رئيس وزراء المغرب يؤكد تمسك حكومته بالخيارات الاجتماعية.. ويدعو إسبانيا لحوار حول سبتة ومليلية

الفاسي يقدم حصيلة عمل الحكومة أمام البرلمان.. والمعارضة اعتبرتها سلبية * مدريد: السيادة الإسبانية على المدينتين ليست مطروحة للنقاش

عباس الفاسي
TT

قال عباس الفاسي، رئيس الوزراء المغربي، إن حكومته متمسكة بخياراتها الاجتماعية خاصة في مجالات التعليم والصحة والعمل، على الرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية. وذكر الفاسي بخصوص المسألة الدينية، وفي إشارة غير مباشرة لإبعاد السلطات المغربية بعض المبشرين، وهو ما أثار ضجة في الخارج، أن الدستور «يضمن لكل واحد ممارسة شؤونه الدينية، لكن ذلك لا يعني تغافل الحكومة أو عدم تعاملها بحزم مع بعض المحاولات للتنصير والتشكيك في العقيدة الإسلامية».

وعلى الصعيد الخارجي، وجه الفاسي نداء ملحا لإسبانيا «الصديقة» للحوار من أجل إنهاء احتلال سبتة ومليلية والجزر المجاورة لهما، مشيرا إلى أن المغرب يعد أول بلد عربي وأفريقي يستفيد من وضع متقدم في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، وقال إنه حظي بهذه الصفة بفضل مسيرته الإصلاحية.

وكررت مدريد أمس تأكيد «السيادة» الإسبانية على مدينتي سبتة ومليلية في شمال المغرب، وذلك بعد دعوة المغرب إلى بدء حوار حول هذا الموضوع.

وأكدت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية ماريا تيريزا فرنانديز دو لا فيغا للإذاعة الوطنية الإسبانية أن «السيادة والطابع الإسباني لسبتة ومليلية ليسا مطروحين للنقاش في أي شكل من الأشكال»، وأن المغرب الذي «نقيم معه علاقة جيدة يعرف هذا الموقف».

من جهة أخرى، أعلن مصدر دبلوماسي إسباني لوكالة الصحافة الفرنسية أن «موقف المغرب ليس جديدا» و«لن نغير أيضا موقفنا».

وتحتل إسبانيا مليلية منذ 1496، وسبتة منذ 1580. ويطالب المغرب بهاتين المدينتين منذ استقلاله عام 1956.

وتباينت مواقف المجموعات البرلمانية حول البيان الذي ألقاه عباس الفاسي، أمام مجلس النواب أول من أمس حول حصيلة عمل حكومته. إذ اعتبرت الغالبية المساندة أن الحصيلة في النصف الأول من الولاية التشريعية إيجابية، حيث استطاعت الحكومة تجاوز عدة صعوبات، ومواصلة التنمية، لكن المعارضة قالت إن الحصيلة «سلبية»، وتفتقر لمعطيات رقمية.

وفي هذا السياق، قال محمد يتيم، القيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض لـ«الشرق الأوسط»: «لم أجد جديدا في البيان الحكومي». وزاد قائلا «على الحكومة أن تعيد حساباتها وتبحث لنفسها عن صيغ جديدة».

وأضاف «نحن أمام حكومة هشة ومرقعة، تنتظر رحمة السماء لكي تستمر على الأرض»، على حد تعبيره.

من جهته، اعتبر محمد التهامي، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الأصالة والمعاصرة «إن البيان الحكومي تضمن تناقضات كثيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن المشاريع، لم نستطع بعد امتصاص البطالة، خاصة أن الوزير الأول (رئيس الوزراء) كان قد وعد بأنه في 2012 سينخفض معدل البطالة بنسبة 7 في المائة، ومستوى البطالة الآن في المغرب هو 10 في المائة، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط (بمثابة وزارة تخطيط) وهي مؤسسة رسمية، والبيان الحكومي يقول إن المعدل 9.1 في المائة، وبالتالي كان على الوزير الأول تحديث معطياته قبل أن يقدم بيانه حتى ينسجم مع الواقع».

وكان الفاسي، استعرض في بيانه المطول وخلال جلسة عرفت حضورا كبيرا للوزراء والنواب، الحصيلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحكومته بعد مرور سنتين ونصف سنة على تعيينها.

وفي هذا السياق، قال الفاسي إن قضية الوحدة الترابية (نزاع الصحراء) عرفت في الأعوام الأخيرة تطورات مهمة تتجه كلها نحو تعزيز موقع المغرب في المحافل الدولية والإقليمية، بفضل التجاوب الإيجابي الواسع مع مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس، لمنح الصحراء حكما ذاتيا.

وأكد الفاسي أن هناك «اقتناعا راسخا لدى أعضاء مجلس الأمن بجدية المقترح المغربي كحل سياسي نهائي وواقعي لهذا النزاع المفتعل»، على حد قوله.

وقال إن الجزائر تتحمل «مسؤولية مباشرة وواضحة في هذا النزاع، مما يؤثر سلبا على العلاقات الثنائية».

وأشار الفاسي إلى أن المغرب حقق مكاسب مهمة في مجال احترام حقوق الإنسان، وأنه لن يقبل بالمزايدات، وانتقد الأوضاع التي يوجد فيها اللاجئون الصحراويون في تندوف (جنوب غربي الجزائر)، وقال إنهم يعيشون وضعا مأساويا.

وحول الأوضاع الداخلية، قال رئيس الوزراء المغربي إن الظرفية العالمية الصعبة وتداعيات الأزمة الاقتصادية لم تثن الحكومة عن التشبث باختيارها الاجتماعي.