الشاباك الإسرائيلي يبتز الفلسطينيين.. تصاريح تنقل مقابل التعامل

يصطاد الشبان عن الجسور والحواجز ويتصل ببعضهم تليفونيا

TT

قليلون هم الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية الذين لم يتعرضوا لمحاولات تجنيدهم كعملاء من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، الذي يحاول استغلال الظروف والحواجز وتصاريح دخول إسرائيل وكذلك القدس المحتلة في اصطياد المتعاونين. وعلى مدار عشرات الأعوام نجحت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في تجنيد آلاف منهم، وطالما تباهى قادة أمنيون إسرائيليون بأنهم يملكون جيشا من العملاء.

وتظهر اعترافات عملاء أثناء الانتفاضتين الأولى والثانية وبعض من حاكمتهم السلطة مؤخرا أن اهتمام إسرائيل بالعملاء لا يطال فقط أولئك المنظمين مع فصائل فلسطينية، ولكن تقريبا «كل شخص».

وتصطاد المخابرات، الشبان الفلسطينيين على الحواجز في الضفة الغربية أو أثناء عودتهم من السفر على الجسور. وهناك من يتلقى اتصالات هاتفية مباشرة على جواله من ضباط في المخابرات يستدعونه للحضور.

وقبل أشهر أوقف حاجز إسرائيلي جنوب الضفة الشاب «ع» وطلب منه الجنود مراجعة المخابرات في مستوطنة عتصيون قرب مدينة الخليل، وهناك عرضوا عليه التعاون مقابل أن يفتحوا له محلا تجاريا ويسهلوا دخوله لإسرائيل. وقال «ع» العامل في مجال الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» «بالعربي هم يريدونني أن أصير عميلا، سألوني عن الراتب، واستغربوا كيف أستطيع أن أعيش براتب كهذا.. فعرضوا علي أموالا ومحلا وتسهيلات كثيرة، لكني قلت لهم بصراحة بأني لا أعرف شيئا أخبركم به ولا أريد أن أعمل لا معكم ولا مع غيركم». وانتهت قصة «ع» عند ذلك.

وتحدث «م» وهو عامل لـ«الشرق الأوسط» عن كيف طارده ضابط المخابرات عبر الاتصالات على جواله، وفي كل مرة كان يسأله عن قضايا سياسية أو اجتماعية مختلفة من أجل فتح أبواب للصداقة. وقال «م»: «في النهاية اضطررت للتخلص من شريحة الجوال واستبدالها».

وقبل أيام جرب رجال «الشاباك» الأمر مع «ف» وهو (طالب) أثناء عودته من الأردن، وهددوه بمنعه من السفر ثانية وتعطيل دراسته.

وتلاحق المخابرات الإسرائيلية حتى أسرى سابقين، وبعد يوم من إطلاق سراح «ح» وهو موظف لدى السلطة الفلسطينية الشهر قبل الماضي، اتصل ضابط في «الشاباك» به وطلب منه الحضور إلى مقر المخابرات في اليوم الثاني. وقال «ح» لـ«الشرق الأوسط»: «قال لي تعال أريد أن أتعرف عليك.. فأجبت: أنا كنت عندكم.. يعني لازم أحضر، فرد علي قائلا: إذا لم تحضر بخاطرك.. سأبعث إليك طيرا أبابيل تحضرك».

وأضاف «عندما ذهبت سألني عن كل شيء. وعرض علي التعاون مقابل رفع المنع الأمني عني. وقال إنه سيسمح لي بالسفر وأداء العمرة. وعندما رفضت، قال لي: أنت حر. فسألته في النهاية وأنا أهم بالمغادرة، يعني ما بقدر أروح الحين أعتمر، فقال لي ساخرا: (إذا بتوخذني معك بتروح)».

أما «م» وهو تاجر فقد استدعي وتلقى عروضا مغرية بمنحة تصاريح وبطاقة الشخصيات المهمة «في آي بي» وفتح تعاون تجاري مع تجار إسرائيليين مقابل تعاونه.

ورغم أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تنفي ابتزازها للفلسطينيين، فإن الإعلام الإسرائيلي نفسه طالما كتب عن هذا، وقالت صحيفة «هآرتس»، الإسرائيلية، أول من أمس، إن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يحاول ابتزاز طلاب فلسطينيين يدرسون الطب في جامعة القدس في أبو ديس، والتهديد بمنعهم من الوصول إلى مستشفيات القدس للتدرب إذا لم يتعاونوا معه.

وقال طالبان فلسطينيان للصحيفة إنهما منعا من دخول القدس، بعدما رفضا عروضا من ضابط في (الشاباك) عرف نفسه بـ«الكابتن بيران»، طلب منهما تقديم التقارير له عن نشاط الطلبة في الجامعة كشرط لمنحهما التصاريح.

وقال الطالبان «ع» و«ط»، 23 عاما، اللذان يدرسان الطب في السنة الخامسة في جامعة القدس (أبو ديس)، إنهما كانا يتوجهان إلى مستشفيات القدس للتدريب كجزء من المساقات المطلوبة من كافة طلبة الطب في الجامعة.

وتتعاون كلية الطب في الجامعة مع مستشفيات في القدس مثل المقاصد والمطلع والفرنساوي. وفي عام 2008 باشر الطالبان في مرحلة التدريبات في هذه المستشفيات بعد حصولهما على تصاريح مؤقتة من «الشاباك». لكنهما توقفا العام الماضي بعد سحب التصاريح منهما. وبدأت القصة مع الطالب «ط» عند عودته من السفر، إذ استدعي للتحقيق لدى «الشاباك»، فوجه له شخص يطلق على نفسه اسم الكابتن بيران أسئلة حول استعداده للمساعدة في مراقبة نشاط أشخاص في الجامعة، وعندما رد الطالب بأنه غير مستعد لذلك ولا يملك الوقت إلا للتعليم، هدده بأنه لن يمكنه من إنهاء تعليمه، أما إذا وافق على التعاون معه فإنه سيمنحه تصريحا للتدريب والتخصص حتى في مستشفى هداسا الإسرائيلي.

وروى الطالب «ع» قصة مشابهة اشترط فيها «الشاباك» حصوله على التصريح بالتعاون معه. فقد أبلغه «الشاباك» بأن الكرة الآن في ملعبه بعدما حاول التملص من عروض «للتعاون»، وكانت النتيجة أن خسر الاثنان تصاريح الدخول للقدس.

ونفى جهاز المخابرات الإسرائيلي هذا الأمر قطعيا، وبرر الأمر، بوجود منع أمني نتيجة وجود مخالفات أمنية، وهذا أيضا ما ذكره مكتب الإدارة المدنية في «بيت ايل» قرب رام الله، ردا على رفض تجديد تصاريح الطالبين.

وتكرر الأمر مع طالبة من منطقة نابلس تدرس طب الأسنان في جامعة القدس تم منعها من دخول القدس بعد عودتها من زيارة إلى الولايات المتحدة، وكان رد المخابرات الإسرائيلية كالمعتاد «لدواعٍ أمنية».