الجزائر: جدل سياسي وقانوني حول «محاولات عرقلة» سير التحقيق في ملف اغتيال مدير الأمن

بعد إلغاء إعادة تمثيل الجريمة في المكان الذي وقعت فيه

TT

يثير التحقيق في اغتيال مدير الأمن الجزائري، العقيد علي تونسي، جدلا في الأوساط السياسية والقانونية بسبب أنباء عن «عرقلة» سير التحري من خلال إلغاء أهم محطة فيه، وهي إعادة تمثيل الجريمة، في المكان الذي وقعت فيه يوم 25 فبراير (شباط) الماضي.

وأفاد مصدر مطلع على التحقيقات القضائية المتعلقة بمقتل العقيد تونسي، أن دفاع القاتل المفترض العقيد شعيب ولطاش، يعتزم تنظيم مؤتمر صحافي للتعبير عن استنكاره لما يعتبره «محاولات لإخفاء كل الجوانب المحيطة بظروف الحادثة»، التي تعتبر أبرز حدث عرفته البلاد في السنوات العشر الماضية.

وذكر نفس المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن عائلة الضحية تونسي، باعتبارها طرفا مدنيا في القضية، طلبت من قاضي التحقيق الاستماع إلى أشخاص تعتقد أن شهاداتهم حول القضية مهمة لكشف ملابساتها. ويأتي على رأسهم، أمين عام وزارة الداخلية، الذي كان من الأوائل الذين انتقلوا إلى مسرح الجريمة دقائق بعد وقوعها، ومدير الأمن الوطني بالنيابة عبد العزيز العفاني، الذي كان في مقر المديرية عند وقوع الجريمة.

ورفض القضاء طلب العائلة بدعوى أن الشخصين لن يقدما أي شيء مفيد في القضية. وكان وزير الداخلية، يزيد زرهوني، استبعد تلقيه استدعاء من قاضي التحقيق للاستماع إليه حول تصريحات نقلتها عنه الصحافة، مفادها أن دوافع الاغتيال «قضايا شخصية بين الرجلين».

يشار إلى أن تونسي تعرض في مكتبه لطلقات نارية من طرف ولطاش الذي كان صديقا له ومن أبرز مساعديه. ورغم مرور قرابة ثلاثة أشهر على الحادثة، لا يزال الرأي العام يجهل الأسباب التي دفعت ولطاش إلى قتل تونسي. ويوجد القاتل حاليا في سجن سركاجي بأعالي العاصمة، ووجهت إليه تهمة «القتل العمد مع سبق الإصرار».

ونقلت المصادر نفسها عن دفاع ولطاش رفضه مبررات ساقها النائب العام في العاصمة، بخصوص أسباب إلغاء إعادة تمثيل الجريمة التي كانت مقررة يوم 2 من الشهر الحالي. وذكر النائب العام للصحافة أن هذه المحطة الهامة في مسار التحقيق، تأجلت بسبب عدم تماثل ولطاش للشفاء بعد أن خضع لعملية جراحية إثر إصابته برصاصة أطلقها عليه أحد كوادر الأمن، لما خرج القاتل من مكتب العقيد تونسي غاضبا.

ويقول الدفاع إن في حوزته تقارير طبية تؤكد أنه يتمتع بصحة جيدة تسمح له بإجراء إعادة تمثيل الجريمة.وترى الأوساط القضائية أن إعادة تمثيل الجريمة، محطة يمكنها أن تكشف عن عناصر جديدة في القضية، قد تغير من مسار التحقيق. ويثير إلغاؤها، أو على الأقل عدم تحديد موعد آخر لإجرائها بعد إلغاء الموعد الأول، شكوكا حول محاولات محتملة لتجاوزها.

وتوجد سوابق على تخطي إعادة تمثيل الجريمة في قضايا كبيرة، أهمها ملف اغتيال الرئيس محمد بو ضياف في 29 يونيو (حزيران) 1992، فإلى اليوم لم يطبق هذا الإجراء على القاتل المدان، العسكري مبارك بو معرافي.وما زاد ملف اغتيال تونسي إثارة، هو إبعاد الحقوقي والمحامي المعارض مقران آيت العربي من القضية. فقد تقدم للدفاع عن ولطاش قبل شهر، وصرح للصحافة أن وزارة الداخلية «تجاوزت الحدود» عندما ذكرت أن القاتل أصيب بنوبة جنون كتفسير لاستخدام سلاحه الناري ضد الضحية.

وبعد التصريح، قالت عائلة ولطاش إن آيت العربي «لم يكلفه أي أحد بالدفاع عن المتهم»، وإن كلامه عن الوزارة «يعنيه وحده». وتحدث المحامي عن «ضغوط» تعرضت لها العائلة بعد هجومه على وزارة الداخلية.