منتدى التعاون العربي الصيني يدعم السلام بالشرق الأوسط وإخلاءه من أسلحة الدمار

الفيصل يدعو إيران للتجاوب في الملف النووي * موسى يأمل في انضمام الصين للرباعية الدولية

وزيرا خارجية السعودية وقطر خلال منتدى التعاون العربي - الصيني الرابع في بكين أمس (رويترز)
TT

أعلن منتدى التعاون العربي - الصيني الرابع، على المستوى الوزاري، دعمه لجهود السلام بالشرق الأوسط وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار. ودعا الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إيران للتجاوب بشفافية في ملفها النووي معلنا دعم بلاده إخلاء كامل منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الخليج العربي، وأكد اهتمام المملكة العربية السعودية بتطوير علاقات التعاون والصداقة مع الصين.

وقال الفيصل في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى إن العلاقات تشهد نموا مطردا في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية معربا عن أمله في أن تسير العلاقات الصينية - العربية في نفس الاتجاه.

وأعرب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن أمله في انضمام الصين إلى الرباعية الدولية لممارسة دورها في عملية السلام.

وكان موسى قد عقد فور وصوله إلى العاصمة الصينية بكين مباحثات مع وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي تمحورت حول 3 قضايا: المنتدى وما حققه من نتائج، وتفعيل حوار الحضارات، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين التي انطلقت في هذا الصدد.

وفي كلمته، أوضح الأمير الفيصل أن تطوير وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية من شأنه أن يسهم على نحو فعال في معالجة المشكلات والأزمات الناجمة عن الابتعاد عن مقاصد الأمم المتحدة وعدم الالتزام بالشرعية الدولية وازدواجية المعايير.

وقال الأمير الفيصل: «يشرفني أن أنقل للقيادة الصينية والشعب الصيني الصديق تحيات وتقدير وتمنيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز». وأضاف «سعدت بلادي لاستضافتها ندوة الحوار بين الحضارتين برعاية ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز».

وذكر أن هذا «اللقاء الرابع للمنتدى العربي - الصيني يجسد رغبتنا المشتركة وإرادتنا الجماعية لبناء علاقات تعاون وشراكة استراتيجية بين الصين والدول العربية تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المثمر والتشاور الفاعل في سبيل خدمة السلام والأمن الدوليين وتحقيق الرفاهية لشعوبنا والاستقرار والنماء للاقتصاد العالمي».

وقال وزير الخارجية السعودي إن ما تتسم به العلاقات الدولية حاليا من نشوء تكتلات متعددة ومناخات ملائمة لترسيخ التعاون متعدد الأطراف «يوفر أرضية مناسبة لتعزيز روابطنا وتعميق تعاوننا وخدمة مصالحنا المشتركة». وحدد الفيصل متطلبات المرحلة قائلا: «نتطلع إلى أن يستمر هذا المنتدى في دوراته المتعاقبة في وضع الآليات الملائمة والخطط الفاعلة لتحويل هذه الرؤى إلى واقع ملموس في كافة المجالات والقطاعات». وأضاف أن الطموح والفرص والإمكانيات لا تزال أكبر مما تحقق خاصة في مجال المشاريع المشتركة والاستثمارات المباشرة ونقل التقنية.

وأشار الوزير السعودي إلى أن حجم اقتصاد الصين والدول العربية يتيح فرصا هائلة وواعدة ومثمرة للمزيد من التعاون وبالتالي بناء علاقات استراتيجية متينة، مشيدا بحجم التعاون والتبادل التجاري بين المملكة والصين، لافتا إلى أن الصين أصبحت منذ عام 2008 ثاني أكبر مصدر لواردات المملكة وثالث أكبر سوق لصادرات المملكة بحجم تجارة بلغ قرابة 41 بليون دولار، كما تسهم الشركات الصينية حاليا بتنفيذ مشاريع تنموية داخل المملكة بلغ عددها 100 مشروع بلغت قيمتها 44 بليون ريال.

وتطرق الأمير الفيصل إلى قضايا المنطقة، مؤكدا الرغبة الصادقة من الجانب العربي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط تمثلت في تبنيه السلام خيارا استراتيجيا وفي تقديمه مبادرة شاملة ومتوازنة للسلام مع إسرائيل تستند على قرارات ومبادئ الشرعية الدولية، لكن هذه اليد الممدودة لا تزال تقابل للأسف بالمزيد من التعنت والرفض والتعطيل من قبل الحكومة الإسرائيلية، التي قال إنها تتمادى في العدوان، منتقدا ممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة، وسياسة الاستيطان، وكذلك تحديها لإجماع المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن.

وقال الفيصل إن العالم العربي يقدر عاليا مواقف الصين الثابتة الداعية لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وتحقيق السلام العادل والشامل. ووصف الصين بأنها من أبرز أقطاب عالم اليوم، نظرا لدورها المؤثر في مجلس الأمن. وقال: «نتطلع دوما إلى المزيد من التفعيل لجهودها في سبيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط».

وأشاد الأمير الفيصل بالدور الإيجابي للصين في حل أزمة دارفور، ومشاركتها المهمة في مجموعة الخمسة زائد واحد لبحث الملف النووي الإيراني. وشدد على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط برمتها بما فيها منطقة الخليج، من كافة أسلحة الدمار الشامل دون استثناء، وعبر عن تأييد المملكة لجهود مجموعة خمسة زائد واحد لحل أزمة برنامج إيران النووي سلميا، وكذلك كفالة حق جميع دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير واشتراطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ودعا وزير الخارجية السعودي إيران إلى التجاوب بشفافية ومصداقية مع هذه الجهود، وتحدث عن الرؤى المشتركة للدول العربية والصين بخصوص أهمية تفعيل دور الأمم المتحدة وتطوير أدائها وتحقيق تمثيل متوازن وعادل لدول الجنوب في كافة هياكلها وأجهزتها بدءا من مجلس الأمن وانتهاء بكافة هيئات النظام المالي الدولي.

وطرح موسى في كلمته عددا من المقترحات التي تستهدف مجالات جديدة للتعاون، تشمل تعزيز بناء المنتدى العربي - الصيني، والحفاظ على آليات التعاون القائمة وتطويرها، وتوسيع التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، والتعاون وتبادل الخبرات في المجال الصحي، وتوسيع التعاون في مجال السياحة، ودفع التعاون في مجال تنمية الموارد البشرية.

ودعا موسى الصين للمساهمة بشكل فاعل في عملية السلام، والانضمام إلى اللجنة الرباعية الدولية، وكذلك دعمها لمبادرة السلام العربية بما يمكن من إحياء السلام في منطقة الشرق الأوسط، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وحظي الاجتماع العربي - الصيني بدعم الرئيس الصيني هو جينتاو. وأسفرت أعماله التي بدأت في بكين واختتمت في مدينة تيانجين عن عدد من الوثائق التي وقع عليها الجانبان، منها إعلان تيانجين الذي دعا جميع دول العالم إلى تكريس مفاهيم السلام والتنمية والعدالة والديمقراطية والتعاون المشترك والتسامح والعمل معا على مواجهة مختلف التحديات، ورفض ظاهرة الإرهاب والتطرف والنزعات الانفصالية بكافة أشكالها.

وفور وصوله العاصمة الصينية بكين مساء أول من أمس، عقد موسى مباحثات مع وزير الخارجية الصيني، بحضور وزير الخارجية الليبي موسى كوسا بوصفه رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، ثم التقى المسؤول الصيني مع وزراء الخارجية العرب وفى مقدمتهم الأمير الفيصل، ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جبر آل ثاني، ووزراء خارجية لبنان والأردن والكويت والإمارات والجزائر وموريتانيا على مأدبة عشاء، حيث تم استعراض كل القضايا التي تتعلق بأعمال المنتدى ومستقبل التعاون والتشاور الاستراتيجي.

وأكد البيان الختامي للمنتدى العربي - الصيني دعم الخيار الاستراتيجي للدول العربية لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية وفق حل الدولتين.

وكان وزراء الخارجية العرب قد تجولوا قبل بدء أعمال المنتدى في تيانجين بعد وصولهم إليها عبر القطار فائق السرعة، وتعرف رؤساء الوفود على أكبر ميناء ومنطقة صناعية في الصين. وبعد حفاوة بالغة بالحضور العربي المكثف للصين، بدأت أعمال الجلسة الافتتاحية بكلمات مختصرة لوزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي، ثم كلمة وزير خارجية ليبيا بوصفه رئيس القمة العربية الحالية، ثم تحدث رئيس مجلس الدولة الصيني ون جياباو عن عمق العلاقات وأهميتها بعد إعلان التعاون الاستراتيجي. وتحدث عن المستقبل الواعد للعلاقات العربية - الصينية والتزام الجانب الصيني بكل ما تم الاتفاق عليه في وثائق المؤتمر.