يتم اليوم نقل رفات السياسي المغربي المختطف، عبد السلام أحمد الطود، من مدفنه السري المكتشف حديثا في قرية غفساي (شمال وسط المغرب)، إلى مثواه الأخير بمسقط رأسه في مدينة القصر الكبير( شمال غربي البلاد)، وذلك برعاية من المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الإنسان.
وكان الطود المنتمي لحزب الشورى والاستقلال قد اختطف مع رفيق له، هو إبراهيم الوزاني، في مدينة تطوان (شمال المغرب)، يوم الثلاثاء 12 يونيو (حزيران) 1956، من طرف مسلحين «كانوا تابعين آنذاك لحزب الاستقلال»، وفق ما قاله مصدر من عائلة الطود لـ«الشرق الأوسط».
وكان الطود، الحامل لشهادة العالمية من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف في القاهرة، عند اختطافه يعمل أستاذا ومديرا للمعهد العصري للدراسة الثانوية بتطوان، ومديرا مسؤولا لصحيفة «المغرب الحر»، الناطقة بلسان حزب الشورى والاستقلال في شمال المغرب، وله مؤلفات في التاريخ والجغرافيا، وترك مخطوطات لمؤلفات لم يكتب لها أن تنشر، لأن خصومه السياسيين، يضيف المصدر ذاته، استولوا عليها بالمطبعة ليصبح مصيرها مجهولا كمصيره.
وعزا المصدر دواعي اختطافه وتصفيته، إلى خلافه مع حزب الاستقلال حول قضايا حيوية تتعلق أساسا بدعوة الطود «إلى ضرورة استمرار الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي في المغرب العربي حتى تتحرر كل أقطاره، واعتراضه الشديد وتنديده القوي بسياسة الهيمنة القائمة على القمع والتقتيل والنهب والسلب التي كانت تمارسها بعض الميليشيات في نزوع واضح إلى إقامة نظام شمولي يقوم على الحزب الوحيد»، عقب استقلال المغرب، وذلك في تعارض تام مع ما كان يؤمن به الطود.
يذكر أنه تم اكتشاف المدفن السري للطود في قرية غفساي سنة 2005، بفضل الشهادات والمعلومات التي قدمها لأسرته مواطنون لم يرضهم أن يستمر هذا السر الثقيل في صدورهم.
واجتهدت هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أوكل إليها الملك الراحل الحسن الثاني، ثم الملك محمد السادس من بعده، مهمة استكشاف أسرار ما اصطلح المغاربة على تسميته «سنوات الجمر»، ومهمة جبر الأضرار التي حاقت بضحايا تلك السنوات الصعبة، في تلقي شهادات إضافية من جهات أخرى حول قضية الطود والوزاني، وفي التحقق من صدقية كل تلك الشهادات والمعلومات، فتأكد لها أن المدفن الذي أشارت إليه الشهادات هو المدفن الحقيقي للمختطفين.