تركيا «الأمل الأخير» لإيران قبل العقوبات.. ومناوشات بين واشنطن وطهران في الخليج

مسؤول أوروبي لـ «الشرق الأوسط»: سنذهب للتفاوض المباشر بيد ممدودة للتعاون وأخرى على العقوبات

عنصر من البحرية الإيرانية يطلق صاروخا مضادا للطائرات خلال المناورات الإيرانية العسكرية في الخليج أمس (رويترز)
TT

ردت إيران على عرض وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون بمفاوضات مباشرة حول الملف النووي أو المخاطرة «بقرار عقوبات سريع من مجلس الأمن خلال 4 أسابيع»، بإعلانها أمس أنها لا تمانع في مباحثات مباشرة مع اشتون وأن اللقاء قد يعقد في تركيا.

وأوضح مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي وثيق الصلة بملف إيران أن اللقاء إذا تم «سيكون بمثابة الفرصة الأخيرة أمام إيران قبل فرض عقوبات عليها»، إلا أنه في الوقت ذاته أكد أنه ليست هناك آمال كبيرة معلقة على الاجتماع، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «لا ندري حقا إذا كان الإيرانيون جادين في بحث خطة التبادل النووي، أم أنهم يستخدمون التفاوض في إضاعة مزيد من الوقت. هذه المباحثات إذا تمت فسنذهب إليها، ويد ممدودة للتعاون، واليد الأخرى على ورقة العقوبات. والإيرانيون يدركون ذلك». إلى ذلك، وفيما قالت إيران إن البرازيل وتركيا لديهما أفكار جديدة حول خطة التبادل النووي، موضحة أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سيزور طهران بشكل متزامن مع زيارة الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا بين 16 و17 مايو (أيار) الجاري لبحث أفكار متعلقة بالحل النووي، عادت المناوشات بين أميركا وإيران في الخليج، إذ أعلن القائد العام للجيش الإيراني عطاء الله صالحي أن الجيش الإيراني حذر طائرة استطلاع أميركية كانت تحاول الاقتراب من منطقة مناورات بحرية إيرانية.

وحول المفاوضات النووية المباشرة، ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أمس أن لقاء بين كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون، قد يعقد قريبا في تركيا. وقال الناطق باسم الوزارة رامين مهمانبارست إن «اشتون طلبت عدة مرات لقاء مع جليلي.. وإيران وافقت». وأضاف: «لا نعترض على عقد هذا اللقاء في تركيا لكن لم يحدد أي موعد لذلك». وتابع: «بما أن اشتون هي التي طلبت اللقاء ننتظر لنرى ما هي المواضيع التي تريد بحثها».

وكانت اشتون عبرت أول من أمس في بروكسل عن استعدادها للتفاوض مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي، فيما تبحث الولايات المتحدة وشركاؤها الغربيون فرض عقوبات جديدة على طهران عبر قرار يصدره مجلس الأمن الدولي. وقالت اشتون: «إذا أرادت إيران الاتصال بي مباشرة لاقتراح إجراء مناقشات فعلية في شأن القدرات العسكرية النووية، فسيسرني مناقشة هذا الموضوع مع زملائي»، في إشارة إلى الدول الست الكبرى (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) التي تتابع الملف النووي الإيراني.

وأكدت أن «الشرط» لإجراء هذه المفاوضات هو أن تتناول «بشكل محدد وحصري الملف النووي الإيراني»، لافتة إلى أن «دولا أخرى» كثيرة طلبت منها في شكل غير رسمي إجراء مفاوضات مباشرة مع طهران. وترفض تركيا والبرازيل، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، فرض عقوبات جديدة على إيران وتقومان بوساطة بين الدول الكبرى وطهران في محاولة لمعالجة القضية النووية عبر القنوات الدبلوماسية. ويبدو أن دول الاتحاد الأوروبي تريد اختبار «الفرصة التركية» بالذات قبل فرض عقوبات على طهران. وفي هذا الصدد قال المسؤول الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندعم أن تقوم تركيا بدور بناء في هذه المسألة المعقدة والحساسة، فهي مؤهلة بحكم علاقاتها مع إيران من ناحية، ومع الاتحاد الأوروبي والغرب من ناحية أخرى أن تكون الدولة الوسيطة، والأهم أن تركيا تريد لعب ذلك الدور وإذا استطاعت تركيا النجاح في ذلك الملف فسيكون ذلك إنجازا كبيرا لدبلوماسيتها ولدورها. لكن ليست الأوراق في يد تركيا. ففي النهاية على إيران أن توافق على صيغة للتبادل النووي، وعلى الغرب أن يشعر بالاطمئنان من هذه الصيغة، من دون ذلك أعتقد أننا سنذهب إلى مجلس الأمن». ويقول دبلوماسيون غربيون إن منتصف يونيو (حزيران) هو موعد نهائي مستهدف لفرض جولة رابعة من عقوبات الأمم المتحدة على طهران.

وتحدثت إيران أمس عن أفكار تركية - برازيلية جديدة خاصة بصيغة التبادل النووي، إلا أنها لم تذكر أي تفاصيل. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «ستتزامن زيارته لإيران مع وجود الرئيس البرازيلي» لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الذي سيقوم بزيارة رسمية لطهران في 16 و17 مايو (أيار). وأضاف أن «مشاورات ستتم» مع هذين المسؤولين حول قضية تبادل الوقود التي تشكل لب الخلاف مع الدول الكبرى.

ويعتبر الاتفاق، الذي رفضته إيران، ويقضي بأن ترسل طهران نحو ثلثي اليورانيوم منخفض التخصيب الذي لديها كي يخصب في روسيا وفرنسا ويرسل إليها لاحقا كوقود نووي، سبيلا للتخلص من أغلب مخزونها من اليورانيوم لتقليل خطر استخدامه لصنع قنابل نووية. وانهار الاتفاق بسبب إصرار طهران على إتمام المقايضة على أراضيها فقط بدلا من شحن مخزونها من اليورانيوم إلى الخارج مقدما. كما اقترحت طهران أن تتم المقايضة بكميات أصغر وعلى مراحل وهو ما يعني عدم إجراء خفض كبير في مخزونها من اليورانيوم. ورفضت الدول الغربية الاقتراح على أساس أنه لا يحل أساس قلقهم من احتمال تحويل طهران لبرنامجها من مدني إلى عسكري.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أمس إن بلاده ليس لديها نية تغيير رأيها بخصوص «مكان» مبادلة الوقود. وأضاف: «نحن مستعدون لحل المشكلة النووية عبر المحادثات.. تثار صيغ جديدة بشأن مبادلة الوقود في محادثاتنا مع تركيا والبرازيل. الصيغ الجديدة لا تشمل مكان مبادلة الوقود. نقول دائما إن المبادلة يجب أن تحدث داخل إيران».

وتأتي الأنباء عن استضافة تركيا المحتملة لمحادثات جليلي واشتون، فيما يبحث رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني في اسطنبول عددا من القضايا على رأس تطورات الملف الإيراني. ووجه لاريجاني من اسطنبول تحذيرا قويا لإسرائيل من شن أي هجوم على إيران. وقال في مؤتمر صحافي أمس: «إذا كانوا يفكرون بشكل ملائم فإنهم لن يقوموا بمثل هذا العمل لأنهم إذا فعلوا ذلك فإن ذلك سيغير مصيرهم». وأضاف: «الدول تعلمت طرقا للكفاح ضد إسرائيل وهذه المرة إذا قام النظام الصهيوني بعمل عسكري فإنها ستكون المعركة الأخيرة. إذا اختاروا السير في هذا الطريق فإن النتيجة ستكون هلاكهم».

كما هاجم لاريجاني السياسة الأميركية حيال الملف الإيراني والموضوع الفلسطيني، قائلا إن «أميركا فشلت في صياغة سياسات منسجمة حيال الملفين.. ولم تتمكن من صياغة رؤية واضحة نحو القوى النووية الإيرانية أو القضية الفلسطينية»، موضحا: «إدارة أوباما في أحيان أعطت أشارات إيجابية، وفي أحيان أخرى عادت إلى الأساليب القديمة». واتهم المسؤول الإيراني أميركا بالسعي لاحتكار التكنولوجيا النووية قائلا: «إذا سعت تركيا يوما ما إلى المحطات النووية، سيبدأون في الشكوى منها أيضا».

وأوضح لاريجاني أن بلاده ستواصل طريقها لبناء برنامج نووي سلمي، غير أنه شدد أيضا على أن «إيران لم تدر ظهرها قط للحوار. الغرب هم الذين غادروا الطاولة».

وجاءت اتهامات لاريجاني في الوقت الذي أعلن فيه القائد العام للجيش الإيراني عطاء الله صالحي أن الجيش الإيراني حذر طائرة استطلاع أميركية كانت تحاول الاقتراب من منطقة مناورات بحرية إيرانية. وبدأت البحرية الإيرانية الأسبوع الماضي مناورات تستمر ثمانية أيام في الخليج وفي خليج عمان وهي منطقة حيوية لإمدادات النفط العالمية.

ونقلت «وكالة فارس الإيرانية» عن صالحي قوله «يوم أمس شهد اقتراب طائرة استطلاع أميركية من منطقة إجراء المناورات لكنها فرت عائدة من حيث أتت بعد تحذير مشدد من قبل الدفاعات التابعة للقوة البحرية». وتابع: «إن القوات الأجنبية تلقت الرسالة التي وجهتها هذه المناورات، موضحا أن هذا اتضح من بقاء سفنها الحربية على مسافة ما بين 300 و400 كيلومتر من منطقة المناورات». وأضاف: «الجمهورية الإسلامية جادة تماما في الدفاع عن مصالحها». وتابع صالحي قائلا إنه انقضى العهد «الذي تستطيع فيه سفن أميركية تغيير أنظمة الحكم في البلدان». ولم يرد تعليق أميركي فوري على الحادث.

وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الأسبوع الماضي إن إيران تتحدى البحرية الأميركية المتمركزة في الشرق الأوسط بمجموعة من الأسلحة الدفاعية والهجومية.

وكانت إيران قد أعلنت الأسبوع الماضي أن إحدى طائراتها قامت بتصوير واحدة من حاملات الطائرات الأميركية في الخليج.