واشنطن تطالب طهران بـ«أفعال وليس فقط كلمات» لإثبات سلمية برنامجها النووي.. وتعبر عن «قلق جدي»

مصادر دبلوماسية في نيويورك لـ«الشرق الأوسط»: العمل ما زال مستمرا على إصدار قرار من مجلس الأمن

الرئيس الايراني متوسطا الرئيس البرازيلي (يسار) ورئيس الوزراء التركي بينما يتصافح وزيرا خارجية تركيا والبرازيل بعد توقيع الاتفاق في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

كان الحذر واضحا في رد الولايات المتحدة الرسمي على الاتفاق الإيراني مع تركيا والبرازيل حول نقل اليورانيوم منخفض التخصيب من البلاد لاستبدال يورانيوم عالي التخصيب به خلال عام. وبينما تنتظر واشنطن الاطلاع على المقترح رسميا بعد حصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية عليه، أكدت مصادر دبلوماسية في نيويورك لـ«الشرق الأوسط» أن جهود إصدار قرار عقوبات جديدة ضد إيران ستستمر في مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة.

وقال الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، أمس، إن «مع فشل إيران المتكرر للالتزام بتعهداتها والحاجة إلى معالجة القضايا الأساسية المتعلقة ببرنامج إيران النووي، ما زال لدى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي قلق جدي».

ووقعت إيران اتفاقا لتبادل اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب بوقود نووي عالي التخصيب على الأراضي التركية نتيجة وساطة قامت بها البرازيل وتركيا. وحرص غيبس على الإشارة إلى الجهود التركية والبرازيلية، قائلا: «نقر الجهود التي بذلتها تركيا والبرازيل»، إلا أنه أضاف أنه «يجب إيصال المقترح الذي تم الإعلان عنه في طهران بشكل واضح وبثقة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل أن يدرسه المجتمع الدولي». وقد حرصت الولايات المتحدة على إظهار موقف دولي موحد، وخاصة في مجلس الأمن، ضد إيران ومن أجل إظهارها أكثر عزلة. إلا أن زيارة رئيس الوزراء التركي والرئيس البرازيلي إلى طهران والتوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة كسر عزلة إيران مما يضعف الجهود الأميركية.

وأكد غيبس مواصلة العمل في مجلس الأمن على إجراءات ضد إيران، موضحا: «الولايات المتحدة ستواصل العمل مع شركائنا الدوليين ومن خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتوضيح للحكومة الإيرانية أن عليها إثبات، من خلال الأفعال وليس ببساط الكلمات، استعدادها للالتزام بتعهداتها الدولية، وإلا تواجه النتائج، منها العقوبات». وأضاف: «على إيران اتخاذ الخطوات الضرورية للتأكيد للمجتمع الدولي أن هدف برنامجها النووي الحصري سلمي بما في ذلك الالتزام بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والتعاون الكلي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

ويشير مسؤولون أميركيون دائما إلى عدم التزام إيران سابقا تعهداتها لإظهار ثغرات في التحركات الإيرانية وإظهار عدم الثقة بها. وقال غيبس: «بينما ستكون خطوة إيجابية (إذا) نقلت إيران اليورانيوم منخفض التخصيب من أراضيها مثلما وافقت أن تفعل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قالت إيران إنها ستواصل تخصيب نسبة 20 في المائة، وهو خرق مباشر لقرارات مجلس الأمن». ولفت إلى أن «الحكومة الإيرانية قد بررت أولا (تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة)، لأنها بحاجة للوقود إلى مفاعل طهران للبحوث»، وهو الأمر الذي من المفترض أن يحل بالاتفاق مع تركيا والبرازيل. واعتبر غيبس أن البيان المشترك الصادر من طهران صباح أمس «غير واضح حول استعداد إيران للقاء مع الدول الكبرى الست لمعالجة القلق الدولي من برنامجها النووي، الأمر الذي وافقت عليه أكتوبر الماضي».

واختتم غيبس بيانا حول البرنامج النووي الإيراني الصادر كرد على الاتفاق في طهران بالقول: «ما زلنا ملتزمون حلا دبلوماسيا للبرنامج الإيراني النووي وكجزء من أسلوب المسارين (الذي تتبعه) الدول الخمس زائد واحد، وسنستشير شركاءنا من كثب حول هذه التطورات بينما نسير قدما».

وأكدت مصادر دبلوماسية في نيويورك أمس لـ«الشرق الأوسط» أن العمل ما زال مستمرا على إصدار قرار من مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على إيران. وأفادت تلك المصادر بأن مقترح إخراج اليورانيوم منخفض التخصيب من إيران وإرسال يورانيوم عالي التخصيب جاء العام الماضي كـ«خطوة بناء ثقة» مع إيران، إلا أنه ليس الأمر المحوري أو الأهم في برنامج إيران النووي التي لم تستطع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تأكيد طابعه السلمي.

وبينما كان الرئيس الأميركي قد عبر عن أمله إصدار قرار لمجلس الأمن حول إيران خلال الربيع، تقترب أشهر الصيف الساخنة من دون قرار جديد. وقال مصدر دبلوماسي بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: «من الصعب معرفة موعد إصدار القرار، الكثير سيعتمد على تفاصيل هذا الاتفاق». وحول ما إذا كانت البرازيل وتركيا، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن، سيوافقان على قرار جديد ضد إيران بعد الاتفاق الأولى حول مفاعل طهران النووي المخصص للبحث العلمي، أوضح المصدر: «لقد قالا من الأول أن موافقتهما ستعتمد على شكل القرار ومضمونه، فعلينا الانتظار حتى التوصل إلى القرار».

وهناك تخوف في واشنطن وبين دول دائمة العضوية في مجلس الأمن من أن الإعلان من طهران أمس بمثابة محاولة للمراوغة وكسب الوقت. وقال مصدر دبلوماسي مطلع في نيويورك: «نعلم السياسات الإعلامية والدبلوماسية الإيرانية، ومن المهم ألا تكون هذه محاولة إيرانية للمراوغة أو شق وحدة المجتمع الدولي».