باكستان: توسع في الحركات المسلحة ذات الأهداف العالمية

طالبان: خلايانا تعمل في كل مكان.. والمجندون الجدد غربيون «تحت الملاحظة» قبل الوصول إلى المعسكرات

TT

تعكس محاولة تفجير ميدان «تايمز»، التي يتهم فيصل شاه زاد بالوقوف وراءها، ما يقول خبراء إنه شبكة دعم مسلح تنتشر داخل باكستان، ويحدوها حماس لتجنيد إرهابيين من مختلف أنحاء العالم.

وداخل هذه المدينة الجنوبية، تركز السلطات على فصيل مسلح محلي ربما أخذ شاه زاد إلى قمم شمالية نائية، حيث يزعم محققون أميركيون أنه حصل على تدريب مع حركة طالبان الباكستانية. ويقول مسؤولون استخباراتيون إن تنظيمات متطرفة تقوم بحرية ببناء مجمعات في مناطق داخل باكستان، فيما تقوم عناصر تابعة لهذه التنظيمات بالقتال مع حركة طالبان في المناطق الحدودية.

ويقول مسؤول أميركي في مجال مكافحة الإرهاب إن الصورة الإجمالية تتضمن حركة تسلح تدعم تنظيم القاعدة وحركة طالبان بالأموال وتوفر لهما منازل آمنة، ويمكن أن تساعد الإرهابيين المحتملين على الوصول إلى معسكرات تدريب في الجبال.

وعلى الرغم من أن المخططين لمعظم المؤامرات الإرهابية الخطيرة ضد الغرب خلال الأعوام الأخيرة حصلوا على تعليمات أو تدريب من تنظيمات في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، فإن مدى انتشار التنظيمات المتطرفة داخل باكستان يظهر حدود هجمات الجيش الباكستاني والضربات الجوية الأميركية التي تستهدف حركة طالبان وتنظيم القاعدة على الحدود فقط.

وقال مقاتل تابع لحركة طالبان باكستان، في حوار أجري معه عبر الهاتف: «تعمل خلايانا في كل مكان». وأشار إلى أن المجندين الأجانب الجدد - البعض منهم أوروبيون وأميركيون - يخضعون لأيام من العزلة و«ملاحظة تامة» من قِبل المسلحين خارج المناطق القبلية قبل أن يسمح لهم بالوصول إلى المعسكرات.

وقال المقاتل في حركة طالبان إن الكثير من هؤلاء الطموحين لا يصلون إلى المعسكرات لأنه يُنظر إليهم على أنهم جواسيس. وقد حدث ذلك مع خمسة رجال من شمال ولاية فيرجينيا رفضهم جيش محمد وعسكر طيبة العام الماضي على الرغم من إشارة مجند إلكتروني، حسب ما أفادت به سلطات باكستانية. ويقول مسعود شريف خطاك، الرئيس السابق لمكتب الاستخبارات، إن هؤلاء الطموحين يمثلون فرصة «واحدة في المليون» للمسلحين كي ينفذوا ضربات داخل الغرب.

ويقول المقاتل الطالباني إن المحطة الأولى لهم لا تكون جبال وزيرستان، حيث قال شاه زاد لمحققين أميركيين إنه تدرب، ولكن على بعد 1000 ميلا جنوبا في كراتشي.

وتقول الشرطة إن هذه المدينة تمتلئ بالسلاح وتنتشر فيها المساجد، وتوزع الأدبيات الجهادية بحرية، ويمكن أن يلقي رجال الدين خطبا معادية لأميركا. وتقع المدينة على بحر العرب ويبلغ عدد سكانها 18 مليون شخص. ومن بين هذه المساجد، مسجد البعثة ومعهد ديني، وهو عبارة عن مبنى متواضع يعرف محليا بأنه معقل لتنظيم جيش محمد المحظور. وتقول السلطات إنها ألقت القبض على رجل داخل المسجد صحب شاه زاد إلى مدينة بيشاور الشمالية الغربية.

وتجد عناصر تابعة للتنظيمات الجهادية في باكستان ملاذا على ضوء الأعراق المتنوعة داخل مدينة كراتشي، وقد ألقي القبض على الملا عبد الغني باردار نائب زعيم حركة طالبان الأفغانية، داخل هذه المدينة في وقت سابق من العام الحالي.

وتشكل هذه التنظيمات شبكة، حسب ما أفادت به تقارير استخباراتية محلية حديثة. ويحذر تقرير حصلت صحيفة «واشنطن بوست» على نسخة منه من خطط تتم بالتنسيق بين حركة طالبان الباكستانية، ومقرها المناطق القبلية وتركز على تنفيذ هجمات داخل باكستان، والتنظيمات المسلحة المعادية للهند بمنطقة البنجاب. والهدف هو قوافل إمداد «الناتو» في كراتشي.

وفي الشمال داخل البنجاب، يقول خبراء إن التنظيمات المسلحة المعادية للهند والتنظيمات السنية الراديكالية الأخرى تحتاج إلى مقدار قليل من التغطية، حيث إنها تنظيمات متسامحة وتحصل على دعم من الدولة. وقد شكّلت تنظيمات محظورة مثل «عسكر طيبة» و«جيش محمد» تنظيمات تحمل أسماء جديدة وتعمل بحرية. وقد ألقي القبض على بعض قيادات هذه الحركات إثر مزاعم بأن لهم علاقات بهجمات إرهابية، وبعد ذلك أطلقت المحاكم سراحهم.

وخلال الأعوام الأخيرة ركزت التنظيمات الهجمات داخل البنجاب، في الوقت الذي كان يسعى فيه مسؤولون محليون لاسترضائهم، للاستفادة من شعبيتهم وأملا في جعل أفكارهم معتدلة.

وقد وجهت انتقادات واسعة إلى المسؤول الرئيسي في المحافظة شاهباز شريف في مارس (آذار) لدعوته طالبان الباكستانية إلى «تجنب البنجاب» التي أشار إلى أن لها قضية مشتركة مع المسلحين عن طريق رفض الإملاءات الغربية. وقام مسؤول محلي آخر بزيارة معهد تنظيم محظور. وقام جيش محمد أخيرا ببناء مجمع يحيط به سور كبير في مدينة باهاوالبور، جنوب البنجاب.

ويقول أحمد رشيد، وهو خبير باكستاني بارز مختص بالتطرف الإسلامي وحركة طالبان: «لم تتأثر هذه التنظيمات، وقد حولوا أسلحتهم إلى الداخل وتواصلوا مع تنظيمات أخرى في الشمال الغربي، ولكن لا يعترف أحد بذلك. ومعروف أنه إذا كانت لك علاقة معهم فأنت آمن».

كما يعتقد على نطاق واسع أن تكتيكات مكافحة الإرهاب التي استخدمت في المناطق القبلية، مثل الصواريخ والعمليات المسلحة، غير ذات جدوى في المناطق الداخلية في باكستان ذات الكثافة السكانية الكبيرة. ولكن يقول منتقدون إن الشرطة الباكستانية والهيئات الأمنية والمسؤولين يمكنهم على الأقل بدء تضييق الخناق على التنظيمات المتطرفة بانتقادها علنا، ومراقبة المساجد والمدارس الدينية ومنع التنظيمات المرتبطة بالعمل المسلح من الحصول على مساحات عامة أو ممتلكات شخصية.

وتقول باكستان إنها لا تزال تُجري تحقيقا حول مدى علاقات شاه زاد المسلحة، ويقول بعض المسؤولين الأمنيين إن شاه زاد له بالتأكيد علاقات مع جيش محمد. ويقول محلل الإرهاب محمد أمير رنا إن ما يبدو أنه غياب للإرادة السياسية للتعامل مع التنظيمات الإرهابية داخل باكستان يؤدي إلى مشكلة لها تبعات أكبر على المعركة العالمية ضد الإرهاب، حيث إن وجود التنظيمات وانتشارها داخل المدن جعل منها وحشا لا يمكن السيطرة عليه بسهولة. ويضيف: «الأمر معقد للغاية، فلديهم بنية تحتية في مختلف المناطق».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»