خادم الحرمين يأمر بإحالة المتورطين في كارثة جدة إلى «الرقابة والتحقيق» و«الادعاء العام».. وإعداد مخطط «متكامل» لشرق جدة

الملك عبد الله يؤكد إيقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره

TT

أحيل أمس، بقرار ملكي جميع المتورطين في كارثة سيول جدة إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق الادعاء العام، وذلك بعد استكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي، للتحقيق فيها، واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

وأوضح أمر ملكي، صدر عشية أمس الاثنين، أنه بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يتم إحالة جميع المتهمين في فاجعة جدة، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام، كل فيما يخصه، بعد استكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي، وذلك استنادا للمواد (24، 27، 28) من نظام الإجراءات الجزائية، وذلك للتحقيق فيها، واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم، ويؤخذ في الاعتبار المسارعة في ذلك.

ووجه خادم الحرمين باستكمال التحقيق مع بقية من وردت أسماؤهم في التقرير أو المطلوب سماع أقوالهم، أو من يتطلب التحقيق استدعاءهم في فاجعة سيول جدة، وذلك من قبل الجهات المختصة بوزارة الداخلية، وفرز أوراق مستقلة لكل من وردت أسماؤهم في التحقيق، وليس لهم علاقة مباشرة بمسار فاجعة جدة، وإحالتهم لجهات التحقيق المختصة.

وأمر خادم الحرمين الشريفين، وبشكل عاجل، بأن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية فتح وتمديد قنوات تصريف السيول الثلاث حتى مصبات الأودية شرقا وتمديد القناة الشرقية لتصب في شرم أبحر.

ووجه بأن تتولى إمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية إزالة جميع العوائق أمام جميع العبارات والجسور القائمة وتحرير مجاري السيول إما بقنوات مفتوحة أو قنوات مغطاة، وتقوم كل من إمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية بإزالة العقوم الترابية التي تحيط بالأراضي الواقعة في بطون ومجاري الأودية.

ووجه الأمر بمعالجة وضع بحيرة الصرف الصحي والعمل على التخلص منها نهائيا خلال عام من تاريخه وإيقاف تطبيق المنح والبيع والتعويض وحجج الاستحكام على الأراضي الواقعة في مجاري السيول وبطون الأودية.

ووجه خادم الحرمين في القرار وزارة العدل بالعمل على استصدار نظام متكامل للتوثيق يشمل الشروط اللازمة في كتاب العدل وبقية الموثقين وتحديد اختصاصاتهم ومسؤولياتهم وإجراءات عملهم وطريقة محاسبتهم والعقوبات عن مخالفاتهم. كما وجه كلا من وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية بالتنسيق حيال إصدار نظام ينظم تملك ومنح العقارات لتلافي السلبيات السابقة التي أدت إلى التعدي على الأراضي والتملك بطرق غير مشروعة بالمخالفة للأنظمة والتعليمات.

واستطرد الأمر الملكي بالتوجيه بإنفاذ ما ورد في الفقرة (3) من قرار مجلس الوزراء رقم (151) بخصوص قيام مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهيئة المساحة الجيولوجية والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بإعداد دراسات عن المناطق المعرضة لأخطار السيول وأن تكون شاملة لجميع مناطق المملكة والاستفادة من ذلك في معالجة أوضاع الأودية ومجاري السيول على أن يكون بشكل عاجل.

وأن تقوم هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بالعمل على تطوير أنظمة الرقابة والضبط ووحدات الرقابة الداخلية بما يمكنها من أداء مهماتها المنوطة بها، ولها الاستعانة بمن تراه من بيوت الخبرة المتخصصة سواء في الداخل أو الخارج، إضافة إلى قيام وزارة الداخلية - المجلس الأعلى للدفاع المدني - بتقويم إدارة الحدث والاستجابة من الجهات المعنية والاستفادة منها مستقبلا على مستوى المملكة.

وأصدر خادم الحرمين توجهاته إلى اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة وتطوير الأحياء العشوائية والإشراف على إعداد وتنفيذ مخطط جديد شامل ومتكامل لشرق محافظة جدة، وتقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانة محافظة جدة بإعداد المخطط واعتماده وتنفيذه. مع التأكيد على سرعة إنفاذ قرار مجلس الوزراء رقم (276) حول تحديد أراضي وقف العين العزيزية لضمان منع التعدي عليها وتنمية إيراداتها ومراقبة تحصيلها من قبل جهة مستقلة، وتأكيد إيقاف بيع أراضيها، وفقا لما صدر به الأمر رقم (1760/ م) وتشكيل لجنة من وزارة المالية، وديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، وإمارة منطقة مكة المكرمة، بحصر جميع الشركات، والمؤسسات، والمكاتب الاستشارية التي ثبت تقصيرها، وإهمالها، ومن يتبين لاحقا تقصيره، أو إهماله، وإحالة الجميع إلى اللجنة الوارد ذكرها بالمادة (78) من نظام المنافسات والمشتريات الحكومية.

كما وجه بأن تقوم وزارة الداخلية بإدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد.

وأمر خادم الحرمين الشريفين اللجنة العليا المشكلة بالأمر رقم (4298/ 2) بمتابعة تنفيذ التوصيات واستكمال ما يلزم، والتعامل مع المستجدات، واقتراح ما تراه محققا للمصلحة على أن يتم تبليغ جميع هذه القرارات للجهات المختصة واعتمادها وتنفيذها.

وكان القرار الملكي الصادر من خادم الحرمين الشريفين قد استهل بالقول: «نحن عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، بعد الاطلاع على النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/ 90). وبعد الاطلاع على الأمرين الملكيين رقم (أ/191) القاضي بتكوين لجنة للتحقيق وتقصي الحقائق في فاجعة سيول محافظة جدة، ورقم (4298/2) القاضي بتكوين لجنة عليا برئاسة النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وعضوية كل من وزير الشؤون البلدية والقروية، ووزير العدل، ووزير المالية، ووزير النقل، ووزير المياه والكهرباء، ورئيس ديوان المظالم، ورئيس ديوان المراقبة العامة، ورئيس هيئة الرقابة والتحقيق لدراسة تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق، والرفع بالنتائج والتوصيات».

وأضاف القرار: «بعد الاطلاع على برقية النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رقم (30062)، المرفق بها محضر اللجنة العليا المشار إليها. وانطلاقا من مسؤوليتنا تجاه الوطن والمواطن والمقيم، استهداء بقول الحق جل جلاله: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، واستصحابا لجسامة خطب هذه الفاجعة وما خلفته من مآس لا نزال نستشعر أحداثها المؤلمة وتداعياتها حتى نقف على الحقيقة بكامل تفاصيلها لإيقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره في هذا المصاب المفجع، لا نخشى في الله لومة لائم، فعقيدتنا ثم وطننا ومواطنونا أثمن وأعز ما نحافظ عليه ونرعاه، جاعلين نصب أعيننا ما يجب علينا من إبراء الذمة أمام الله تعالى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، انتصارا لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا، وتخفيفا من لوعة ذوي الضحايا الأبرياء، وتعزيزا لكرامة الشهداء رحمهم الله - بإرساء معايير الحق والعدالة بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة.. أمرنا» يذكر أن كارثة جدة قد وقعت في الخامس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وخلفت وراءها 122 قتيلا وفقدان 32 شخصا، إضافة إلى إلحاق الضرر بنحو 9500 عقار ونحو 11 ألف مركبة، وتضررت بسببها الكثير من الممتلكات العامة والخاصة. وتم اتخاذ عدد من القرارات المهمة، كما تم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة أمير منطقة مكة المكرمة وإيقاف عدد من المشاريع والمخططات وإحالة عدد من المسؤولين للتحقيق، فيما بدأت منذ نحو شهرين من الآن الجهات المعنية توزيع التعويضات للمساكن والمركبات.