لبنان: محاولات «تشويش وإحراج» للحريري قبيل مغادرته إلى واشنطن

مصادر تشبهها بحملات شنت على والده لافتعال خلاف مع الإدارة الأميركية

زوجة أمير مخول، أحد «فلسطينيي 48» المتهم بالتجسس لصالح حزب الله اللبناني، تعتصم مع عدد من أصدقائها قبالة محكمة بتاح تكفا الإسرائيلية للمطالبة بالإفراج عن زوجها (أ.ب)
TT

تكتسب زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى واشنطن والأمم المتحدة بعد أسبوعين أهمية كبيرة ليس أقل الدلائل عليها «الضجة» التي ترافقت مع الإعلان عنها بطريقة غير رسمية رأى فيها الحريري «استدراجا لمخاطر كبيرة على لبنان»، مما اضطره إلى إصدار بيان نفي لما أوردته إحدى الصحف اللبنانية نقلا عنه لجهة «ترحيبه بامتلاك المقاومة صواريخ سكود.. وغيرها».

ورغم أن مصادر الحريري تمتنع عن الخوض في كلام عن زيارة «لم تتقرر رسميا بعد»، فإن بعض المراقبين لفتوا إلى «تشابه» في الحملات التي كانت تشن على والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري قبيل وأثناء وبعد كل زياراته إلى الولايات المتحدة، متوقعين سيناريو مشابها له مع الحريري الابن الذي يفترض أن يتوجه إلى واشنطن في 24 الشهر الحالي على رأس وفد كبير حيث أعد له برنامج لقاءات حافل بالأسماء المهمة في الإدارة الأميركية بدءا من رئيس الهرم في الولايات المتحدة ووصولا إلى المسؤولين عن ملفات مرتبطة بالملف اللبناني ومنطقة الشرق الأوسط. وبعدها يتوجه الحريري إلى الأمم المتحدة حيث سيشارك في جلسة لمجلس الأمن الذي يرأسه لبنان حاليا ويلقي كلمة فيه سيضمنها الدعوة إلى بث الروح في عملية السلام انطلاقا من المبادرة العربية للسلام التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من قمة بيروت. وأشار هؤلاء إلى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان نفسه تلقى حملة تشويش كبيرة خلال زيارته إلى واشنطن، مما يجعل الحملة على الحريري غير مستغربة، بل المستغرب أن لا تحصل.

وفي المقابل، وصفت أوساط دبلوماسية في بيروت التسريبات التي استبقت الإعلان عن زيارة الحريري بأنها «مجموعة رسائل مفخخة»، مشيرة إلى أن هذه الرسائل تضمنت إشارات عدة يجب التوقف عنها لجهة ما أثير عن «استعجال الحريري» هذه الزيارة، بالإضافة إلى القول بأن هذه الزيارة ستكون «محط اهتمام محلي وإقليمي» من خلال ما سيقوله الحريري خلال هذه الزيارة من تصريحات. مشيرة إلى أن تسريب كلام عن لسان الحريري حول صواريخ «سكود» يهدف إلى إحراجه من خلال نفيه أو الامتناع عن ذلك فيتم التعاطي معه على أنه واقع وحقيقة. وتوقعت الأوساط وصول «المزيد من الرسائل».

ورأت مصادر في 14 آذار أن التسريبات الأخيرة حول صواريخ «سكود» في خطوة «شكلت إحراجا جديا لرئيس مجلس الوزراء قبل أيام من سفره إلى واشنطن». وتوقفت المصادر عند الخلفيات الكامنة وراء تأجيل زيارة وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير إلى بيروت، مشيرا إلى أن الأمر يتجاوز «تضارب المواعيد» كما يتردد في باريس إلى ما هو أخطر من ذلك. معتبرة أن التأجيل يمكن أن يكون ردة فعل فرنسية سريعة أو متسرعة على ما نسب إلى الحريري.

وأكد المسؤول الإعلامي في تيار المستقبل راشد الفايد أن ما نشر من كلام عن رئيس الحكومة سعد الحريري يهدف إلى محاولة لافتعال خلاف مع الإدارة الأميركية تؤجل زيارة الحريري إلى واشنطن، مشيرا إلى أن هناك أفرقاء في الداخل لا يريدون أن تحصل هذه الزيارة ويريدون إعادة لبنان إلى الوراء ومنعه من التواصل مع أي أحد ومنعه من توطيد علاقاته مع الخارج وقال: «المنطقة مأزومة وفي وضع مأزوم، وتختار النقطة الأضعف على المستوى الإقليمي ولبنان مرتبط بإيران وهذا أمر لا يخفيه حزب الله، وهو حليف أساسي لإيران وسورية أيضا لذلك لا بد من استراتيجية».

ورفض عضو كتلة الحريري عقاب صقر الحديث عن «توقيت» معين للزيارة وربطها بتوقيت زيارة الحريري إلى سورية أو السعودية أو غيرهما، معتبرا أن «ذهنية المؤامرة» تدفع البعض إلى نسج حكايات، ومشددا على أن «الدسائس الصغيرة» التي سبقت إعلان موعد الزيارة «لن تؤثر عليها» مشيرا إلى أن الموعد تحدد بناء على تقاطع بين جدولي أعمال أميركي ولبناني، ولا دلالات سياسية له. وقال صقر لـ«الشرق الأوسط»: «إن أهمية هذه الزيارة تتركز على حصولها في أعقاب موقف إسرائيلي متعنت، وفبركات إسرائيلية عن تسلح مزعوم في لبنان، وبالتالي لا بد من حض الولايات المتحدة على ممارسة المزيد من الضغط عليها لتحريك عملية السلام في المنطقة». مؤكدا أن الحريري سيبحث في الغرف المغلقة موضوع بلدة الغجر الحدودية التي تحتل إسرائيل الجزء اللبناني منها وضرورة الانسحاب منها، بالإضافة إلى موضوع مزارع شبعا وأهمية قيام الولايات المتحدة بمبادرة ما حيالها.