مصادر رسمية لـ «الشرق الأوسط»: كوشنير يزور بيروت ودمشق لتهدئة توترات المثلث السوري اللبناني الإسرائيلي

باريس ترى أن الإطار العام في الشرق الأوسط يتسم بـ«التوتر»

برنار كوشنير
TT

قالت مصادر فرنسية رسمية إن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي سيزور دمشق وبيروت يومي السبت والأحد المقبلين، يحمل ثلاث رسائل متصلة، أولاها تصف حالة القلق التي تشعر بها فرنسا إزاء المسار العام للأوضاع في المثلث السوري - اللبناني - الإسرائيلي، أما الثانية فتشدد على الدعوة إلى التهدئة وضبط النفس والامتناع عن كل ما من شأنه أن يزيد من التوترات، بينما الثالثة تدعو إلى تصحيح بعض الاعوجاجات التي تعتري، من وجهة النظر الفرنسية، مسار العلاقات اللبنانية - السورية.

وتحرص المصادر الفرنسية على إيضاح أن رسائلها «لا تعني أن الحرب على الأبواب» بل إن هدف دبلوماسية باريس هو «تفادي التدهور، وتحليل الوضع مع الأطراف المعنية لتلافي الوصول إلى وضعيات خطيرة». ويبدأ كوشنير زيارته من سورية، حيث من المقرر أن يلتقي نظيره وليد المعلم الذي تربطه به «علاقة ناشئة قوية». وفي بيروت، قرر كوشنير أن يلتقي فقط المسؤولين الرسميين، أي الرؤساء الثلاثة (سليمان وبري والحريري) ونظيره علي الشامي. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن باريس تريد من ذلك «إبراز احترامها للمؤسسات اللبنانية» التي تدعو إلى تقويتها وتقوية دورها وموقعها على الساحة اللبنانية.

ونفت المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» التكهنات التي راجت مؤخرا حول أسباب عدم إتمام زيارة كوشنير يومي 14 و15 من الشهر الحالي إلى دمشق بسبب «برودة» مزعومة في العلاقات مع سورية، وأوضحت أن باريس اقترحت تاريخ الزيارة ولكن الجانب السوري وجد أنه «لا يتلاءم» مع مواعيد الرئيس السوري، لذا تم الاتفاق على 22 و23 مايو (أيار). وبسبب ذلك، عمدت الخارجية الفرنسية إلى تأجيل اجتماع السفراء الفرنسيين في المنطقة الذي كان سيعقد في العاصمة القبرصية إلى موعد لاحق.

وترى باريس أن الإطار العام القائم اليوم في الشرق الأوسط يتسم بـ«التوتر»، مما يظهر من التصريحات العدائية المتبادلة بين إسرائيل من جهة، وسورية ولبنان من جهة أخرى، وبسبب الملف النووي الإيراني، واستمرار تدفق السلاح إلى حزب الله، وانسداد أفق المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، وغياب الأمل في تحقيق اختراق فلسطيني - إسرائيلي بوساطة أميركية. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن «التصور» المشترك الفرنسي - الأميركي كان يتوقع توجه الوضع في لبنان إلى الاستقرار بعد قيام حكومة وحدة وطنية وبداية تقارب مؤسساتي رسمي سوري - لبناني على حساب الجهات غير الرسمية، وانتظار حصول انفراج من خلال محادثات السلام. لكن هذا التصور لم يتحقق وفق ما يعكسه الوضع الحالي. ويريد الوزير كوشنير أن يتناول مع المسؤولين السوريين واللبنانيين كل المسائل؛ وأولها الملف النووي الإيراني وما له من امتدادات وتشعبات وانعكاسات على الوضع اللبناني والتحالفات في المنطقة بشكل عام، ولكن بشكل خاص تأثيراته على العلاقات بين طهران وبيروت ودمشق. وكشفت المصادر الفرنسية أن كوشنير سيثير موضوع أمن الجنوب واستقراره ودور القوة الدولية (اليونيفيل) وأمنها واستمرار تهريب السلاح وما يعتبره من مخاطر مترتبة على تكديسه في أيدي حزب الله. غير أن باريس لم تتبن الاتهامات الإسرائيلية حول تسليم سورية لصواريخ «سكود» إلى حزب الله وهي تقول إنه لا دلائل لديها على حدوث مثل هذا الأمر. وفي السياق عينه، سيتناول كوشنير مع المسؤولين الذين سيلتقيهم مسار العلاقات اللبنانية - السورية. وقد كان لفرنسا اليد الطولى في دفعها إلى سكة التطبيع من خلال الإصرار على الاعتراف الدبلوماسي وتبادل السفراء بين بيروت ودمشق. ويبدو مما يستشف من المصادر الفرنسية أن ثمة «ملاحظات» على المسار الذي تسلكه هذه العلاقات. وتريد باريس أن تثيرها مباشرة وبكل صراحة مع المسؤولين في البلدين «لأننا تربطنا بهم التزامات» متبادلة. غير أن المصادر الفرنسية تسارع إلى القول: «إننا لن نذهب لاتهام أحد، بل نريد أن نستفهم ونناقش وننبه». ويطرح المسؤولون الفرنسيون بعض التساؤلات حول مسار الدبلوماسية السورية وارتباطاتها وحول الخيارات التكتيكية التي اعتمدتها في الأسابيع الأخيرة وكيفية تعاملها مع الانفتاح الذي قامت به إزاء دمشق العواصم الغربية ومدى تلاؤم ذلك مع الاستجابة السورية. غير أن باريس تؤكد أنها اختارت الحوار والشراكة مع سورية وأن هذا الخيار لم يتغير.