مقديشو: استقالة رئيس البرلمان وحل الحكومة

لجان برلمانية تدعو إلى إنشاء محكمة جنايات دولية خاصة بالصومال

الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد خلال المؤتمر الصحافي أمس (أ.ب)
TT

اتخذت الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي أبعادا جديدة بعد إعلان رئيس البرلمان، آدم مادوبي، عن استقالته من منصبه بسبب الخلاف الحاد الذي نشب بين النواب، وقال مادوبي الذي قدم استقالته أمس الاثنين للرئيس الصومالي، شريف شيخ أحمد، إنه استقال لإفساح المجال لغيره بعد أن ثارت مشكلات سياسية بين النواب حول استمراره في المنصب. وأضاف أنه يقدم مصلحة البرلمان والشعب الصومالي على مصلحته الخاصة ولا يرغب في أن يكون سببا «في شقاق سياسي جديد في الوقت الذي تواجه فيه السلطة الانتقالية في البلاد مخاطر حقيقية».

وجاءت استقالة رئيس البرلمان الصومالي بعد يوم من جلسة عاصفة في البرلمان بعد توقف دام 8 أشهر، وانتهت تلك الجلسة بتبادل الشتائم والهتافات الأمر الذي أدى إلى خروج رئيس البرلمان الصومالي من القاعة وإعلانه عن سقوط الحكومة، لكن تلا ذلك إعلان نحو 300 من نواب البرلمان عن انتخاب رئيس مؤقت للبرلمان خلفا لآدم مادوبي بحجة أن ولايته انتهت مند أغسطس (آب) الماضي وأنه حال دون عقد جلسات البرلمان حتى لا يتم إسقاطه.

وكانت هناك مشاورات مكثفة استمرت خلال الليل بين المسؤولين الكبار في الحكومة الانتقالية لإيجاد مخرج من هذه الأزمة، وساد جو من الترقب منذ أمس حول الخطوة التي سيتخذها الرئيس الصومالي تجاه هذه الأزمة. ودعيت وسائل الإعلام إلى القصر الرئاسي ليعلن استقالته بحضور الرئيس الصومالي. وبعد المؤتمر الصحافي المقتضب لرئيس البرلمان المستقيل ألقى الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد خطابا كشف فيه عن قيامه بحل الحكومة الحالية وقال إنه سيعين رئيس وزراء جديدا لتشكيل حكومة جديدة قريبا. وامتدح الرئيس الصومالي موقف رئيس البرلمان الذي وصفه بالشجاع ووعد بإشراك آدم مادوبي في التشكيلة الحكومية المقبلة.

ودعا الرئيس الصومالي نواب البرلمان البالغ عددهم 550 عضوا إلى التحلي بروح المسؤولية وانتخاب رئيس جديد للبرلمان يحظى بموافقة الجميع، ووعد أيضا بتشكيل «حكومة متوازنة تتمتع بالكفاءة». وتعتبر هذه الخطوة محاولة لوضع حد للجدل السياسي القائم منذ عدة أشهر حول شرعية كل من رئيس البرلمان آدم مادوبي، ورئيس الحكومة عمر شارمارك، هذا الجدل الذي شل قدرة الحكومة وكذلك البرلمان على اتخاذ خطوات عملية تجاه ما يجري في البلاد. وفي الوقت الذي لم تتوفر فيه معلومات رسمية عن الاسم الذي سيختاره الرئيس الصومالي لمنصب رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة المقبلة.

على صعيد آخر، دعا رؤساء اللجان الفرعية للبرلمان الصومالي المجتمع الدولي إلى المساعدة في إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة بالنزاع في الصومال في أقرب وقت ممكن؛ لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب التي ارتكبت في البلاد خلال سنوات الحرب الأهلية. ووقع رؤساء 13 لجنة برلمانية من أصل 18 تتكون منها اللجان الفرعية للبرلمان بيانا موجها للمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالصومال، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة الإيقاد للمساعدة في تشكيل تلك المحكمة الجنائية. وقال رؤساء اللجان في بيانهم «حان الوقت لتشكيل محكمة خاصة لجرائم الحرب التي ارتكبت في الصومال، هناك جرائم يمكن اعتبارها جرائم حرب ارتكبت في الصومال منذ انهيار الحكومة المركزية في البلاد عام 1991، كما أن هناك جرائم أخرى تتعلق بسرقة الأموال العامة، حدثت في عهد حكومات الرئيس عبد القاسم صلاد (2000 - 2003)، والرئيس عبد الله يوسف (2004 - 2008)، وحكومة الشيخ شريف الحالية، دون أن تتم معاقبة أحد أو حتى إجراء تحقيق مع مرتكبي تلك الجرائم».

وأضاف رؤساء اللجان البرلمانية في بيانهم «أن تأسيس هذه المحكمة الجنائية تنفيذ لبنود اتفاقية جيبوتي 2009 التي رعتها الأمم المتحدة وانبثقت منها الحكومة الحالية، التي نصت على إنشاء محكمة خاصة لملاحقة مجرمي الحرب والعنف في الصومال. وحث رؤساء اللجان المجتمع الدولي أن لا يقف مكتوف الأيدي إزاء ما خلفتها الحرب الأهلية التي يمكن اعتبارها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وفي حالة تأسيس هذه المحكمة الجنائية الدولية فإن هناك جدلا آخر حول هل تشمل الجرائم تلك التي حدثت أثناء فترة النظام العسكري في البلاد، أم تعتبر بدءا من اندلاع الفوضى والحروب الأهلية في البلاد بعد انهيار النظام العسكري عام 1991.

من جهة أخرى، قالت مفوضية الانتخابات في إقليم أرض الصومال إن الانتخابات الرئاسية في الإقليم ستجري في الـ26 من يونيو (حزيران) القادم. وقال محمد أحمد حرزي المتحدث باسم مفوضية الانتخابات هناك في مؤتمر صحافي عقده في هرجيسا «إن المفوضية اتخذت هذا القرار بالتشاور مع الأحزاب السياسية المختلفة، لكنه يحتاج لموافقة الرئيس طاهر ريالي (وهو مرشح للرئاسة)». من جهته لمح الرئيس ريالي إلى أنه سيوافق على التاريخ الذي حددته لجنة الانتخابات لإجراء الانتخابات الرئاسية في الإقليم، وأنه ليس لديه أي مشكلة من إجراء الانتخاب في ذلك الموعد. ويتنافس في الانتخابات الرئاسية في أرض الصومال 3 أحزاب، هي: «أودوب» وهو الحزب الحاكم بقيادة الرئيس الحالي طاهر ريالي كاهن، و«كولمي» بقيادة أحمد محمد سيلانيو، و«أوعد» الذي يقوده فيصل علي ورابي. وبدأت مفوضية الانتخابات بتوزيع بطاقات الاقتراع على الناخبين في مختلف مدن الإقليم.

ويوافق يوم 26 يونيو الذكرى الخمسين لاستقلال إقليم أرض الصومال من الاستعمار البريطاني قبل 4 أيام من اتحاده مع إقليم الجنوب (الصومال الإيطالي) في 1 يوليو (تموز) عام 1960؛ ليكونا معا الجمهورية الصومالية؛ إلا أن إقليم أرض الصومال أعلن انفصاله عن الصومال من طرف واحد عام 1991 بعد انهيار الحكومة المركزية.