ثالث امرأة للمحكمة العليا.. ليبرالية لخلق توازن مع قاضيين محافظين اختارهما بوش الابن

تزاملا طالبين في هارفارد وأستاذين في شيكاغو

TT

أعلن الرئيس باراك أوباما أمس اختيار الينا كاغان، لتكون ثالث امرأة في المحكمة العليا (التي تفسر الدستور). في السنة الماضية، بعد فوزه برئاسة الجمهورية، اختار أوباما كاغان مدعية عامة في وزارة العدل بعد أن كانت عميدة كلية القانون في جامعة هارفارد.

قبل 20 سنة تقريبا، كان الاثنان طالبين في نفس الكلية. (عمرها 50 سنة، وعمره 49 سنة). ثم تزاملا أستاذين في جامعة شيكاغو، بداية من سنة 1991 ولخمس سنوات. (تزوج باراك سنة 1991، بعد أن انتقل إلى شيكاغو. ولم تتزوج كاغان، وليس لها أولاد أو بنات).

وأمس، في حفل كبير في البيت الأبيض، أعلن أوباما اختيارها، وكانت تقف إلى يساره، ووقف نائبه جوزيف بايدن إلى يمينه. ووصف أوباما كاغان بأنها «صديقتي». وأشار إلى أنها كانت أول امرأة عميدة لكلية القانون في جامعة هارفارد. ووصفها بأنها «تريلبريز» (رائدة). وتهتم بالجوانب الاجتماعية للقانون. وأنها «ممتازة، ومستقلة، ومحايدة وعطوفة على القانون».

وقال إن هذه تشبه صفات جون ستيفنز، قاضي المحكمة العليا الذي أعلن، قبل شهرين، تقاعده، وستخلفه كاغان.

وردت كاغان، وشكرت أوباما، وقالت إن القانون «ليس رياضة ذهنية، أو كلمات مكتوبة، ولكنه الذي يؤثر على حياة الناس».

وصارت كاغان ثاني اختيار لأوباما في المحكمة العليا. قبل 3 شهور، اختار سونيا سوتومايار، من أصل لاتيني، لعضوية المحكمة. وهي أيضا من نيويورك، وأيضا ليبرالية.

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن أوباما، عندما فاز برئاسة الجمهورية، كان يريد اختيار كاغان وزيرة للعدل. لكنه، في آخر لحظة، فضل اختيار أول وزير عدل أسود: إيريك هولدر.

وقالوا إن أوباما اختار أكاديمية ليبرالية لسببين، أولا لإعادة التوازن في المحكمة بعد أن كان الرئيس السابق بوش الابن اختار قاضيين يعتبران من المحافظين. ثانيا لتقدر الأكاديمية كاغان على مواجهة رئيس المحكمة جون روبرتز، المحافظ والمشهور بذكاء في المداولات القانونية.

هذا بالإضافة إلى أن كاغان عمرها 50 سنة، وهذا عمر صغير نسبيا في المحكمة العليا التي يبلغ متوسط عمر القاضي فيها 70 سنة، والتي يبقى فيها القاضي حتى يموت أو يعجز عن العمل. يعني هذا أن كاغان ربما ستظل عضوا في المحكمة لـ30 سنة قادمة.

هذا بالإضافة إلى اعتقاد أوباما بأن المحكمة العليا تحتاج إلى مزيد من النساء، خاصة الليبراليات. والآن صار عددهن 3. ويظل في المحكمة 6 رجال، منهم اثنان معتدلان، و4 محافظون.

قبل 30 سنة، اختار الرئيس ريغان أول امرأة لعضوية المحكمة: ساندرا اوكنور التي تركت المحكمة قبل 10 سنوات بسبب سوء صحتها. منذ 40 سنة، هذه أول مرة يختار فيها رئيس أميركي مرشحا أكاديميا، وليس عضوا في الهيئة القضائية. وكان الرئيس نيكسون اختار اثنين. وقال في ذلك الوقت إن المحكمة العليا يجب أن لا تكون كلها ممارسة قانونية، وأنها تحتاج إلى تفكير أكاديمي.

في ذلك الوقت، قال: «تستفيد الولايات المتحدة أكثر من وجود جدل ومناظرات في محكمتها العليا، وليس فقط تطبيق قوانين. كلما تتجدد نظرتنا للقانون، نضع قانونا متجددا، من دون التأثير على حياد القانون». ويبدو أن أوباما يريد نفس الشيء في المحكمة العليا. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «لأن كاغان لم تكن قاضية، لن يقدر الذين سيعارضونها على التنقيب في قراراتها القضائية في الماضي. لن يقدروا على أن يقولوا إنها حكمت بكذا في القضية كذا يوم كذا». لكن، أضافت الصحيفة: «سيؤثر غياب خبرات قضائية على رأي الناس في المحكمة، وهي أنها لتفسير القانون، وليس للنقاش حول القانون». ولاحظت صحيفة «نيويورك تايمز» أن كاغان ستكون من «مفكري الساحل الشرقي»، إشارة إلى مثقفي الولايات الشرقية، وخريجي جامعاتها، مثل: هارفارد وبرنستون وييل وكولمبيا. وقالت إن اختيارها سيزيد أسهم هؤلاء في المحكمة العليا. لكنه سيجعل الولايات الغربية والوسطى تحس بأنها لا تمثل في المحكمة.

في سنة 1960، ولدت كاغان في نيويورك، وكان والدها محاميا، ووالدتها مدرسة. درست الثانوية في نيويورك، ثم ذهبت إلى جامعة برنستون حيث نالت، سنة 1981، البكالوريوس في التاريخ، بدرجة تفوق. منذ ذلك الوقت، ظهرت ميولها الليبرالية، وكان موضوع ورقتها الرئيسية لنيل البكالوريوس: «الاشتراكية في نيويورك مع بداية القرن العشرين». وكانت رئيسة تحرير صحيفة الجامعة: «ديلي برنستونيان» في سنة 1983، نالت ماجستير قانون من جامعة أكسفورد. وفي سنة 1986، نالت دكتوراه قانون من جامعة هارفارد. وهناك كانت رئيسة تحرير الدورية القانونية: «لو ريفيو». بعدها بسنتين، صار أوباما (الذي يصغرها بسنة واحدة) رئيسا لتحرير نفس الدورية. كانت أول امرأة تفعل ذلك، وكان أول أسود يفعل ذلك.

بعد الجامعة، جاءت كاغان إلى واشنطن حيث عملت مع قاضي المحكمة العليا الأسود ثيرغود مارشال. وتطابق ذلك مع ميولها الليبرالية، وعطفها على الأقليات. ثم عملت محاميا في واشنطن. ثم عادت إلى العمل الأكاديمي سنة 1991، في جامعة شيكاغو، حيث قضت 5 سنوات. في نفس السنة، كان أوباما أكمل دراسة القانون في جامعة هارفارد، وبدلا عن المجيء إلى واشنطن للعمل مع قاضي محكمة عليا، كما يفعل كثير من خريجي القانون في هارفارد، ذهب مباشرة إلى كلية القانون في جامعة شيكاغو. قضى أوباما أكثر من 10 سنوات هناك. وقضت كاغان 5 سنوات. وتفارقا سنة 1996، عندما تركت كاغان الجامعة، لتعمل مستشارة قانونية في البيت الأبيض في عهد الرئيس كلينتون.

ومع مجيء الرئيس بوش الابن إلى البيت الأبيض، عادت كاغان إلى العمل الأكاديمي، في كلية القانون في جامعة هارفارد. وبعد سنتين، اختيرت أول امرأة عميدة للكلية. عندما كانت أستاذة في جامعة شيكاغو، كتبت عن مواضيع مثل: «حرية التعبير والتعبير عن الكراهية»، و«الرأي الخاص والهدف العام»، و«دور الحكومة في تأمين الحرية».

وبعد أن عادت إلى هارفارد، عميدة لكلية القانون، كتبت كتاب «إدارة الرئاسة» (عن سنواتها في البيت الأبيض).