ييل وهارفارد.. المخزن الرئيسي لقضاة المحكمة العليا

ترشيح إلينا كاغان للمحكمة يسلط الضوء على تأثير «رابطة اللبلاب للجامعات»

TT

بدأت رابطة اللبلاب للجامعات (رابطة تضم ثماني جامعات هي أرقى جامعات الولايات المتحدة) تلف نفسها حول الأعمدة الرخامية للمحكمة العليا مثلما تفعل بعض الأعشاب الضارة. فعلى مدار الـ25 عاما الماضية زحفت هذه الرابطة إلى قاعة المحكمة والتفت حول جميع كراسي القضاة، عدا كرسي جون بول ستيفنز. لكن إذا أكد مجلس الشيوخ على ترشيح المحامية العامة والعميدة السابقة لكلية هارفارد للقانون، إلينا كاغان، لتحل محل ستيفنز، فإن سيطرة رابطة اللبلاب على المحكمة ستكون كاملة، حينها سيكون جميع القضاة الجالسين ممن درسوا في كليات القانون في جامعتي هارفارد أو ييل.

حصلت روث بادر جنيسبيرغ على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة كولومبيا، وتم منحها عضوية المحكمة، لكن فقط بعدما انتقلت من كلية هارفارد للقانون (حيث كانت رئيسة فئتها) بعد عامين. نحو نصف عدد القضاة عبر التاريخ درسوا في إحدى مدارس القانون بجامعات رابطة اللبلاب. وخلال الخمسين عاما الماضية درس 64 في المائة من القضاة (18 من 28) في إحدى جامعات رابطة اللبلاب. وإذا تم تأكيد ترشيح كاغان، فإن هذا الاتجاه قد يصبح أيضا قانونا.

أصبح بريق الحصول على شهادة من إحدى جامعات رابطة اللبلاب مهما للغاية بعد إخفاق ترشيح الرئيس الأسبق رونالد ريغان لروبرت بورك عام 1987، والذي تعرض للهجوم بسبب آرائه الصريحة واليمينية حول الإجهاض والتمييز الإيجابي والحقوق المدنية، وفقا لتيموثي بي أونيل، الأستاذ بمدرسة جون مارشال للقانون في شيكاغو. ويقول أونيل إن الحصول على دبلومة من إحدى جامعات رابطة اللبلاب أصبح طريقا مختصرا، لأن هذا الشخص موضوعي وعلمي، وسيصل إلى القرار الوحيد والأفضل غير المتأثر بالتحيز الشخصي.

ويقول: «الانتساب إلى جامعة هارفارد وجامعة ييل أصبح وسيلة لإنهاء الانقسام الآيديولوجي. نعرف إلى أي مدى هذه المحكمة قوية، والآن علينا أن نتظاهر بأنها ترقى فوق الآيديولوجيات. علينا أن نحصل على تسع عذارى راهبات من هارفارد أو ييل. العقول تتفوق على الآيديولوجيات».

في المناخ الحالي، يبدو أن تنوع أحد الأنواع (الجنسية أو العنصرية أو العرقية) يتفوق في الأهمية على تنوع نوع آخر (اقتصادي أو جغرافي أو خبرة خارج مجال القانون). لقد ولت تلك الأيام التي كان من الممكن فيها اختيار قاض للمحكمة العليا من خارج الساحل الشرقي، الصفوف المركزية لجامعات رابطة اللبلاب. في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي كان وارين إي بيرغر يجمع بين وظيفة يومية في إحدى وكالات التأمين ودراسة ليلية في كلية سانت بول للقانون في مينيسوتا، واستمر في ذلك حتى أصبح رئيس قضاة. وُلدت ساندرا داي أوكنور وترعرعت وتعلمت في غرب الميسيسيبي. لقد نشأت في مزرعة للماشية في أريزونا من دون أن تكون هناك كهرباء أو مياه جارية، وتخرجت من مدرسة ستانفورد للقانون وأصبحت أول قاضية في البلاد عام 1981.

وعلى الرغم من ذلك، يمكن النظر إلى عدم الحصول على دبلومة من إحدى جامعات رابطة اللبلاب في الفترة الأخيرة على أنه أحد أوجه النقص. حصلت المستشارة القانونية السابقة بالبيت الأبيض هاريت ميرز، التي رشحها الرئيس السابق جورج دبليو بوش عام 2005، على درجة القانون من الجامعة الميثودية الجنوبية. وفي الضجة التي أجبرت بوش على سحب ترشيحها، كان هناك بعض الازدراء لمؤهلاتها. وكتب الكاتب تشارلز كروثمر بصحيفة «واشنطن بوست» (خريج جامعة هارفارد): «إن المحكمة العليا هي مؤسسة للنخبة»، داعيا إلى سحب ترشيحها. وأضاف: «إنها ليست أحد الفروع الشعبية للحكومة».

لم يتم دراسة تأثير جامعات رابطة اللبلاب على المحكمة، لكنه أصبح جزءا أساسيا من صلاحية المرشح، وفقا لما ذكرته لي إبشتاين، الأستاذة بمدرسة القانون بجامعة نورث ويسترن. وقالت: «إننا ننسى ذلك لأننا نتحدث عن الآيديولوجيا في جميع الأوقات، لكن النظرة إلى المؤهلات مهمة للغاية. يفكر الرأي العام في الحقيقة في: هل هذا الشخص مؤهل ليكون قاضيا في المحكمة العليا؟ وينتقل ذلك إلى تفكير مجلس الشيوخ.. لقد قرأت أنه قال إنه عندما يدرس أي فرد في كلية هارفارد للقانون، عندما يكون أي فرد عميد كلية هارفارد للقانون، فإن الأمر يبدو وكأن إحدى العقبات تم التغلب عليها».

لكن هل يفتقد هؤلاء المرشحون بتاريخهم المنسوب إلى الجامعات العليا أمرا ما؟. يقول جيروم كارابل، أستاذ علم الاجتماع ومؤلف كتاب «المختار: التاريخ المخفي للقبول والاستبعاد في ييل وهارفارد وبرينستون»: «تعد جامعتا ييل وهارفارد بكل المقاييس مؤسستين تعليميتين عظيمتين، لكن ليس من نقاط قوتهما أن تغرس في عقول طلابها شعور التواضع. إذا كان التواضع صفة حميدة في القضاة، فإن ييل وهارفارد لا ينبغي إذن أن تكون الطريق الوحيد للمحكمة العليا. لم يدرس بعض من قضاتنا العظماء، مثل إيرل وارين وثورغود مارشال وروبرت جاكسون وهوغو بلاك الذين أتذكرهم الآن، في هارفارد أو ييل».

في تصنيف للقضاة أعده عام 1990 العلماء والقضاة والمحامون بعنوان «المحكمة العليا: من هم أفضل القضاة وما هي المعايير التي يستوفونها؟»، كان ستة من أعلى عشرة من خريجي جامعات رابطة اللبلاب. وعلى الرغم من ذلك، كان القاضي الذي حصل على معظم الموافقات هو جون مارشال، الذي اشتمل التدريب القانوني الرسمي له على عدد قليل من المحاضرات في كلية ويليام وماري عام 1780، أي قبل عقدين من أن يصبح رابع رئيس لقضاة المحكمة.

وفي هذه الأيام، يقول نيلز بي شومان، نائب عميد كلية ويليام ميتشل للقانون، والتي كانت تسمى سابقا كلية سانت بول للقانون وهي الكلية الأم التي تخرج منها بيرغر، إن الحصول على طابع معروف للجودة اختيار أكثر أمانا.

ويقول شومان: «إن ما نراه هو مقدار وافر من الحذر. لا تستطيع أن تخالف هارفارد. حيث إن هارفارد كلية عظيمة للقانون، وأي فرد كان عميدا لكلية هارفارد للقانون سيكون أحد المرشحين الكبار لعضوية المحكمة. أعتقد أن الشهادة من إحدى جامعات رابطة اللبلاب يُنظر إليها غالبا على أنها الأمر الوحيد الأكثر أهمية في ثقافة أي فرد وليس مؤشرا على جودة العمل الذي يؤديه ذلك الفرد. (لكنني) أعتقد أنه مع الوضع المستقطب للغاية من الناحية السياسية للدولة فإن هذا الشرط لا يكافئ انتهاز الفرص بالمرشحين».

وإذا كان على الرئيس ترشيح قاض ثالث ويأمل التخلص من رابطة اللبلاب، فإن مدرسة بيرغر في سانت بول مستعدة. وقال شومان: «إننا مستعدون لإرسال أفضل وأذكى الأفراد لدينا إلى المحكمة العليا في أي وقت يطلب فيه الرئيس أوباما ذلك». هل يتوقع أن يلجأ الرئيس إلى كلية مينيسوتا؟ يضحك شومان في صوت خافت. ويقول: «لا أتوقع. إنني واقعي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»