حكومة كاميرون تبدأ بتقليص عجز الميزانية.. انطلاقا من خفض معاشات أعضائها

اقتراح لتعديل قوانين حل مجلس العموم يتسبب بجدل داخل «المحافظين» ومعارضة «العمال»

صورة جماعية لحكومة كاميرون الائتلافية الأولى التي تضم 4 نساء بينهن أول سيدة مسلمة في صورة تذكارية (أ.ب)
TT

بدأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي يترأس حكومة ائتلافية تضم حزب الليبراليين الديمقراطيين، تنفيذ وعوده التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية باعتماد خطط فورية لتقليص الدين العام. وكان أول قرار اتخذته الحكومة الائتلافية أمس في أول اجتماع لها، تقليص معاشات رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة بـ5 في المائة، وتجميدها لمدة 5 سنوات، مدة الحياة المفترضة للحكومة. وبهذا، يصبح معاش رئيس الوزراء 142 ألف جنيه إسترليني سنويا بعد أن كان 150 ألف جنيه إسترليني. وستجمد معاشات أعضاء الحكومة طوال السنوات الخمس المقبلة، في خطوة من المتوقع أن توفر على الخزينة نحو 3 ملايين جنيه إسترليني، وهو مبلغ ضئيل مقارنة مع رقم العجز الوطني التي يبلغ 163 مليار جنيه إسترليني. ويتضمن البيان الانتخابي لحزب المحافظين تجميد معاشات موظفي القطاع العام لمدة سنة كاملة، باستثناء المليون موظف في أدنى سلم الدخل.

وهذا القرار هو الأول من سلسة قرارات قاسية من المتوقع أن تناقشها الحكومة خلال الأيام المقبلة، تتعلق بتخفيض النفقات في القطاع العام. ومن المتوقع أن تطال التخفيضات تقريبا كل القطاعات العامة في بريطانيا. وستؤدي هذه السياسة بآلاف الموظفين الحكوميين إلى فقدان وظائفهم، إلا أن الاقتصاديين يشددون على ضرورة اتخاذ هذه الخطوات لتفادي تفاقم أزمة ديون بريطانيا في المستقبل القريب. ويبدو حتى أن ميزانية الألعاب الأولمبية التي من المقرر أن تستضيفها لندن في عام 2012، لن تكون محمية من التخفيض. وقال وزير الرياضة والألعاب الأولمبية جيريمي هانت أمس، إن ميزانية وزارته غير محمية، مما دفع بحاملة الحقيبة في الحكومة العمالية السابقة تيسا جاويل إلى التحذير من تعريض الألعاب الأولمبية للخطر.

وحذر اقتصاديون أمس من أن هذه الضريبة على القيمة المضافة قد ترتفع من 17.5% لتصل إلى 20 في المائة، وهي خطوة ستوفر على الخزينة 11.5 مليارات جنيه إسترليني سنويا. وقال تقرير صدر أمس عن مجموعة من الاقتصاديين، إن 24 من أصل 29 خبيرا اقتصاديا تستشيرهم وزارة الخزانة، يتوقعون أن ترتفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 20 في المائة، بنهاية عام 2011. وعلى الرغم من أن أيا من الحزبين لم يتحدث عن زيادة الضريبة على القيمة المضافة خلال حملته الانتخابية، إلا أن أيا منهما لم يلتزم في المقابل بألا يرفعها حال وصل إلى السلطة.

وجاء في الاتفاق الذي توصل إليه الحزبان لتشكيل حكومة ائتلافية، أن الحكومة ملتزمة «بإجراء تخفيضات بشكل سريع» في عجز الميزانية، مع التزام بتخفيض 6 مليارات جنيه إسترليني من القطاع العام خلال هذه السنة. وتمكن المحافظون من إقناع الليبراليين الديمقراطيين بالموافقة معهم على تطبيق هذه الخطة التي كانوا يعارضونها خلال حملتهم الانتخابية. وكان نيك كليغ، زعيم الليبراليين الديمقراطيين الذي عين نائبا لرئيس الوزراء، يدعو خلال الحملة الانتخابية إلى عدم بدء تخفيضات في القطاع العام على الفور «لأنه ذلك قد يعرض التعافي الاقتصادي للخطر». وستقدم الحكومة ميزانية طوارئ خلال 50 يوما، من المتوقع أن تفصل فيها القطاعات العامة التي ستخضع للتقليص.

وتابع كاميرون أمس استكمال التعيينات الوزارية في حكومته. وتضم كل وزارة إضافة إلى الوزير حامل الحقيبة، 5 وزراء آخرين يعملون تحت إمرته. ويسعى كاميرون إلى إيجاد تسوية بين إرضاء أعضاء حزبه مستاؤون من الائتلاف، والحرص على تعيين أعضاء من الليبراليين الديمقراطيين في مناصب حكومية عليا في كل وزارة.

وعلى الرغم من أن الصحف البريطانية انشغلت أمس بمتابعة قصة «العلاقة المميزة» بين كاميرون وكليغ بعد مؤتمرهما الصحافي المشترك أول أمس والذي بدوا فيه منسجمين للغاية، فإن المخاوف من أن تبدأ الفروقات بين الحزبين تظهر إلى السطح قريبا، ما زالت تتردد. وبالفعل، فقد أعلن كاميرون الذي يعرف مدى الاختلافات التي تحكم الحزبين، تشكيل لجنة خاصة للائتلاف هدفها التأكد من استمرار العلاقات الجيدة بين المحافظين والليبراليين الديمقراطيين. وطلب كاميرون إلى أعضاء حكومته خلال الاجتماع الأول الذي ترأسه أمس، إبقاء خلافاتهم جانبا لتأمين سير جيد للحكومة.

وبعد يومين فقط على تشكيل الحكومة، بدأت بوادر «تمرد» تتشكل ضدها، على خلفية اقتراح حكومي لتغيير شروط حل البرلمان. فقد تضمن الاتفاق بين الليبراليين الديمقراطيين والمحافظين لتشكيل حكومة ائتلافية، أن إسقاط الحكومة لن يتم إلا بعد الحصول على موافقة 55% من أعضاء المجلس، عوضا عن 51 في المائة، النسبة المطلوبة لتمرير القرارات.

ويشكل هذا الاقتراح تغييرا كبيرا في قوانين مجلس العموم الذي عادة يتطلب موافقة 51% من أعضاء لإسقاط الحكومة. ويعني أيضا أن كاميرون يمكنه أن يبقى رئيسا للوزراء حتى ولو انسحب الليبراليون الديمقراطيون من الائتلاف وصوتوا في المجلس مع الأحزاب الأخرى لإسقاط الحكومة. فنسبة هذه الأحزاب مجتمعة تكون 53 في المائة، علما أن حزب المحافظين يحتل اليوم 47% من مقاعد المجلس.

إلا أن نوابا من حزبي العمال والمحافظين اعترضوا على الاقتراح، ووصفه جاك سترو وزير العدل السابق (عمال) بأنه غير ديمقراطي، وقال: «لنفترض أن 51% من أعضاء البرلمان يعارضون قرارات الحكومة، ولكن لا يمكنهم تأمين الـ55% لإسقاطها، فهذا يعني أن الحكومة ستبقى رغم أنها غير قادرة على العمل». وقالت وكالة «اسوشييتد برس» إن بعض كبار نواب حزب المحافظين من الإصلاحيين اعترضوا أيضا على الاقتراح.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أمس أن وزير الخارجية الجديد ويليام هايغ سيزور واشنطن اليوم ليلتقي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في أول زيارة خارجية له، وبعد 3 أيام فقط من توليه منصبه. وجاء في البيان أن كلينتون التي تحدثت إلى هايغ عبر الهاتف أمس، وجهت إليه دعوة لزيارة واشنطن، وأن الزيارة ستتم اليوم.