أردوغان في اليونان: صفحة جديدة في العلاقات تبدأ بتوقيع 21 اتفاقية

الخارجية اليونانية لـ«الشرق الأوسط»: محادثاتنا إيجابية للغاية

باباندريو وأردوغان يحييان الصحافيين قبيل اجتماعهما في أثينا، أمس (رويترز)
TT

بدأ رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، زيارة رسمية إلى أثينا تهدف إلى تعزيز التقارب بين البلدين والتضامن مع اليونان التي تمر بأزمة مالية حادة. وكان أردوغان مرفوقا بعشرة وزراء وأكثر من 100 رجل أعمال، في هذه الزيارة التي اعتبرها سياسيون ومحللون تاريخية، نظرا للتوتر الذي كان يطبع علاقات البلدين الجارين على مدار سنوات طويلة، سواء بسبب الجزر الصخرية الواقعة في بحر إيجة أو القضية القبرصية أو تعرض المجالين الجوي والبحري للانتهاك من قبل هذا البلد أو ذاك. وأكد متحدث باسم الخارجية اليونانية لـ«الشرق الأوسط» أن مباحثات الجانبين كانت «إيجابية للغاية وتهدف إلى تقارب فلعي بين البلدين». وأردوغان الذي استقبله رئيس الدولة، كارولوس بابولياس، قبل أن يجري محادثاته مع نظيره، جورج باباندريو، أعرب عن الأمل في أن تكون زيارته «بداية لإدخال العلاقات اليونانية - التركية في مرحلة أفضل». ولفت أردوغان، الذي تعود آخر زيارة له إلى أثينا إلى 2004، أثناء الحديث مع مضيفه، إلى أنه قام خلال ولايته بـ«6 زيارات رسمية أو شبه رسمية» إلى اليونان. من جهته، أعرب بابولياس عن الأمل في أن تأتي زيارته التي تستغرق يومين «بنتائج جيدة» من أجل «تعزيز مناخ التعاون» الثنائي. ثم توجه سيرا إلى مقر الحكومة اليونانية التي لا يبعد أكثر من بضع عشرات الأمتار عن المقر الرئاسي، حيث استقبله باباندريو. وهناك شارك أردوغان وباباندريو في الاجتماع الأول لهيئة استشارية في مجلس التعاون اليوناني - التركي شارك فيها 19 وزيرا من البلدين. وشهد رئيسا وزراء البلدين التوقيع على 21 اتفاقية بين البلدين، شملت مذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون في قطاعات التجارة والسياسية الخارجية والاقتصاد والبيئة والطاقة والبحث والتكنولوجيا والثقافة والسياحة والتنمية، كما شاركا في المنتدى التجاري اليوناني - التركي.

وتضمنت أجنده المناقشات بين زعيمي البلدين، مناقشة القضايا العالقة، ومحاولة إيجاد مناخ من الثقة بين الحكومتين والبلدين. كما ناقشا مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وموضوع الحد من التسلح وتخفيض النفقات العسكرية، على اعتبار أن لدى البلدين ميزانية كبيرة للدفاع ويجب أن يحدا من هذه النفقات واستخدام الأموال لأهداف أخرى، تعود بالنفع على الشعب والوطن. وتنفق اليونان الجزء الأكبر من إجمالي ناتجها المحلي على جيشها متجاوزة أي دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي. ويؤيد مسؤولون غربيون كانوا قد وافقوا على خطة إنقاذ لليونان بتكلفة 110 مليارات يورو (140 مليار دولار) تخفيض الأنفاق على القوات المسلحة في اليونان كوسيلة لخفض الإنفاق العام. وفي السنوات الأخيرة ارتفع إنفاق اليونان على الدفاع إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي أو ما يوازي 13.4 مليار يورو. والمستهدف هذا العام هو خفض تلك النسبة لأقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وطبقا لمجموعة الدراسات الاستراتيجية الدولية، أنفقت تركيا 10.2 مليار دولار على الدفاع في عام 2008 و9.9 مليار دولار في 2009 بيد أنه هناك توقعات بأن ينمو اقتصادها أسرع من أي بلد في الاتحاد الأوروبي هذا العام لذا تقل حاجتها لتقليص الإنفاق العسكري. وذكر المتحدث الرسمي باسم الخارجية اليونانية غريغوريس ديلافيكورا لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة تمثل انفتاحا جديدا في التعاون مع تركيا، وإنها مناسبة جيدة خصوصا في الظروف الاقتصادية التي تمر فيها اليونان، وإن المحادثات، على مستوى القمة ومستوى الوزراء، إيجابية للغاية وسوف تعمل على تقارب فعلي بين البلدين الجارين، وهناك رغبة من كلا الطرفين في النهوض بالعلاقات إلى الأفضل.

يذكر أن البلدين كانا على شفا حرب عام 1996 بسبب خلاف على ملكية جزيرة صخرية غير مأهولة في بحر إيجة الواقع بين البلدين، وعلى الرغم من أن هناك تقدما واضحا في تحسين العلاقات الثنائية منذ 1999 بدأه جورج باباندريو، وزير الخارجية، وقتها مع نظيرة التركي الراحل إسماعيل جيم، يتواصل التوتر التركي - اليوناني حول مسائل تحديد المياه الإقليمية في بحر إيجة والمجال الجوي والبحري والمشكلة القبرصية. لكن الرأي العام في اليونان لم يكن في مجمله مرحبا بالزيارة مثلما فعلت الحكومة. وقال سوتيري ماغيناس، وهو باحث في جامعة أثينا، لـ«الشرق الأوسط» إن قطاعا كبيرا من الشعب اليوناني ينظر إلى زيارة أردوغان إلى أثينا باعتبارها غير مرغوب فيها. وأشار إلى أن اليونان تعاني من أزمة مالية حادثة و«الشعب يرى أن أردوغان جاء إلى أثينا ليتملك مشاريع يونانية». أما جورجيا باباكوستا، وهي طالبة في كلية الحقوق، فذكرت لـ«الشرق الأوسط» أنها تؤيد الزيارة ومعجبة بسياسة كل من باباندريو وأردوغان، وقالت: «كلاهما يعمل بجدية لمصلحة وطنه»، موضحة أن الزيارة تساعد على نسيان المشكلات وتفتح صفحة جديدة لخفض التوتر وحل الخلاف بين البلدين. والتقى أردوغان خلال الزيارة أيضا مع رئيس البرلمان اليوناني فيليبوس بتسالنكوس، وزعيم المعارضة رئيس حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ أندونيس سامراس.