ساركوزي: نعتبر الاتفاق حول تبادل الوقود النووي «خطوة إيجابية»

باريس تشير إلى إمكانية إدخال تعديلات على الاتفاق

TT

اعتبرت الرئاسة الفرنسية في بيان أمس اقتراح تبادل اليورانيوم الإيراني في تركيا «خطوة إيجابية»، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة أن يترافق منطقيا مع وقف إيران عمليات التخصيب بنسبة عشرين في المائة. وجاء في البيان أن «رئيس الجمهورية (نيكولا ساركوزي) يرى أن نقل 1200 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب إلى خارج إيران يشكل خطوة إيجابية». وأضاف: «يجب منطقيا أن يترافق مع توقف إيران عن تخصيب وقودها النووي بنسبة 20%».

وأضاف الإليزيه أن الرئيس الفرنسي «عبر عن امتنانه ودعم فرنسا التام للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وما بذله من جهود». وأضاف البيان: «قال له إن فرنسا تنتظر الآن نقل الرسالة الإيرانية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأشار قصر الإليزيه إلى أن «فرنسا ستبحث هذه الرسالة مع مجموعة الست (الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا)، وهي مستعدة لمناقشتها مع كل ما تتضمنه بالنسبة إلى الملف النووي الإيراني بمجمله».

كما ذكر ساركوزي أن القضية النووية الإيرانية «تتعدى مسألة مفاعل الأبحاث في طهران».

وأدخلت باريس، أمس، عنصرا إضافيا على الجدل الذي أثاره الاتفاق الثلاثي الإيراني - البرازيلي - التركي حول مبادلة كمية محددة من اليورانيوم « 1200كلغ» ضعيف التخصيب في تركيا مقابل حصول طهران على 120 كلغ من وقود اليورانيوم متوسط التخصيب على شكل قضبان تستخدم في مفاعل طهران التجريبي. فبعد التحفظات التي عبرت عنها فرنسا، أول من أمس، عندما رأت أن الاتفاق «لا يحل المشكلة» وأن الموضوع الأساسي هو وقف طهران التخصيب النووي وتوفير الضمانات التي من شأنها طمأنة المجتمع الدولي والالتزام بمطالب الوكالة الدولية للطاقة النووية ولقرارات مجلس الأمن، أثارت الخارجية الفرنسية، أمس، موضوع كمية اليورانيوم التي يتعين على إيران تسليمها في حال تم الاتفاق على ذلك.

وقالت الخارجية الفرنسية، أمس، في إطار المؤتمر الصحافي الأسبوعي، إنه يتعين، على الأرجح، إعادة النظر في حجم كمية اليورانيوم ضعيف التخصيب، مما يعني ضمنا أن الكمية التي كان متفقا عليها سابقا لم تعد الكمية الملائمة. وكان الاتفاق السابق الذي قدم لإيران في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نص على 1200 كلغ من اليورانيوم، ما يساوي 75 % من مخزون إيران من هذه المادة وفق تقديرات الوكالة الدولية. والحال أن إيران استمرت في عمليات التخصيب منذ ذلك الوقت، بالوتيرة نفسها، لا بل إنها بدأت في شهر فبراير (شباط) الماضي بتخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 في المائة بعدما اعتبرت أن الغربيين رفضوا عرضها. وأكد أحد مسؤولي البرنامج النووي الإيراني أن بلاده أنتجت 5 كلغ من اليورانيوم متوسط التخصيب. والمعلوم أن إيران تنتج نحو80 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب في الشهر، مما يعني أن مخزونها العام اليوم يصل إلى نحو2400 كلغ. ولو طبقت قاعدة الثلاثة أرباع التي عمل بها بمناسبة العرض السابق، فإنه يتعين على إيران إخراج 1800 كلغ وليس 1200 كلغ من هذه المادة.

وقال برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية أمس إن حجم اليورانيوم «سيكون على الراجح أحد المواضيع الواجب إعادة النظر فيها، لأنه بينما كنا نناقش هذه الأمور مع الإيرانيين كانت الطاردات المركزية تعمل». ورأيه أنه إذا استجابت إيران أخيرا للاقتراح الذي قدم إليها الخريف الماضي، فسيتعين عندها طرح موضوع الكمية على بساط البحث.

وذهب فاليرو أبعد من ذلك بقوله إن هناك «مواضيع أخرى» يجب أن تطرح. غير أنه من حيث المبدأ، ترى باريس أن العرض الذي قدم لإيران الخريف الماضي «ما زال قائما». والسؤال المطروح اليوم هو: «هل تخضع الدول الست والوكالة الدولية للشروط الإيرانية وفق ما جاء في الاتفاق الثلاثي من أجل إتمام الصفقة أم أنها ستتمسك بعرضها حرفيا، أي إخراج اليورانيوم إلى روسيا وبعدها إلى فرنسا على أن تسلم إيران لاحقا الوقود النووي»؟

حتى الآن، لا تجيب المصادر الفرنسية عن هذا التساؤل لا سلبا ولا إيجابا، معتبرة أنه يتعين على الدول الست التشاور في ما بينها أولا ومع الوكالة الدولية. ثانيا شرط أن تقوم إيران بتسليم الوكالة التزاما خطيا ورسميا بما ورد في نص الاتفاق الثلاثي، لأنها تعتبر أن طهران «تراجعت أكثر من مرة عن التزامات قطعتها». ومن أجل حفظ خط الرجعة، تربط باريس قبولها الاتفاق بشروط إضافية تسمح لها لاحقا، إذا ما اعتبرت أن العرض الإيراني ما زال غير كاف، برفضه واعتباره لا يستجيب لمتطلبات الوكالة الدولية أو مجلس الأمن. والشعور السائد في باريس أن طهران مستمرة في المناورة وأن اقتراب الدول الست من اتفاق على فرض عقوبات إضافية على إيران دفع مسؤوليها إلى التحرك وإلى محاولة إحداث شق بين الدول الغربية والوكالة من جهة وروسيا والصين والبرازيل وتركيا ودول أخرى من العالم النامي. وتقدر باريس أن التكتيك الإيراني مقصود به أيضا كسب الوقت وتأخير صدور عقوبات جديدة.