المالية يوفال شطاينتس، ووزير الصناعة والتجارة والأشغال بنيامين بن إليعازر. واعتبر شطاينتس أن إسرائيل حققت «انتصارا تاريخيا» وأنها «ثبتت شرعية إسرائيل سياسيا وكبلد متقدم يحفظ حقوق مواطنيه ويبذل جهودا للمحافظة على البيئة».

وبحسب المصادر الإسرائيلية فإن إسرائيل قد هيأت نفسها في السنوات الأخيرة لطلبات المنظمة في عدد من المجالات، لكي تنضم إليها، ومن بينها جودة البيئة والاستثمارات، ونظافة الصفقات الدولية من الرشوة، والمواد الخطيرة، والتأمين والتقاعد والعلوم والتكنولوجيا والحوسبة والاستهلاك.

وكانت هذه المنظمة قد امتنعت عن ضم إسرائيل سنوات طويلة، باعتبار أن الدول الأعضاء فيها تتمتع بمستوى من الديمقراطية والأداء الاقتصادي والسياسي غير الموجود في إسرائيل. وحتى السنة الماضية، صدر تقرير عن المنظمة يدين السياسة الإسرائيلية بسبب التمييز العنصري ضد المواطنين العرب (فلسطينيي 48) والاحتلال والفساد والفقر. ولكن إسرائيل ردت على التقرير بالتعهد بتغيير هذه السياسة بشكل تدريجي. فقبلوها.

وتوجه عضو الكنيست جمال زحالقة، رئيس حزب التجمع الوطني في إسرائيل، برسالة إلى سكرتير عام المنظمة يحتج فيها على قبول إسرائيل لعضويتها قائلا إن هذا «سيعطي الشرعية لممارسات دولة إسرائيل الاحتلالية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان الاقتصادية والسياسية، فضلا عن النظام العنصري الذي تمارسه مؤسسات الدولة تجاه المواطنين العرب في الداخل». وجاء في الرسالة أن إسرائيل لا تفي بالشرط الذي وضعته المنظمة لقبول الدول وهو أن يكون نظامها «ديمقراطية تعددية تحفظ سلطة القانون وحقوق الإنسان».

وكانت المنظمات الداعمة للفلسطينيين في باريس عبأت صفوفها وقامت بحملة نشطة حتى صباح أمس من الاتصالات والتحركات والمسيرات والمظاهرات والرسائل في محاولة منها لثني المنظمة الدولية عن ضم إسرائيل إليها وكانت قد قامت بالشيء نفسه لمنع إعطاء اسم بن غوريون، أول رئيس لدولة إسرائيل لإحدى ساحات نهر السين، قريبا من برج إيفل.

وفي المناسبة عينها، تم قبول عضوية دولتين أخريين هما أستونيا وسلوفانيا. وأشار الناطق باسم الخارجية الفرنسية، أمس، إلى أن بلاده دعمت عضوية إسرائيل التي «قبلت بالإجماع» وأنها حرصت على أن تكون عملية القبول مبنية على المعايير الاقتصادية التي حددتها المنظمة. وبذلك سعت باريس إلى فصل الانضمام عن الواقع السياسي لتفادي الانتقادات.

وأعلن أمين عام المنظمة المكسيكي، أنجيل غوريا، أن احتفالا سيتم في مقرها في 27 الحالي بحضور قادة الدول الأعضاء الجدد وبحضور رئيس الحكومة الفرنسية، فرنسوا فيون. ورأى غوريا في بيان أن الأعضاء الجدد «سيسهمون في جعل المنظمة منفتحة ومتنوعة، وأن تلعب دورا أكثر أهمية في الاقتصاد العالمي». وكان تجمع من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط قد انتقد قرار المنظمة الدولية متهما إياها بأنها «رسمت الحدود الاقتصادية التي تقوم عليها إسرائيل بحيث ضمت إليها الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس التي ضمت بشكل غير شرعي» إلى إسرائيل داعيا إلى احتجاج على قرار الانضمام.