باريس تنتظر عودة رايس «بلا تأخير».. بعد تسوية قضيتها في إيران

إغلاق الملفات القضائية بين باريس وطهران لكن التوتر يبقى المسيطر على علاقتهما

TT

ينتظر أن تسدل الستار اليوم على قضية الجامعية الفرنسية كلوتيلد رايس بعودتها إلى فرنسا، بعد أن صدر أمس حكمان يقضيان بسجنها عشرة أعوام حولا فورا إلى غرامة قيمتها 285 ألف دولار مع السماح لها بمغادرة البلاد. وأعلن محامي الجامعية الفرنسية محمد علي مهدوي ثابت أنه قام فورا بدفع الغرامة وأن الحكم يتيح لرايس أن تغادر فورا الأراضي الإيرانية مؤكدا أنه لم يستأنف الحكم لأنه يعتبره بمثابة «تبرئة» لموكلته، وقال المحامي الإيراني إنه سيتوجه اليوم الأحد لاستعادة جواز سفر موكلته من المحكمة حيث لم يستطع استعادته أمس «لأسباب إدارية». وخلص المحامي إلى القول إن «القضية انتهت».

وإذا سارت الأمور كما هو مرسوم لها، تكون باريس وطهران قد أغلقتا ملفا زاد من توتير علاقتهما المتوترة أصلا بسبب الملف النووي الإيراني والموقف المتشدد الذي تلتزمه باريس بالدعوة إلى الاستعجال في فرض عقوبات اقتصادية إضافية على طهران لحملها على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية وللامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي.

وفضلت باريس أمس عدم إثارة الضجيج، مكتفية ببيان صدر عن الخارجية الفرنسية وفيه أنها «أخذت علما» بقرار المحكمة الإيرانية بخصوص رايس وأنها «تنتظر عودتها سريعا» إلى فرنسا. ورفض الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو التعليق على قرار المحكمة أو الكشف عن موعد عودة رايس إلى فرنسا التي اعتبرتها بريئة من التهم التي وجهت إليها. وكانت الجامعية الفرنسية اعتقلت في مطار طهران أول يوليو (تموز) الماضي وهي تحاول الخروج من إيران. وسرعان ما وجهت إليها محكمة طهران الثورية مجموعة من التهم منها التجسس والتظاهر. وجاء في الحكم الصادر بحقها أمس أنها «مست بالأمن الوطني» الإيراني وسربت إلى الخارج صورا ومعلومات عن مظاهرات المعارضة التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية الماضية التي شهدت فوز الرئيس أحمدي نجاد. وجاء في الحكم أن «قرار تحويل الحكم بالسجن إلى غرامة مالية هو لفتة رأفة» من الجمهورية الإسلامية علما أن رايس كانت طلبت من المحكمة في جلسات المحاكمة العفو عنها بعد أن أعربت عن ندمها لما قامت به. ويبدو أن رايس، مدرسة اللغة الفرنسية في جامعة أصفهان وتتحدث الفارسية بطلاقة، كانت ضحية عملية لي ذراع بين باريس وطهران على خلفية احتدام الملف النووي ومواقف باريس التي تعتبرها إيران «عدائية» خصوصا بالنسبة لموضوعين اثنين: الملف النووي الإيراني والانتقادات الفرنسية الحادة لإيران بسبب ملف حقوق الإنسان وقمع المظاهرات وتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية واضطهاد الأصوات المعارضة. وبعد اعتقالها، بقيت كلوتيلد رايس في سجن إيفين في طهران مدة ستة أسابيع قبل أن يسمح لها بالانتقال إلى مبنى السفارة الفرنسية حيث فرضت عليها الإقامة الإجبارية مع التزامها بالمثول أمام المحكمة عند الطلب.

ورفضت باريس دوما الربط بين ملف رايس البريئة وبين أي ملف عالق مع إيران. غير أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعلن في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن «إطلاق سراح رايس رهن بمواقف القادة الفرنسيين» مما فهم أنه يشترط إخلاء سبيلها بإخلاء سبيل إيرانيين: الأول هو المهندس الإيراني مجيد كاكاوند الذي أوقف في فرنسا في شهر مارس (آذار) من العام الماضي بناء على طلب أميركي بسبب ما تعتبره واشنطن تهريب مواد وآلات محظورة إلى إيران. والإيراني الثاني هو علي وكيلي رعد، قاتل رئيس الوزراء الإيراني السابق شهبور بختيار عام 1991. والحال أن القضاء الفرنسي أخلى سبيل كاكاوند قبل 11 يوما مما أتاح للأخير العودة إلى إيران. أما بالنسبة لوكيلي رعد، فإن المحكمة ستنظر بإخلاء سبيل مشروط بعد أن أمضى 18 عاما في السجن. وبحسب القوانين الفرنسية النافذة فإن إطلاق سراحه المشروط كان يمكن أن يتم منذ عدة أشهر. ويتوقع أن تأمر المحكمة بإطلاقه يوم الثلاثاء القادم مع الأمر بإبعاده عن الأراضي الفرنسية ما سيتيح له العودة إلى إيران. وترفض المصادر الفرنسية الحديث عن أي رابط بين إطلاق رايس من جهة وإخلاء كاكاوند ووكيلي رعد من جهة أخرى مؤكدة أن القضاء في فرنسا مستقل وأن لا صفقات مع طهران. لكن الناطق باسم الخارجية الإيرانية أعلن في 11 الحالي وبعد رفض القضاء الفرنسي الاستجابة للمطلب الأميركي بتسليمه المهندس الإيراني، أنه يأمل «قرارا سريعا» من القضاء الإيراني بشأن رايس. وفي أي حال، فإن تسوية الملفات القضائية بين باريس وطهران لن تفضي إلى إعادة الحرارة إلى علاقتهما الدبلوماسية والسياسية التي يستمر الملف النووي في تأجيجها.