اختيار مسلم نائبا للرئيس في نيجيريا يؤجج التوتر الديني مجددا

الشمال المسلم يحتج على «مناورة» لنقل السلطة المحلية فيه إلى المسيحيين

TT

أثار تعيين مسلم نائبا لرئيس نيجيريا المسيحي، موجة احتجاجات في شمال البلاد لا سيما في ولاية كادونا، حيث تحدث البعض عن «مؤامرة مسيحية» لاستعادة الحاكمية. وعين البرلمان الفيدرالي بمجلسيه أمس حاكم ولاية كادونا، نامادي سامبو، نائبا للرئيس غودلاك جوناثان، بعدما فاجأ هذا الأخير الجميع الأسبوع الماضي بعرض المنصب عليه. وفي كادونا عاصمة الولاية، رأت بعض الأوساط في هذا الخيار وسيلة مموهة لنقل السلطة المحلية إلى الأقلية المسيحية، لأنه في حال تعيين الحاكم نائبا للرئيس، فإن مساعده المسيحي باتريك ياكوا سيصبح تلقائيا حاكما للولاية. وذهب البعض في الشمال إلى حد رؤية بصمات الرئيس السابق أولوسيغون أوباسانجو على هذه القضية. وندد أوباسانجو، المسيحي الجنوبي الذي تولى الرئاسة بين 1999 و2007، باتفاق ضمني يعود إلى 1999 ويقضي بتناوب المسيحيين والمسلمين السلطة العليا كل ثماني سنوات.

وبعدما منعه البرلمان من الترشح لولاية ثالثة على التوالي، إذ يحدد الدستور عدد الولايات المتعاقبة باثنتين، اختار الجنرال السابق الحاكم غير المعروف لولاية كاتسينا المسلمة عمر يارادوا ليخلفه في أبريل (نيسان) 2007 بعد انتخابات شكلية. وطرح الجميع تساؤلات حول هذا الخيار، لا سيما أن وضع الحاكم الصحي الهش لم يكن يخفى على أحد خصوصا على أوباسانجو نفسه الصديق المقرب من عائلته.

ولا يتردد البعض في الشمال في التأكيد على أنه تقصّد تعيينه بهدف استعادة نفوذه، وهو على يقين أنه لن ينهي ولايته، وقد توفي فعلا قبل أسبوعين بعدما غاب عن البلاد نحو ستة أشهر بداعي المرض. غير أن الرئيس السابق ينفي أي نوايا مماثلة.

وتوزع مجموعات من المسلمين في كادونا منذ أسبوع رسائل نصية تندد فيها باختيار الحاكم لاعتبار الأمر محاولة للمجيء بحاكم مسيحي «عن طريق المناورة». وتدعو هذه الرسائل المسلمين إلى التعبئة والتظاهر في كادونا، المدينة التي غالبا ما تشهد أعمال عنف دينية، وقد أوقعت فيها مواجهات بين المسيحيين والمسلمين أكثر من خمسة آلاف قتيل بين 2000 و2004. ومنذ ذلك الحين حصل فصل بين أتباع الديانتين، حيث تقيم الغالبية المسلمة (نحو 60%) في الشمال فيما تبقى الأقلية المسيحية في الجنوب.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شيهو ساني، الناشط الحقوقي، قوله: «تراودنا مخاوف كثيرة حيال ما يمكن أن يحصل». غير أن أحد مستشاري الحاكم أوضح أن الاضطرابات والشائعات الحالية هي من فعل سياسيين شماليين خاب أملهم من عدم «ترشيحهم» للمنصب. وقال حسيني جالو المستشار السياسي لنامادي إن «تعيين الحاكم يزعجهم، لذلك يلوحون بالمسألة الدينية».

ودفع التوتر في كادونا سلطان سوكوتو محمد سعد أبو بكر، المرجع الروحي لمسلمي نيجيريا البالغ عددهم نحو 75 مليونا، إلى التحرك لتفادي وقوع اضطرابات. واعتبر أبو بكر، خلال تجمع إسلامي في نهاية الأسبوع الماضي، أن نيجيريا المتعددة الطوائف يمكن أن تكون برئاسة مسيحي أو مسلم بدون أن يمنع ذلك «الطائفة المسلمة من التطور ورعاية مصالحها».

غير أن شيهو ساني يبقى قلقا رغم ذلك ويقول إن «أي قرار سياسي، أي قرار تعيين قد يتخذه باتريك ياكوا (في حال تعيينه حاكما) ستكون له بالطبع قراءة دينية». وفي حال ترشح مجددا لمنصب الحاكم عام 2011 خلال الانتخابات الرئاسية والعامة «فسيصوت العديد من الناس بموجب ديانتهم».