ميدفيديف: زيارة لولا لطهران «قد تكون الفرصة الأخيرة» قبل فرض عقوبات في مجلس الأمن

الرئيس الروسي قال إن احتمال نجاح مهمة نظيره البرازيلي 30% * أردوغان: لن أزور طهران.. لأنها لم تستجب

رئيس وزراء روسيا فلاديمير بوتين لدى استقباله لويس ايناسيو لولا دا سيلفا في موسكو أمس (رويترز)
TT

أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس أن زيارة الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا المتوقعة لإيران غدا، الأحد، «قد تكون الفرصة الأخيرة» قبل تبني فرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. فيما أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس أنه لن يتوجه على الأرجح إلى إيران لإجراء محادثات مع الرئيس البرازيلي والقادة الإيرانيين، مشيرا إلى أن طهران لم تستجب للجهود من أجل تسوية مشكلة برنامجها النووي. وقال أردوغان للصحافيين إن أنقرة كانت تنتظر من الإيرانيين الالتزام باقتراح حل.

وتتلخص المشكلة في البحث عن صيغة مرضية تسمح بحصول إيران على اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة خارج أراضيها في عملية تجري تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال الرئيس الروسي بعد محادثات مع نظيره البرازيلي في الكرملين: «آمل فعلا أن تكلل مهمة رئيس البرازيل بالنجاح. قد تكون هذه الفرصة الأخيرة قبل إجراءات نعرفها في مجلس الأمن». ويصل لولا الذي يعارض فرض عقوبات خلافا للدول الغربية، إلى إيران غدا في محاولة لإخراج المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني من الطريق المسدود. ومع أنه كان يتحدث وهو يبتسم بعد تصريح للرئيس البرازيلي الذي تحدث عن تفاؤله، رأى ميدفيديف أنه سيكون من الصعب على لولا دا سيلفا انتزاع تسوية. وقال «بما أن صديقي متفائل وأنا متفائل أيضا، أتوقع النجاح بنسبة ثلاثين في المائة».

وأشار الرئيس الروسي إلى أنه في حال عدم حدوث تغييرات في الموقف الإيراني وإذا لم تتمكن الأسرة الدولية من إقناع طهران فإنها ستكون مضطرة إلى التصرف وفق المواقف التي سبق وناقشتها اللجنة السداسية وغيرها من بلدان الأسرة الدولية. وقال ميدفيديف إنه لا يود أن تتطور الأمور في مثل هذا الاتجاه مؤكدا أنه لا يستبعده وأنه ناقش هذه الأمور مع نظيره الأميركي باراك أوباما. ومضى ليقول إن المواقف المشتركة لا تزال قائمة وتلتزم بها كل الدول في إطار ضرورة أن يكون البرنامج النووي الإيراني سلميا مع تأكيد ضرورة خضوعه للرقابة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأهمية مراعاة طهران لقواعد حظر انتشار التكنولوجيا النووية.

وقال إن «الالتزام بذلك يضمن أن تحتل إيران مكانة جديرة بالاحترام ضمن الدول التي تعمل في مجال الأبحاث النووية».

ومن جانبه أكد الرئيس البرازيلي تفاؤله إزاء مباحثاته المرتقبة في طهران وإمكانية التوصل إلى الحل المنشود لأنه على يقين من أن الشعب الإيراني يريد السلام ما يدعو إلى ضرورة توفر المزيد من الثقة المتبادلة. وأكد استعداد الجميع من أجل مساعدة إيران في التوصل إلى الطريق الصحيح والحل المناسب لهذه القضية. وقال إنه في حال عدم التوصل إلى ذلك فإن الخسارة ستكون خسارته والخطأ خطأه. وقال لولا دا سيلفا: «كنت متفائلا أمس وأنا أكثر تفاؤلا اليوم وقد أكون أكثر تفاؤلا غدا وأريد أن أكون أكثر تفاؤلا بعد لقاء (الرئيس الإيراني محمود) أحمدي نجاد». وتبدو روسيا التي تدعم إيران تقليديا مستاءة أكثر فأكثر من سلوك طهران ولا تستبعد فرض عقوبات يطالب بها الغرب الذي يشتبه بأن إيران تسعى لامتلاك سلاح سري تحت غطاء برنامج نووي مدني.

وفي أنقرة صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس أنه لن يتوجه على الأرجح إلى إيران لإجراء محادثات مع الرئيس البرازيلي والقادة الإيرانيين مشيرا إلى أن طهران لم تستجب للجهود من أجل تسوية مشكلة برنامجها النووي. وقال أردوغان للصحافيين إن أنقرة كانت تنتظر من الإيرانيين الالتزام باقتراح حل.

وقال أردوغان إن مكان التبادل قد يكون تركيا. وأضاف: «طلبنا إعلانا بشأن القرار المتعلق بتركيا إذا كانت ستقوم بدور في التبادل.. وبالتفاهم مع البرازيل، كنا نريد تقديم مساهمة في هذه العملية». وتابع: «يبدو لي أن رحلة إلى طهران لم تعد ممكنة لأن إيران لم تتخذ قرارا في هذا الشأن». وأكد أردوغان «في حال الضرورة سيذهب وزير الخارجية وقد أذهب في وقت لاحق». وكانت طهران ذكرت أول من أمس أن أردوغان سيكون في إيران خلال زيارة الرئيس البرازيلي الذي يصل الأحد إلى طهران.

من جهتها تبذل الإدارة الأميركية جهودا لإقناع الدول غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم جهودها مع الدول الأوروبية لفرض عقوبات دولية جديدة على إيران. وتواصل الإدارة الأميركية مشاوراتها مع الدول المعنية، وخاصة تركيا التي أعرب رئيس وزراءها رجب طيب أردوغان عن رغبته في حل الملف النووي الإيراني دبلوماسيا ومن دون قرار مجلس امن جديد. كما أنها تتشاور مع الدول الأوروبية وروسيا والصين فيما يخص هذا الملف الدول غير الدائمة العضوية مثل البرازيل. ومن المرتقب أيضا أن يكون الملف الإيراني مطروحا خلال زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى واشنطن في 24 مايو (أيار) الجاري وخلال فترة ترأس لبنان لمجلس الأمن.

واتصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بنظيرها التركي أحمد داود أغلو لبحث الملف الإيراني أول من أمس بحث هذه القضية. وأبلغت كلينتون داود أغلو الموقف الأميركي تجاه إيران ورفضها الالتزام بالتعهدات الدولية. وأفاد مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «الوزيرة أعادت تأكيد رأينا المعروف بأن فشل إيران في تطبيق التزاماتها النووية الدولية يثير قلقا جديا». وأضاف أن «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا دعمت منذ زمن أسلوب المسارين بالتواصل المبدئي والضغوط ذات الأهداف»، موضحا: «سنواصل نقاش الخطوات الصلبة التي ستقوي الخيار الذي تواجهه إيران فيما يخص التزاماتها الدولية في برنامجها النووي».

وتبحث الإدارة الأميركية مع حلفائها حول العالم الملف الإيراني لإطلاعهم على التصرفات الإيرانية وضرورة إبقاء مساري الضغط والتفاوض مطروحين. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركي بي جي كرولي: «بالطبع نتوقع تقديم مشروع قرار (ضد إيران) في نيويورك خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وحينها سيكون على تركيا اتخاذ قرار فيما يخص دعم أو عدم دعم ذلك القرار». وأضاف: «كانت لدينا الكثير من النقاشات مع تركيا والبرازيل وآخرين يتواصلون مع هذه العملية».

وتراقب واشنطن زيارة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى طهران، بالإضافة إلى الاتصالات التركية مع الإيرانيين. وقال كرولي: «تركيا والبرازيل التزمتا بالسعي لإحراز تقدما على مسار الحوار ونحن فعلنا ذلك في السابق أيضا. بالطبع نحن نرحب بأي جهود أو خطوات يمكن أن تتخذ لإقناع إيران بتغيير نهجها». إلا أن هناك شكوكا أميركية كبيرة بإمكانية نجاح تلك الجهود، مما يبقي دبلوماسيها فاعلين في العمل على إصدار قرار جديد من مجلس الأمن ضد إيران وبأكبر دعم دولي ممكن.

واعتبر كرولي أنه بعد انتهاء زيارة لولا والاطلاع عن نتائج مشاوراتها «سنتفهم إذا كانت إيران مستعدة أو غير مستعدة» لتغيير نهجها. وأضاف «حينها نعتقد أنه يجب أن تكون هناك نتائج للفشل في الرد»، موضحا: «نشكل بان إيران ستغير طريقها من دون ضغوط مهمة تأتي مع قرار مجلس الأمن والنتائج المرتبطة به».