بريطانيا: كاميرون رئيسا للوزراء.. وبراون يستقيل منهيا 13 عاما من حكم العمال

الزعيم المحافظ يعتزم تشكيل ائتلاف حكومي مع الديمقراطيين الأحرار

براون وزوجته سارة وابناهما يغادرون مقر داوننغ ستريت بعد تقديم الاستقالة أمس (أ.ب)
TT

أصبح الزعيم المحافظ ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الجديد لبريطاني، أمس، بعدما قبل الدعوة من الملكة إليزابيث لتشكيل حكومة جديدة. ويتولى كاميرون، 43 سنة، الذي فاز حزبه (المحافظين) بأكبر عدد من المقاعد والأصوات في انتخابات الخميس الماضي لكن دون أغلبية حاسمة، السلطة خلفا لغوردن براون الذي استقال في وقت سابق بعد 13 عاما لحزب العمال في السلطة. وأصبح كاميرون، وهو مسؤول سابق في مجال العلاقات العامة، أصغر رئيس وزراء لبريطانيا في نحو 200 عام.

وجاء هذا بعد ساعات من تقديم غوردن براون استقالته إلى الملكة إليزابيث الثانية لإتاحة الفرصة لتشكيل حكومة تقاسم سلطة بزعامة زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون. وأمضى براون وزوجته 15 دقيقة في قصر باكنغهام الذي توجه إليه بعد أن أعلن استقالته أمام مقر الحكومة. وبعد ذلك أصدر قصر باكنغهام بيانا قال فيه إن الملكة قبلت الاستقالة.

يذكر أن براون، 59 عاما، تولى رئاسة الوزراء في عام 2007، وكان في السابق وزيرا للخزانة في بريطانيا لمدة 10 سنوات. وقال براون إن استقالته أيضا كزعيم لحزب العمال ستدخل حيز التنفيذ على الفور. وأضاف براون، الذي كانت زوجته سارة تقف بجواره، إنه سيعود الآن إلى «وظيفته الأولى في الحياة» وهو أن يكون «زوجا وأبا».

وجاءت هذه التطورات المتسارعة، بعد مشاورات واصلها حزب الديمقراطيين الأحرار مع حزبي العمال والمحافظين، ثم انخراطهم مساء أمس في اجتماع لحسم خياراتهم وبحث تشكيل حكومة ائتلافية.

وقد اضطر الديمقراطيون الأحرار، الذين وجدوا أنفسهم محط أنظار جميع الأطراف، إلى إجراء عمليتي تفاوض متوازيتين أمس، بدأت الأولى مع حزب العمال، ثم تلتها مشاورات مع المحافظين.

وبعد المفاوضات الأولى، قال حزب العمال إن المحادثات مع الديمقراطيين الأحرار توقفت مؤقتا، لكن المفاوضات لم تنته. ورأى محللون أن إخفاق حزب العمال في التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع الديمقراطيين الأحرار قد يدفع باتجاه تشكيل حكومة جديدة بزعامة المحافظين. وفي تطورات متسارعة، زار زعيم المحافظين ديفيد كاميرون مقر الحزب في الوقت الذي واصل فيه مفاوضون من حزبه محادثاتهم مع الديمقراطيين الأحرار. ونقلت شبكتا «بي بي سي» و«سكاي نيوز» عن مصدر حكومي اعترافه بأن المحادثات بين حزب العمال والديمقراطيين الأحرار «لم تصل إلى نتيجة». وأكد مسؤول بارز في حزب الديمقراطيين الأحرار تلك الأنباء، وقال «أعتقد أن حزب العمال لن يقدم عرضا».

وجاء هذا بعد أن قال زعيم الديمقراطيين الأحرار، كليغ، صباح أمس، إن المناقشات بلغت «مرحلة أساسية ونهائية»، مشيرا إلى أنه «ينتظر بفارغ الصبر أكثر من أي شخص آخر». وأضاف «آمل فعلا أن نتمكن من إصدار إعلان، في أسرع وقت ممكن». أما نظيره في حزب المحافظين، كاميرون، فاعتبر أن «الوقت حان للديمقراطيين الأحرار» لاتخاذ قرار، مشيرا إلى أن حزب العمال طرح «اقتراحا كاملا منفتحا جدا ومعقولا جدا لتشكيل حكومة مستقرة». وكان وزير التربية إد بالز، العضو في فريق المفاوضين العماليين، الأكثر تحفظا. وقبل أن يدخل إحدى قاعات التفاوض، قال: «الجميع يريد إنهاء الموضوع في أسرع وقت». وأضاف «ثمة بعض مساحات الاتفاق لكن هناك أيضا بعض الصعوبات».

ومع تطلع الأسواق والناخبين أمس لانتهاء الأزمة الدستورية، قال سايمون هيوز، النائب عن حزب الديمقراطيين الأحرار، إن حزبه يأمل في أن يتمكن من التوصل لاتفاق قبل نهاية يوم أمس. وقال لشبكة «سكاي نيوز»: «نحن عازمون على الانتهاء من هذه العملية قريبا جدا. اليوم (أمس) إذا أمكن».

وبعدما حلوا في المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية التي أجريت الخميس الماضي، وهي المرتبة المرجحة، يجتذب الديمقراطيون الأحرار المحافظين الذين فازوا في الانتخابات، لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على أكثرية مطلقة، والعمال الذين حلوا في المرتبة الثانية.

وجاءت استقالة براون من رئاسة الوزراء بعد إعلانه المفاجئ مساء أول من أمس عزمه الاستقالة من رئاسة حزبه، قبل الخريف، لتسهيل المناقشات. ولمواجهة المزايدة العمالية، حسن المحافظون عرضهم في اللحظة الأخيرة مساء أول من أمس، فاقترحوا إجراء استفتاء على إصلاح القانون الانتخابي الذي يعتبره الديمقراطيون الأحرار جائرا، وانضموا بذلك إلى العماليين الذين وعدوا بإعادة النظر في القانون الانتخابي.

وإضافة إلى صعوبة التشاورات بين حزبي العمال والديمقراطيين الأحرار، فإن تشكيل ائتلاف بينهما لا يضم إلا 315 مقعدا بدلا من 326 مقعدا ضرورية للأكثرية المطلقة، ربما عقد الأمر. وفي المقابل، فإن توافقا بين المحافظين والليبراليين قد يتجاوز العتبة المطلوبة مع 363 مقعدا.

وبالإضافة إلى تعقيد هذه التشكيلة، يمكن أن يكون تشكيل ائتلاف بين حزب العمال والديمقراطيين الأحرار صعب التسويق لدى أعضاء الحزب الأخير، المنقسمين بين جناح يميني وآخر يساري. وقالت صحيفة «تايمز» إن نيك كليغ قد يضطر إلى «تحدي حزبه».

لكن يتعين أيضا طمأنة الأسواق وإقناع الناس بأسس «انقلاب» نيك كليغ. وقال النائب المحافظ الواسع النفوذ مالكولم ريفكيند، غاضبا «كنا نظن أننا نجري مناقشات مشرفة مع نيك كليغ، وإذ بنا نكتشف أنه يلتقي غوردن براون سرا». وخلص إلى القول إن ائتلافا بين حزب العمال والديمقراطيين الأحرار وصفته وسائل الإعلام اليمينية بأنه «ائتلاف الخاسرين»، سيحظى بـ «شرعية مشكوك فيها» قريبة «من مدرسة روبرت موغابي» في إشارة إلى رئيس زيمبابوي.

يشار إلى أن بريطانيا لم تألف المفاوضات على تشكيل حكومات ائتلافية، لكن المحادثات الحالية لا يمكن أن تمتد لأسابيع كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية المجاورة. ومن المقرر أن يستأنف البرلمان جلساته في 18 مايو (أيار) الحالي، وأن تقدم الحكومة الجديدة برنامجها في 25 مايو.