باراك يطالب نتنياهو بتوسيع حكومته للبرهنة على جديته في عملية السلام

قال: التصريحات المتطرفة تلحق ضررا فادحا في المصالح الإسرائيلية

TT

بدافع من القلق على عزلة خانقة لإسرائيل والمساس بمصالحها، توجه وزير الدفاع، إيهود باراك، إلى رئيس حكومته، بنامين نتنياهو، طالبا منه أن يبدأ العمل على توسيع حكومته وضم حزب «كديما» برئاسة تسيبي ليفني إلى ائتلافه، وذلك حتى لا يبقى أسيرا لليمين المتطرف وكي يزيل الانطباع السائد في العالم بأن إسرائيل غير جادة في عملية السلام.

وقال باراك إن التصريحات المتطرفة التي يطلقها بعض الوزراء تلحق ضررا فادحا بالمصالح الإسرائيلية، وتظهر إسرائيل «دولة عربدة» وهذا يمس بعلاقاتها الدولية بشكل عام وبالعلاقات مع الولايات المتحدة بشكل خاص. وأوضح مقربون من باراك أنه قصد تصريحات أدلى بها ثلاثة وزراء، اثنان منهم نائبان لرئيس الحكومة: وزير الشؤون الاستراتيجية، موشي يعلون الذي تحدث عن هجوم عسكري على إيران، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس حكومته، سلام فياض، وقال إنهما يخربان في جهود السلام، وكذلك وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهرنوفتش، الذي أعطى الضوء الأخضر للشرطة بأن تعود إلى هدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، ولكنه تراجع على إثر الرد الأميركي الغاضب.

وأضاف المقربون أن باراك شعر بقلق جدي على العلاقات بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية. وقد سمعوه يعدد الخطوات الكبيرة التي تقوم بها واشنطن لدعم إسرائيل سياسا وعسكريا وأمنيا، مثل تمويل مشروع القبة الحديدية (الصواريخ المضادة للصورايخ قريبة المدى) بمبلغ 205 ملايين دولار، إضافة إلى المساعدة السنوية بقيمة 3 مليارات دولار، وتشديد الإجراءات العقابية على إيران بسبب مشروعها النووي، وضغوطها على العرب حتى يدعموا الفلسطينيين في المشاركة في المفاوضات، والضغوط التي مارستها على منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD) لتقبل إسرائيل في عضويتها وغيرها. ويقول: «كيف يمكن لنا أن نرد الجميل بتصريحات عربدة تضر بالعلاقات مع هذه الدولة الصديقة. ويتساءل: هل يعرف هؤلاء الوزراء تبعات الصدام مع واشنطن؟».

وكانت صحيفة «هآرتس»، قد كتبت افتتاحية في عددها، أمس، تهاجم فيها الوزير ليبرمان على «استخفافه بالقائدين الفلسطينيين أبو مازن وفياض، أكثر القادة اعتدالا في التاريخ الفلسطيني». وفندت أقوال ليبرمان التي ادعى فيها أن الرئيس الفلسطيني طلب من إسرائيل أن تواصل الحرب على غزة حتى تسقط حكومة حماس. فقالت إن هذا ادعاء لم تثبت صحته. وأضافت أن ما قاله عن «عدم الحاجة إلى مفاوضات مع فياض وأبو مازن» هو أمر مخالف حتى لقرارات الحكومة الإسرائيلية، فضلا على ما يسببه من خلاف مع واشنطن. وأنهت بالقول إن «وظيفة وزير الخارجية هي أن يقيم جسورا بين إسرائيل ودول العالم، بينما ليبرمان يهدم الجسور القائمة». ولكن الصحيفة لم تبرئ رئيس الوزراء، نتنياهو، فتساءلت: «من الذي يدير السياسة الخارجية لإسرائيل: هل هو ليبرمان؟.. أم باراك الذي يستنكر تصريحات وزير الخارجية ليبرمان؟.. أم نتنياهو نفسه؟.. وإن كان نتنياهو، فأي نتنياهو هو الذي يديرها: هل هو ذلك الذي تحدث في البيت الأبيض أم أنه الذي تحدث في كنيس مركز الرباي (في القدس الغربية، حيث تكلم بمناسبة «يوم القدس»، فقال إن إسرائيل ستواصل البناء الاستيطاني في القدس الشرقية)؟».

وأضافت الصحيفة في مقال آخر أن نتنياهو يمتلك أفضل شروط بين رؤساء حكومات إسرائيل الأخيرين لإنجاح مسيرة السلام: فحكومته كبيرة وقوية، الجمهور يشعر بأنها توفر له الأمن بنجاح وقوة، والرأي العام الإسرائيلي مؤيد لعملية السلام وجاهز لتحقيقه بغالبيته الساحقة ويتخذ موقفا سلبيا من المستوطنين ومتطرفي اليمين الذين يخربون على عملية السلام، والكنيست الذي يضم أكثرية ساحقة تؤيد كل ما تأتي به الحكومة باتجاه عملية السلام.

وناشدت الصحيفة نتنياهو أن يصغي لرغبة الغالبية الساحقة من الشعب، وليس لأقوال نوابه وتصريحاتهم المختلة. وذكرته بأن حكومة غولدا مائير وقعت أمام خيارين، كما هو واقع اليوم، في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. ولكنها اختارت طريق الحرب. فجاءت حرب أكتوبر (1973). ودعت نتنياهو إلى أن يلجأ لخيار السلام، لأن الحرب القادمة حتى لو انتهت بانتصار إسرائيلي ساحق، فإن الشعب سيدفع في هذا الانتصار ثمنا باهظا.

يذكر أن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين ستبدأ يوم الاثنين، حيث يديرها المبعوث الرئاسي الأميركي، السناتور جورج ميتشل، متنقلا ما بين القدس ورام الله.