دول حوض النيل تتجه اليوم لتوقيع اتفاقية إطار.. في غياب مصر والسودان

مصدر مصري: التوقيع له عواقب وخيمة.. والخرطوم تدعو للحوار وكمبالا تريد الدفع لتغيير الحصص

TT

في خطوة قد تكون بداية شرارة النزاع، على مياه النيل، يجتمع وزراء دول حوض النيل اليوم في مدينة «عنتيبي» الأوغندية، لتوقيع اتفاقية إطار عمل تم التوصل إليها العام الماضي، وسط تصاعد الجدل حول إعادة توزيع مياه النهر بين دول المصب، مصر والسودان، ودول المنبع السبع وهي أوغندا وتنزانيا والكنغو وكينيا ورواند وبوروندي، وإثيوبيا.

وفيما حذر مصدر مصري من أن إبرام أي اتفاقية حول مياه النيل الذي يشكل شريان حياتها ستكون له «عواقب وخيمة»، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن توقيع اتفاق جديد من دون موافقة القاهرة والخرطوم «فكرة غير صائبة».

وقالت «جنيفر نامويانغو» وزيرة الدولة للمياه في أوغندا أمس، إن وزراء دول المنبع اتفقوا على عقد اجتماع بمدينة عنتيبي الأوغندية اليوم باستثناء مصر والسودان، لتحديد موقفها من البنود المعلقة خصوصا المرتبطة بالأمن المائي في نهر النيل. وذكرت نامويانغو أن دول المنبع تسعى للدفع بطلبها لتغيير حصص مياه النيل؛ لأن مصر تحصل على حصة كبيرة للغاية.

واتفقت كل دول حوض النيل العام الماضي على بنود اتفاقية إطار العمل التعاوني، البالغ عددها 39 بندا باستثناء بند واحد. وقالت نامويانغو إن أمن المياه ما زال يمثل مشكلة. وكانت مصر التي تحصل على معظم حاجاتها من المياه من النيل لكنها تواجه نقصا ممكنا بحلول عام 2017 قد أغضبت دول المنبع عندما أعلنت تمسكها بمعاهدات تعود لفترة الاستعمار وتضمن لها استخدام معظم المياه المتدفقة في النهر. وستجتمع دول حوض النيل باستثناء مصر والسودان بمدينة عنتيبي الأوغندية لتوقيع اتفاقية إطار عمل تم التوصل إليها العام الماضي.

وقالت نامويانغو: «سيمهد توقيع الاتفاقية الطريق أمام بدء أعمال المفوضية الدائمة لدول حوض النيل التي سيكون مقرها في عنتيبي. وقد تساعدنا هذه المفوضية بالفعل لحل بعض القضايا العالقة بيننا وبين مصر والسودان». وبمقتضى اتفاقية عام 1929 التي مثلت بريطانيا أحد أطرافها باعتبارها قوة استعمارية في أفريقيا تحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنويا وهي أكبر حصة من المياه المتدفقة في النهر وتبلغ 84 مليار متر مكعب، كما أنها تمنح مصر حق الاعتراض على إقامة سدود وغير ذلك من المشاريع المائية في دول المنبع. لكن دول المنبع التي تطمح للتنمية ما زالت تتمنى تغيير ما كان في الماضي مما يعمق نزاعا مريرا على الموارد المائية في المنطقة المتعطشة للمياه. وقالت الوزيرة الأوغندية لـ«رويترز» «نتفهم مخاوف مصر بشأن أمن المياه لكننا نعارض إصرارها على الاحتفاظ بحق الاعتراض وفقا لما نصت عليه الاتفاقيات الاستعمارية». إلى ذلك، أفاد مصدر مصري مطلع أمس أن توقيع أي اتفاقية من دون القاهرة، حول مياه النهر الذي يشكل شريان حياة لمصر «له عواقب وخيمة»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تحفظات مصر والسودان على الاتفاقية الإطار تتعلق بـ«الأمن المائي والموافقة المسبقة من دول المصب قبل إقامة أي مشاريع على نهر النيل والحقوق التاريخية لمياه النيل لمصر والسودان». وتعتبر القاهرة أن التوقيع على هذه الاتفاقية خروج عن القواعد يتطلب تحركا مصريا لدى المجتمع الدولي.

وقالت وزارة الموارد المائية والري المصرية أمس إن رئيس الوزراء الكيني سيصل إلى القاهرة قبل نهاية هذا الشهر، على رأس وفد رفيع المستوى لبحث التعاون بين البلدين بما فيه مشاريع الري. فيما يصل مسؤولون سودانيون لمصر خلال اليومين القادمين.

ومن جانبه صرح وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام بأن حقوق بلاده من مياه النيل مؤمنة ولا مساس بحصتها السنوية التي تقدر بنحو 55.5 مليار متر مكعب وفقا لاتفاقيات دولية معترف بها ووقعت بعد حركات التحرير واستقلال هذه الدول. وأضاف علام أن التحرك المصري مع دول حوض النيل مستمر وينبع من توجيهات مباشرة من الرئيس مبارك التي طرحها في خطابه أمام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى، وهي تأمين إمدادات المياه لصلتها الوثيقة بتحقيق أمن مصر الغذائي والقومي، وأن مصر تولي اهتماما فائقا لدعم علاقتنا بدول النيل، مؤكدا الثقة في قدرة المصريين المعنيين بملف المياه على التوصل إلى رؤية مشتركة تتأسس على التعاون لا التنافس وتحقق مصالح دول المنبع وتحفظ حقوق مصر والسودان واستخداماتهما من المياه. وقال الوزير إن المفاوضات ما زالت مستمرة وجادة بين دول حوض النيل العشر، وأنها تسير وفقا لجداول زمنية محددة. من جهته، قال المفاوض القانوني للحكومة السودانية الدكتور أحمد المفتي لـ«الشرق الأوسط» إن موقف حكومته هو رفض التوقيع على اتفاق الإطار، مشيرا إلى أن السودان ومصر أعلنا موقفهما منذ اجتماع شرم الشيخ الشهر الماضي، وأضاف: «التوقيع لا يعني أن الاتفاق سيصبح ساري المفعول فور التوقيع عليه وفق نصوص الاتفاق نفسه.. بعد أكثر من عام يمكن أن يصبح ساريا»، مشيرا إلى أن الفرصة ما زالت مواتية لإجراء مزيد من التفاوض والحوار. وفي القاهرة شدد رئيس وفد مفوضية الاتحاد الأوروبي لدى مصر السفير مارك فرانكو على أهمية التوصل إلى اتفاق إقليمي بين دول حوض النيل، قائلا إنه من الضروري العودة إلى المفاوضات بين دول مبادرة حوض النيل والتوصل إلى حل يرضي كافة الأطراف خاصة أن المياه تعد مصدرا هاما بالنسبة لدول المنبع والمصب. وأضاف أن توقيع سبع دول من حوض النيل اتفاقا جديدا حول تقاسم مياه النيل من دون موافقة مصر والسودان «فكرة غير صائبة». من جهته، قال «ستانيسلاس كامانزي» وزير البيئة الرواندي وممثلها في مجلس وزراء دول حوض النيل إن «وزراء دول منبع النيل سيوقعون اتفاقا جديدا مع أو من دون مصر والسودان لكيفية إدارة المياه بين دول الحوض». ويقول الخبراء إن نحو 96% من مياه نهر النيل تفقد سنويا دون استخدام من دول حوض النيل، سواء بالتبخر أو بالتسرب داخل باطن الأرض، وأن مبادرة دول حوض النيل التي تشارك فيها عشر دول من دول الحوض وتم الاتفاق عليها منذ عام 1998 تؤكد على الاستخدام الأمثل لهذه المياه الفاقدة ولصالح شعوب دول الحوض من خلال التعاون المثمر والفعال بين مصر ودول الحوض؛ لأن مصر تملك الخبرات الفنية والعلمية في مجال الموارد المائية والمياه بصفة عامة. وأيا كان الأمر يؤكد الخبراء أنه لا بديل عن التعاون بين مصر ودول حوض النيل.