الصومال: رئيس الوزراء يفجر أزمة سياسية وقانونية بعد رفضه قرار الرئيس بحل الحكومة

الأزمة السياسية في البلاد تدخل مرحلة جديدة

رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد ووزير البترول والطاقة عبدي وحيد خلال مؤتمر صحافي في مقديشو أمس (أ. ب)
TT

فجر رئيس الوزراء الصومالي المقال عمر عبد الرشيد شارمارك أمس الثلاثاء أزمة سياسية وقانونية جديدة داخل السلطة الانتقالية في البلاد، وذلك بعد إعلانه رفض قرار الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد الذي كشف أول من أمس عن قيامه بحل الحكومة، مما يعني أن الأزمة السياسية في البلاد دخلت مرحلة جديدة. وفي مؤتمر صحافي عقده شارمارك بمكتبه بعد جلسة طارئة لمجلس الوزراء عارض بشدة قرار الرئيس شريف، مؤكدا أن قرار الرئيس بحل الحكومة غير دستوري، ويتنافى مع الميثاق الانتقالي للبلاد. ورفض شارمارك أيضا التخلي عن منصبه، وقال «على الرغم من أنني لا أريد أن أدخل البلاد في متاهة سياسية في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة، فإنه ينبغي أن تكون أي خطوة بحل الحكومة أو إقالة رئيس الوزراء خطوة شرعية وموافقة للدستور الانتقالي، أنا لم أقدم استقالتي للرئيس، ولم يصوت البرلمان لحجب الثقة عن الحكومة».

وشدد شارمارك على أنه ليس من اختصاص الرئيس حل الحكومة، بل إن البرلمان هو وحده المنوط بإطاحتها، وقال «ليس هناك بند أو نص من مواد الدستور المؤقت يمنح الرئيس صلاحية إقالة رئيس الوزراء من منصبه أو حل الحكومة من دون موافقة البرلمان، البرلمان هو المؤسسة القانونية التي بإمكانها أن تحجب الثقة عن الحكومة، أما إعلان الرئيس شريف أمس حل الحكومة وتعيين رئيس وزراء جديد، فهذه خطوة غير شرعية». وصرح شارمارك كذلك أنه متمسك بمنصبه، وأن حكومته باقية، وقال «الحكومة ستقوم بأداء واجباتها، والقرار الذي اتخذه الرئيس بحلها لن يؤثر على عملها». وأضاف «بحثت مع الرئيس شريف خلال الليل هذه القضية، وأبلغته أنني لم أقدم الاستقالة، كما أن البرلمان لم يحجب الثقة عن الحكومة، لذا فإن قراره غير شرعي؛ إلا أن الاجتماع بيننا انتهى بالفشل».

ومن شأن هذه الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء الصومالي من رفض قرار الرئيس شريف بإقالته وحل حكومته تصاعد الأزمة السياسية والقانونية في البلاد، وتكريس الانقسامات والاضطراب داخل مؤسسات السلطة الانتقالية (البرلمان والحكومة والرئيس)، كما أنها ستعيق المصالحة الوطنية وتدخل البلاد في مأزق الفوضى السياسية، ودعا شارمارك الرئيس شريف إلى احترام القانون والدستور المؤقت للبلاد؛ لأن القانون فوق الجميع. وكان الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد قد كشف أول من أمس عن قيامه بحل الحكومة، وأنه سيعين رئيس وزراء جديدا خلفا لشارمارك، لتشكيل حكومة جديدة قريبا، تتمتع بالكفاءة، وتساعد البلاد في الخروج من المرحلة الصعبة.

وأفاد خبير قانوني مطلع لـ«الشرق الأوسط» بأن الدستور المؤقت للبلاد يمنح رئيس الدولة صلاحية لتعيين رئيس وزراء، لكنه لا يعطيه سلطة لعزله دون موافقة البرلمان، مشيرا إلى أن من شأن هذه التجاذبات السياسية والقانونية أن تضع السلطة الانتقالية على شفا الانهيار، فيما دعا البعض الآخر الرئيس شريف ورئيس وزرائه شارمارك إلى الاستقالة من منصبيهما لإخفاقهما في قيادة البلاد وإعادة الأمن والاستقرار للبلاد. وكان إلى جانب رئيس الوزراء شارمارك خلال مؤتمره الصحافي أعضاء حكومته التي أعلن الرئيس شريف عن حلها أول من أمس. وليس في الأفق حتى الآن مساع جديدة لاحتواء هذه الأزمة الجديدة بين الرئيس ورئيس الوزراء، وينتظر حاليا تدخل المجتمع الدولي وأصدقاء الصومال لفك هذه الخلافات بين المسؤولين الحكوميين الكبار وإنقاذ الحكومة من التفكك والانهيار.

ويأتي اندلاع هذه الأزمة السياسية في البلاد قبل 4 أيام من عقد مؤتمر دولي حول الصومال في إسطنبول برعاية الأمم المتحدة وتركيا، بمشاركة الكثير من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية المعنية بالأزمة الصومالية بهدف حشد الدعم للصومال ومحاولة دفع عملية السلام التي تم التوصل إليها في جيبوتي في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وبحث سبل إعادة إعمار البلاد، وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني فيها، وأيضا لمحاولة وضع تصور دولي بشأن كيفية إنهاء هذه الأزمة وإيجاد حلول عملية لمكافحة ظاهرة القرصنة البحرية قبالة السواحل الصومالية وفي منطقة المحيط الهندي وخليج عدن.

في هذه الأثناء، قال أحمدو ولد عبد الله مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصومال إنه يؤيد قرار الرئيس شريف لحل الحكومة والجهود التي يبذلها لتشكيل حكومة جديدة أكثر فعالية، واصفا خطوة الرئيس شريف بمبادرة شجاعة لحل المأزق في السلطة الانتقالية. وقال ولد عبد الله في بيان أصدره أمس من مكتبه في نيروبي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «إننا جميعا نتطلع إلى رؤية الرئيس شيخ شريف في هذا الحدث المهم، أود أن أغتنم هذه الفرصة لتشجيع الرئيس شريف في برنامجه للقيادة، هذه فرصة لتشكيل حكومة أكثر فعالية، وآمل أن تكون الحكومة القادمة قادرة على تحقيق تقدم كبير في عملية جيبوتي للسلام من خلال تحسين أداء الخدمات للشعب الصومالي».