أوباما ينذر بمعركة قوية ضد طالبان ويعتزم تقوية الحكومة الأفغانية للتفاوض مع المتمردين‌

كرزاي يتطلع إلى تسلم القوات الأفغانية المسؤولية الأمنية خلال 4 سنوات‌

الرئيسان الأميركي باراك أوباما والأفغاني حميد كرزاي عقب المؤتمر الصحافي الذي عقداه في العاصمة واشنطن أمس (رويترز)
TT

أنهى الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الأفغاني حميد كرزاي أي تساؤلات حول الخلافات السابقة بينهما أمس بعقدهما مؤتمرا صحافيا مشتركا في واشنطن أكدا فيه متانة العلاقة والشراكة بين البلدين. وأكد أوباما أمس التزامه بمواصلة تطبيق استراتيجيته في أفغانستان التي قال إنها «صعبة ولكن ملائمة» والتي تعتمد على مواجهة المتمردين في أفغانستان بقوة مع تقوية الحكومة الأفغانية وتثبيت أسس سيادة القانون والحكم الرشيد في البلاد.‌‌ وأنذر أوباما خلال المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض مع كرزاي حركة طالبان من أن «هناك معركة قوية آتية خلال الأشهر المقبلة»، مضيفا أن مع «دخولنا إلى مناطق مثل مرجا يسيطر عليها طالبان سيؤدي إلى قتال شديد منهم». إلا أنه عبر عن قناعته بإمكانية هزيمة طالبان وتقوية الحكومة الأميركية من أجل تحديد «استراتيجية خروج» للقوات الأميركية من أفغانستان. وبينما تحدث أوباما عن أهمية التفكير باستراتيجية تنهي التواجد العسكري الأميركي في أفغانستان، أكد التزامه «البعيد الأمد والأبعد عن التواجد العسكري» تجاه أفغانستان.‌‌ ومن جهته، عبر الرئيس الأفغاني عن تطلعه إلى تحمل القوات الأفغانية المسؤولية الأمنية في أفغانستان قبل نهاية ولايته الرئاسية الحالية – أي خلال السنوات الأربع المقبلة. وصرح بأنه «بحلول نهاية فترة رئاستي الحالية – أي بعد أربع سنوات أو أربع سنوات ونصف السنة - ستتولى القوات الأمنية الأفغانية الأمن في كل البلاد». وهذه المرة الأولى التي يتم الإشارة فيها إلى موعد محدد لتولي الأفغان مسؤولية أمنهم مما يعني استعداد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) الانسحاب منها. وكرر أوباما أمس التزامه بموعد يوليو (تموز) 2011 كموعد لبدء سحب عدد من القوات الأميركية، لكنه أوضح أن هذا ليس موعدا نهائيا لسحب القوات الأميركية بل بدء عملية انتقال المسؤولية الأمنية للأفغان. وفي الوقت الراهن، يشدد كرزاي على أهمية تولي أفغانستان المسؤولية القضائية فيما يخص المعتقلين الأفغان لدى القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي، وهي قضية سياسية شائكة في البلاد.‌‌ وشدد أوباما على الحاجة إلى «عنصر سياسي للاستراتيجية العامة في أفغانستان» وهذا ما أكده كرزاي أيضا قائلا «لا يوجد حل عسكري» لاستقرار أفغانستان. وشرح كرزاي خططه لاستضافة شورى سلام في كابل نهاية الشهر الحالي، قائلا: «أفغانستان تسعى إلى السلام.. والأعمال العسكرية وحدها لن تحقق أهدافنا». وشرح أن شورى السلام المرتقبة تستهدف «الآلاف من عناصر طالبان غير المندفعين آيديولوجيا أو جزء من تنظيم القاعدة أو مسيرين من قوى خارجية»، مشيرا إلى أن هناك «الآلاف من عناصر طالبان انضموا إلى الحركة بسبب التخويف أو ظروف قاهرة أو سوء التصرف منا». وتابع: «هناك الآلاف من طالبان ليسوا ضد الشعب الأفغاني أو أفغانستان أو الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي، هذه هي المجموعة التي نخاطبها».‌‌ وعبر أوباما عن تأييده لخطط كرزاي فيما يخص محاولة كسب عناصر من طالبان مستعدة للتخلي عن العنف واحترام الدستور الأفغاني وعدم تأييد تنظيم القاعدة، لكنه أوضح أن توقيت جهود الحكومة الأفغانية مهم جدا، موضحا أن «الدوافع لبعض عناصر طالبان للتخلي عن السلاح والقبول بالسلام يعتمد جزئيا على كسر زخمهم عسكريا». وأضاف أن لهذا السبب تبذل القوات الأفغانية والأجنبية جهودا للتفوق والتقدم عسكريا، خصوصا بعد إرسال الآلاف من القوات الأميركية الإضافية، معتبرا أن «توقيت المصالحة سيعتمد على نجاحنا في عمليتنا». وشدد أوباما على أن أي مصالحة يجب أن تكون أفغانية، موضحا أن الدور الأميركي هو «جعل الحكومة الأفغانية في أقوى وضع ممكن».‌ واستراتيجية إدارة أوباما لتقوية كرزاي وجعله في أفضل وضع للتفاوض مع المتمردين شملت دعوته إلى واشنطن والإعلان تكرارا تأييده شخصيا وتأييد حكومته والتخلص من التصور الواسع بأن الإدارة الأميركية على خلاف مع الرئيس الأفغاني. وتطرق أوباما وكرزاي إلى التقارير حول الخلاف بينهما خلال المؤتمر الصحافي، معتبرين أن تلك الخلافات ومعالجتها بصراحة تجعل العلاقة بين البلدين أقوى. وقال أوباما: «لقد تمت المبالغة في التوتر المتصور.. ولكن بالطبع هناك توتر عند التعامل مع بيئة معقدة جدا». وأضاف: «دور الصديق الجيد هو أن يكون صريحا.. ودور الرئيس كرزاي أن يمثل حكومته وأنا مرتاح جدا من جهود الرئيس كرزاي ولكن سنحتاج إلى جهود إضافية في المستقبل». ومن جهته قال كرزاي: «العلاقة بيننا حقيقية ومبنية على وقائع صعبة.. لدينا أحيانا اختلاف في وجهات النظر ولكن ستبقى العلاقات قوية وعميقة»، معتبرا أن «الأشهر السابقة الماضية تعكس عمق وقوة العلاقات، فالصراحة تضيف إلى قوة العلاقات». وتابع: «لدي رسالة جيدة سأوصلها للشعب الأفغاني».‌ وجاء المؤتمر الصحافي بعد لقاء بين أوباما وكرزاي استمر أكثر من ساعة وقبل استضافة أوباما لكرزاي على مائدة غداء في البيت الأبيض. وفي إشارة إضافية لتحسن العلاقات بين الطرفين، أثنى أوباما مجددا على «حسن الضيافة» التي تلقاها في أفغانستان. ويذكر أن عقد مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض بحد ذاته يعتبر دلالة على قرب العلاقات بين الطرفين.‌‌ وأصدر أوباما وكرزاي بيانا مشتركا بعد المحادثات التي شارك فيها مستشارون ومسؤولون رفيعو المستوى من البلدين، للتأكيد على «الأولويات المشتركة للولايات المتحدة وأفغانستان». وقال البيان إن الرئيسين «أعادا التأكيد على تعاونهما المتنامي والتزامهما بالشراكة الاستراتيجية الصلبة والواسعة والمستمرة بين حكومتي الولايات المتحدة وأفغانستان وشعبيهما». وأكد البيان أن الشراكة مبنية على «مصالح وأهداف مشتركة واحترام متبادل». والهدف المعلن في البيان هو «أفغانستان ذات سيادة مستقرة وآمنة وسالمة وقادرة على الحياة اقتصاديا ولديها علاقات صداقة مع كل دول الجوار والدول في المنطقة، مهمة للاستقرار الإقليمي والأمن العالمي». ومن أبرز القضايا التي تم الاتفاق عليها في اجتماع الرئيسين بدء نقل مسؤولية المعتقلات من الولايات المتحدة إلى أفغانستان، وستبدأ العملية في سجن بروان في يناير (كانون الثاني) 2011. وأفاد البيان الختامي أن «الرئيسين يقران بأن الانتقال الناجح سيكون نقطة مهمة باتجاه تحقيق تعهد الرئيس كرزاي عند توليه الرئاسة بتولي الحكومة الأفغانية المسؤولية الكاملة على عمليات الاعتقال».‌‌ وشدد البيان الختامي على أهمية الاجتماع الذي من المرتقب عقده في كابل في 20 يوليو (تموز) لبحث دور المجتمع الدولي في أفغانستان، حيث ستترأس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون رئاسة الوفد الأميركي له. وشدد أوباما وكرزاي في البيان على «أهمية التعاون الإقليمي في دعم الأمن الإقليمي ومواجهة الشبكات الإرهابية والإجرامية التي تتعامل في تهريب الأموال». وبحث أوباما وكرزاي خلال اجتماعهما الدور الباكستاني في أفغانستان، بينما اعتبر أوباما أن باكستان اليوم تعترف بـ«السرطان» الذي تشكله المجموعات المتطرفة في بلادها، قائلا إنها خلال الأشهر الماضية بدأت تتعامل مع هذه القضية بشكل ملائم ولكن هناك المزيد من المجال للعمل. وهذه الرسالة ليست فقط لباكستان، فكان الجو العام خلال اللقاء بين أوباما وكرزاي هو أن الكثير أنجز في أفغانستان ولكن ما زال هناك الكثير الذي يجب أن ينجز بعد، وخصوصا في مجال مكافحة الفساد وتحسين أداء الحكومة.‌‌