عودة الاضطرابات إلى قرغيزستان.. وأنصار باقييف يطالبون بعودته

«منظمة الأمن الجماعي» ترفض الاعتراف بالحكام الجدد في الجمهورية السوفياتية السابقة

TT

تجددت الاضطرابات في جنوب قرغيزستان بين أنصار الحكومة الانتقالية ومعارضيها، مما أغرق مجددا هذه الجمهورية السوفياتية السابقة بآسيا الوسطى في الفوضى بعد شهر من ثورة دامية. وجاء هذا فيما أعلن قادة منظمة «الأمن الجماعي» (روسيا وبيلاروسيا وأوزبكستان وتاجيكستان وقرغيزستان) في اجتماعهم غير الرسمي أمس عدم اعترافهم بتغيير السلطة في قرغيزستان واعتبار ما حدث هناك انقلابا، مما يطرح بشكل غير مباشر احتمالات قبول عودة الرئيس المخلوع قربان بك باقييف الموجود حاليا في بيلاروسيا.

وتجددت الاضطرابات في جنوب قرغيزستان الموالي في معظمه للرئيس المخلوع باقييف. واندلعت المواجهات بين أنصار الرئيس المخلوع والجماهير المؤيدة للحكومة المؤقتة في ثلاث من أكبر مقاطعات الجنوب (أوش وجلال آباد وكاتين) التي نجح أنصار باقييف في السيطرة على مقارها الإدارية وإعادة تنصيب قياداتها السابقة، وإن ترددت أنباء حول استعادة الحكومة المؤقتة مقر المركز الإداري في أوش، بينما تتواصل المواجهة المسلحة بين أنصار الفريقين في جلال آباد التي أسفرت عن مقتل ثلاثة وإصابة ما يزيد على الثلاثين.

وذكرت وكالة أنباء «إنترفاكس» أن بضع مئات من الموالين للرئيس المخلوع، معظمهم من النسوة، هاجموا المركز الإداري لمدينة أوش كبرى مدن الجنوب معلنين عن خلع محافظ المدينة الذي عينته الحكومة المؤقتة وإعادة تنصيب ماما صادق باقروف المحافظ السابق. وقد بادر باقروف فور عودته إلى منصبه السابق بإعلان أنه ليس مواليا للسلطة القديمة وأنه جاء استجابة لإرادة الشعب. لكنه سرعان ما أكد مناهضته للحكومة المؤقتة وسياسات تغييرها للكوادر على نحو عشوائي، على حد تعبيره. وأشارت «إنترفاكس» إلى تجمهر الألوف من أبناء المدينة إعلانا عن تأييدها لعودة باقروف من دون تدخل من جانب الشرطة التي التزمت بالحياد خلال المواجهات التي نشبت بين أنصار الجانبين. وقالت إن صورونباي جانيبكوف الحاكم السابق للمدينة سارع إلى مغادرة مقر المركز الإداري للمدينة في الوقت الذي تحتشد فيه الجماهير في وسط المدينة رافعة شعارات المطالبة بعودة الرئيس المخلوع باقييف وتأييد عودة المحافظ السابق ونائبه ايتمامات قادربايف.

وأكدت وكالة أنباء «ايتار تاس» اندلاع مواجهات محدودة بين أنصار باقييف ومعارضيهم من الموالين للحكومة المؤقتة.

وكان المؤيدون لعودة الرئيس المخلوع في جلال آباد المجاورة جنوب غربي البلاد أعلنوا عن مطالب مماثلة مؤكدين تمسكهم بشرعية باقييف الموجود حاليا في بيلاروسيا تحت حماية مباشرة من جانب رئيسها الكسندر لوكاشينكو الذي جاهر بإصراره على اعتباره الرئيس الشرعي والوحيد لقرغيزستان، وأنه لن يستجيب لأي مطالب بالتسليم. وكان ذلك في صدارة أسباب المظاهرات التي احتشدت على مقربة من مقر سفارة بيلاروسيا في بيشكيك تطالب بتسليم باقييف وترفع الشعارات التي تصفه بالسفاح والقاتل في إطار اتهاماتها له بإصدار الأوامر بإطلاق النار على العزل من المواطنين في السابع من أبريل (نيسان) الماضي. وقد سارعت سلطات بيلاروسيا بالإعلان عن سحب دبلوماسييها في قرغيزستان إلى أجل غير محدد.

وكانت روزا اوتونبايفا رئيسة الحكومة المؤقتة أعلنت أن أنصار النظام السابق يحاولون الثأر لزعيمهم المخلوع وأن هناك من يتولى إغداق الأموال من أجل شراء الذمم وتحقيق الهدف المرجو من جانبهم. ونفت اوتونبايفا ما تردد من شائعات حول وجود الانقسامات بين أعضاء الحكومة المؤقتة، مؤكدة أنها وأعضاء الحكومة يستهدفون بناء الدولة الديمقراطية في الوقت الذي تتواصل فيه المظاهرات المؤيدة للحكومة المؤقتة على مقربة من مقر الحكومة وفي مختلف أرجاء العاصمة تحت شعارات تنادي بضرورة استعادة الرئيس المخلوع باقييف ومحاكمته. وقد أكدت مصادر الحزبين «الشيوعي» و«قرغيزستان الجديدة» اتساع حملات ملاحقة المعارضين واعتقال زعيمي الحزبين إسحاق ماسالييف وحسين صاديقوف.

في غضون ذلك، قال نيكولاي بورديوجا الأمين العام لمنظمة «الأمن الجماعي»، إن قادة دول المنظمة أقروا في اجتماعهم عدم دستورية تغيير السلطة في قرغيزستان من دون الإشارة تحديدا إلى أسماء هؤلاء القادة أو هذه الدول، وما إذا كانت روسيا ضمن الدول التي لا تعترف بشرعية التغييرات الأخيرة في قرغيزستان. واكتفى بورديوجا بتأكيد أن المنظمة لا تخطط لاستخدام قدراتها العسكرية لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه هناك، مشيرا إلى أنها قررت الاكتفاء بمتابعة ما يجري هناك من تطورات، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الأمور تسير في اتجاه التصعيد. وعزا بورديوجا ما يجري في قرغيزستان إلى تدخل منظمات متطرفة من أفغانستان ودعمها لجماعات الأصوليين الإسلاميين التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار هناك وتحاول الاستيلاء على مواقع معينة في أجهزة السلطة المحلية، على حد قوله. وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية كشف في حديثه إلى أعضاء مجلس الاتحاد أول من أمس عن أن الأوضاع في قرغيزستان تسير في اتجاه الاستقرار والتهدئة بعد أحداث أبريل الدرامية، على حد قوله. مما يكشف عن قصور في المعلومات والتقدير في وقت تشير فيه الكثير من الشواهد إلى عدم ارتياح موسكو لعدد من تصرفات الحكومة المؤقتة، ومنها العودة إلى مغازلة واشنطن وموافقتها على مد فترة استئجار القاعدة الأميركية في ماناس التي يسمونها تجوزا «مركز عبور».