تركيا تتحدث عن «ثورة» في علاقاتها مع اليونان

أوغلو عشية زيارة أردوغان لأثينا: نريد استئصال مفهوم التوتر من عقول الجانبين

تلاميذ يونانيون يسيرون باتجاه نصب الجندي المجهول، فيما ترفرف الأعلام اليونانية والتركية، وسط أثينا أمس (أ.ب)
TT

اعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن الزيارة التي سيقوم بها إلى اليونان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ستشكل «ثورة» في العلاقات بين البلدين الجارين. ومع بدء زيارته اليوم، سيرأس أردوغان ونظيره اليوناني جورج باباندريو الاجتماع الأول لهيئة استشارية تضم عشرة وزراء من كل بلد، لتعزيز العلاقات بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي اللذين كادا في 1996 أن يدخلا في حرب.

وقال أوغلو إن المحادثات التي ستستمر يومين في أثينا بين الجانبين، ستكون أشبه بـ «مجلس وزراء مشترك» بين الحكومتين اليونانية والتركية. وأضاف في مقابلة مع شبكة «هابرتورك» أن «الزيارة هي بمعنى ما ثورة»، متوقعا أن تتيح «الانتقال إلى مرحلة سيكولوجية جديدة» بعد عقود من العداء، مشيرا إلى أن المناقشات «ستؤدي إلى تغيير في أذهان» أفراد الشعبين التركي واليوناني. واعتبر أن «من واجبنا ألا نكتفي فقط بتقليل أهمية التوترات، بل أن نزيد أيضا مساحات التعاون بحيث يتم استئصال مفهوم التوتر من العقول لدى الطرفين». وقال إن التحسن الواضح للعلاقات بين تركيا وروسيا، عدوها خلال الحرب الباردة، أو مع سورية الخصم السابق الآخر، يثبت أن تقدما مماثلا ممكن مع اليونان.

بدوره، دعا وزير الدولة التركي للشؤون الأوروبية أغمن باغيس، في مقابلة نشرتها صحيفة «تا نيا» اليونانية الاثنين الماضي، إلى خفض متبادل للنفقات العسكرية، فيما تواجه اليونان أزمة مالية خطرة.

ومن الجانب اليوناني، أكد مساعد وزير الخارجية، ديميتريس دروتساس، أن زيارة أردوغان ستكون «بداية جهد جديد» من أجل «تعاون أوثق» مع أنقرة. وقال إنه يتوقع «نتائج إيجابية جدا». وكشف دروتساس أن نحو مائة من رجال الأعمال الأتراك سيرافقون أردوغان ورحب بـ «الفرصة الجيدة جدا لرجال الأعمال اليونانيين للتعاون مع نظرائهم الأتراك وخصوصا في الظروف الاقتصادية التي تمر بها اليونان».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن نائب رئيس المؤسسة اليونانية للشؤون السياسية الأجنبية والأوروبية (الياميب)، ثانوس فيريميس، قوله إن زيارة أردوغان «سترتدي قبل كل شيء طابعا تجاريا، وقد نظمت خصوصا لعقد صفقات وتوسيع المبادلات التجارية». ومن المقرر أن يعقد منتدى لرجال أعمال من كلا البلدين ينظمه أرباب العمل اليونانيون والأتراك اليوم في أثينا على أن يفتتحه رئيسا حكومتي البلدين. وقال دروتساس إن التعاون «في مجالات لدينا فيها مصالح متبادلة» يهدف إلى «إرساء مناخ جديد من الثقة لنعالج بروح جديدة المواضيع الأخرى الأصعب».

وكان باباندريو وضع طريقة التقارب التدريجي عندما باشر في مستهل عام 2000 تطبيع العلاقات الثنائية مع نظيره في تلك الفترة وزير الخارجية التركي إسماعيل جيم.

ويقول اليونانيون إنهم ليسوا في وارد خفض درجة التأهب من دون مقابل. وقال نائب وزير الدفاع اليوناني بانوس بغليتيس، الاثنين، إن احتمال خفض ثنائي للأسلحة مشروط بإرساء «مناخ من الثقة والصدق». والمواضيع التي تثير القلق كثيرة ومترابطة، سواء شملت قضية قبرص أو مسائل ترسيم المجالين الجوي والبحري في بحر إيجه والجرف القاري المؤلف من عدد كبير من الجزر في المنطقة. فالسيادة المشكوك فيها على الجزر الصغيرة الصخرية ووضع الأقليات على طرفي الحدود تغذي أيضا الخلافات إضافة إلى تدفق المهاجرين غير الشرعيين على السواحل اليونانية.

وتتهم أثينا أنقرة بالتغاضي عن هذا التهريب الذي ينطلق من سواحلها وبأنها لا تحترم اتفاقا موقعا قبل عشر سنوات على تسليم المهاجرين. وقال فيريميس «لا نتوقع نتائج كبرى بل تبادلا وديا للآراء يرسي الثقة، وهذا جيد، لكن من دون تغييرات كبيرة متوقعة في نظام العلاقات اليونانية - التركية». ويعتبر هذا الخبير أن «الوضع ليس مهيأ حتى الآن للتغيير» مشيرا إلى أن وصول قيادة قومية إلى السلطة في الشطر الشمالي التركي من قبرص «لا يعد بالانفتاح» مضيفا أن «الوضع المالي اليوناني الذي سيستمر سنوات يشجع بالتالي على بقاء الأمور كما هي». وفي شأن تركي داخلي، حددت أمس اللجنة المشرفة على الانتخابات يوم 12 سبتمبر (أيلول) المقبل، موعدا للاستفتاء على مشروع قانون لتعديل الدستور الذي يرعاه حزب العدالة الاجتماعية الحاكم ذو الجذور الإسلامية. وتواجه التعديلات التي صدق عليها الرئيس التركي أول من أمس بعدما أقرها البرلمان الأسبوع الماضي معركة قضائية من قبل حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي ينظر لها باعتبارها مسعى من قبل الحزب الحاكم لتعزيز سلطته.