مبادرة إيران بشأن برنامجها النووي تعكس انفراجا سياسيا في بيروت

هل ابتعد بعد شبح الحرب عن الجنوب اللبناني المضطرب؟

TT

لم يكن مستغربا أن تنعكس الانعطافة المفاجئة للملف النووي الإيراني مباشرة على الساحة اللبنانية المرتبطة عضويا بمسار العلاقات الأميركية - الإيرانية – السورية. الإيجابية التي طغت على المشهد في طهران واكبها انفراج في العاصمة، بيروت، التي قرأت في الموافقة الإيرانية على إجراء عملية تبادل اليورانيوم المخصب بالوقود النووي على الأراضي التركية، تطورا لافتا سيرخي بظلاله على لبنان عموما وساحته الجنوبية الساخنة خصوصا.

ودعا وزير النقل والأشغال العامة، غازي العريضي، إلى «عدم استباق التطورات وانتظار التوقيع النهائي على الاتفاق لأن الأمور مرهونة بخواتيمها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدنا أن تنهار المفاوضات في آخر الطريق فدعونا لا نفرط في الإيجابية»، لافتا في الوقت عينه إلى أن ما حصل في طهران تطور كبير من المفترض أن يجعل مسار الأمور في منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءا واستقرارا بعد غلبة المنحى الحواري على الخيار العسكري.

وعما إذا كان هذا التطور يثني إسرائيل عن نيتها شن عدوان على لبنان قال العريضي: «لا شك أن تحسن علاقة إيران بالمجتمع الدولي يؤثر على الوضع اللبناني العام، لكننا في الوقت عينه لا نستطيع أن نضمن الخطوات الإسرائيلية المستقبلية، لأن العدو سيبقى يخترع الذرائع، لأن الموضوع الأساسي الذي يعنينا ويعنيه هو الموضوع الفلسطيني».

مصادر حزب الله التي وافقت العريضي على ضرورة عدم التسرع والإفراط في الإيجابية بانتظار الرد الأميركي على المبادرة الإيرانية، ولفتت إلى أنه ولو كان هدف الولايات المتحدة ضرب إيران وما تمثل في المنطقة، وبالتالي لم يكن الملف النووي إلا عنوانا لافتعال الأزمة، فهي ستستمر في مخططها العسكري مهما قدمت طهران من إيجابيات. ولم يستغرب عضو كتلة حزب الله النيابية، كامل الرفاعي، المبادرة الإيرانية، وأشار في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أن طهران تتبع دوما سياسة «النفس الطويل» فتحاول بالتالي استنزاف أميركا والمجتمع الدولي قبل أن تقدم أي تنازل، ومهما كان نوعه متوقعا وقبل أن تكون قد تقاضت ثمنا لما قدمته اليوم إما على الساحة العراقية أو الأفغانية. ولفت الرفاعي إلى أن هذا التطور على صعيد الملف النووي الإيراني ستكون له ارتداداته الإيجابية على الوضع اللبناني في حال تلقف المجتمع الدولي مبادرة طهران بصدر رحب. وقال: «هذا التطور سيجعل من خيار العدوان على الجنوب اللبناني خيارا مستبعدا، فسورية ولبنان حليفا إيران في المنطقة، وبالتالي يتأثران سلبا أو إيجابا بمنحى العلاقات الإيرانية - الأميركية - الإسرائيلية».

ورأى النائب عمار حوري، عضو كتلة لبنان أولا، التي يترأسها رئيس الحكومة، سعد الحريري، أن أي توجه لحلول سلمية تبعد المنطقة عن التشنجات ينعكس، وبشكل إيجابي، ومباشر على الساحة اللبنانية أكثر الساحات تأثرا في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف: «يجب أن نترقب وباهتمام شديد ما ستحمله الأيام المقبلة، لأنه سيحدد مسار التطورات على المدى المنظور»، معتبرا أن هذا الاتفاق الإيراني - الأميركي يبعد شبح الحرب عن لبنان.

ميشال موسى، عضو كتلة التنمية والتحرير، التي يترأسها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، كان له رأي مخالف، إذ رفض الربط المباشر بين حلحلة عقدة الملف النووي الإيراني والوضع اللبناني، لافتا إلى أن هذا الاتفاق، وإن حصل يخفف من الاحتقان في منطقة الشرق الأوسط وينعكس بالتالي إيجابيا على المنطقة ككل لا على لبنان بوجه خاص، مستغربا الربط بين تحسن العلاقة الأميركية - الإيرانية وابتعاد شبح الحرب عن الجنوب اللبناني.