أردوغان: دول مجلس الأمن بلا مصداقية.. وكفى حديثا عن العقوبات فأمامنا فرصة فريدة

لاريجاني يدعو الإيرانيين للتحدث بـ«صوت واحد».. وصحيفة مقربة من المرشد تتحفظ على الاتفاق

رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يتحدث في مؤتمر صحافي على هامش قمة الاتحاد الاوروبي واميركا اللاتينية في مدريد أمس (أ.ب)
TT

أعلنت إيران أنها تنتظر ردا «سريعا» من الدول الكبرى على عرضها لتبادل اليورانيوم بالوقود النووي في تركيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست أمس إن إيران ستبلغ خلال هذا الأسبوع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعرضها الذي يقدم بضمانة من تركيا والبرازيل. وأشار مهمان باراست خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي إلى أن الإعلان المشترك من 10 نقاط، الذي وقع بين إيران والبرازيل وتركيا في شأن هذا الاقتراح «يلحظ أن نبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمن مهلة أسبوع: سنقوم بهذا الأمر خطيا عبر القنوات التقليدية». وأضاف «ننتظر أن يبدي أعضاء مجموعة فيينا (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والوكالة الذرية) سريعا استعدادهم» للقيام بالتبادل الذي تقترحه طهران. وقال مهمان باراست إن «الاتفاق الذي سيجري توقيعه بين إيران ومجموعة فيينا، في حال تم ذلك، سيمهد لتعاون نووي أوسع وسيبدل المناخ» بين إيران والدول الكبرى. وأضاف «في مناخ من التعاون، ينبغي وضع الخطوات غير البناءة وقضية العقوبات جانبا للسماح بتعاون أكبر». وأعرب مسؤولون في الحكومة والبرلمان الإيراني عن دعمهم للاتفاق، ومن بينهم رئيس البرلمان علي لاريجاني الذي أعلن تأييده له على الرغم من أنه أعلن قبل أشهر أنه لا يفضل إرسال غالبية اليورانيوم للخارج. وقال لاريجاني أمس تعليقا على الاتفاق «ينبغي أن تتقارب مواقف الجميع، وأن يسلك البلد بصوت واحد هذا الطريق العادل». وتشير تصريحات لاريجاني ضمنا إلى أن هناك أصواتا «صامتة» معارضة للاتفاق النووي. وكان مسؤولون كبار بالجمهورية الإيرانية، من بينهم مسؤولون في مجلس الأمن القومي الإيراني ومستشارون للمرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي، قد قالوا إنهم لا يؤيدون الاتفاق. كما أعرب زعيم المعارضة الإصلاحية الإيرانية مير حسين موسوي من قبل عن عدم دعمه للاتفاق، قائلا إن أحمدي نجاد يعرض حقوق الأمة الإيرانية للخطر، مقابل دعم موقف حكومته وتفادي فرض عقوبات جديدة على طهران.

ورحبت جميع الصحف الإيرانية تقريبا بالاتفاق، وعنونت صحيفة «إيران» الحكومية أن «الولايات المتحدة خسرت اللعبة». وكتب عباس عبدي المسؤول الكبير في المعارضة الإصلاحية في صحيفة «شرق» المعتدلة «كان يجدر اتخاذ هذا القرار قبل أشهر، لكن ينبغي الآن دعم هذه السياسة الجديدة» التي تنتهجها الحكومة. وعنونت صحيفة «كيهان» المحافظة المتشددة أن «قوة إيران وذكاءها يتجليان في اتفاق طهران الثلاثي»، مؤكدة أن طهران ستخرج «منتصرة» في مطلق الأحوال. وصدر الصوت الوحيد المخالف عن صحيفة «جمهوري إسلامي» المحافظة التي اعتبرت أن «الاتفاق ليس انتصارا بل تراجعا أمام الغربيين ولم يكن ينبغي لإيران أن تنخرط فيه»، وهو شيء لافت جدا كونها قريبة من المرشد الأعلى لإيران والمؤسسات الرسمية.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إن إيران «ستكون وحدها» إذا لم تفِ بشروط اتفاق لمبادلة الوقود النووي بتسليم اليورانيوم لتركيا في غضون شهر. وقال أردوغان «إذا لم تفِ إيران بما يتعين عليها خلال شهر.. من الطبيعي أن تكون إيران وحدها». وأضاف «إذا لم ترقَ إيران إلى توقعات البرازيل وتركيا فإنهما ستتخذان خطوة للأمام وتخرجان من الصورة». كما شكك أردوغان في مصداقية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تحتفظ بقدراتها النووية بينما تطالب الدول الأخرى بالتخلي عن أسلحتها. وقال أردوغان أثناء زيارته للجامعة الأوروبية في مدريد «أين مصداقيتكم إذا كان لديكم أسلحة نووية بينما تطالبون الدول الأخرى بألا يكون لديها هذه الأسلحة». ودعا رئيس الوزراء التركي «المجتمع الدولي إلى دعم» الاتفاق مع طهران. وقال أردوغان «أدعو المجتمع الدولي إلى دعم البيان الختامي (للدول الثلاث) باسم السلام العالمي». وأضاف «علينا الكف عن التحدث عن عقوبات» ضد إيران بعد هذا الاتفاق. وقال «أمامنا فرصة حيوية، فرصة فريدة، وأعتقد أن علينا اغتنامها». وأعتبر أن هذا الاتفاق هو «أفضل ضمانة تتوافر لدينا حتى الآن».

وتابع «رأينا أنه من خلال مفاوضات ودبلوماسية إيجابية، يصبح من الممكن لإيران الجلوس إلى طاولة مفاوضات، وأن في وسعنا التوصل إلى تسوية في إطار القواعد الدبلوماسية المقبولة عالميا». وقال «للأسف لا يزال هناك ارتياب.. وهذا واضح من خلال البيانات التي قرأناها.. ولا تزال هناك دعوات لتشديد العقوبات على إيران». وأصبحت تركيا تضطلع بدور أكبر على الساحة الدولية وتعمل منذ شهور للوساطة في الخلاف بين الغرب وإيران.

كما أشاد وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو باتفاق مبادلة الوقود الذي أيده كذلك البرلمان التركي في بيان أمس. وقال داود أوغلو في مؤتمر صحافي في إسطنبول «تبددت حالة عدم اليقين وأبدت إيران إرادة سياسية واضحة». وأضاف أن الاتفاق «يمثل أهم مبادرة إيرانية في الدبلوماسية الدولية منذ 30 عاما». وتابع «ليس هذا هو وقت تعكير الجو بسيناريوهات سلبية مثل العقوبات.. مناقشة العقوبات ستفسد الجو العام وقد تؤدي إلى تصعيد للتصريحات وتستفز الرأي العام الإيراني».

ودعا داود أوغلو الدول الغربية إلى التعامل بـ«مرونة» مع إيران، وزيادة ثقتها في طهران، موضحا أنه «بالاتفاق، تغلبنا على حالة انعدام الثقة».

وفيما قد يؤدي الاتفاق إلى تعثر مساعي الرئيس الأميركي باراك أوباما لفرض جولة جديدة من عقوبات الأمم المتحدة على إيران، إلا أن داود أوغلو أرجع الفضل في نجاح أنقرة في السعي لحل سياسي إلى سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما المتمثلة في التعامل مع إيران. وقال إن أوباما «مهد الطريق لهذه العملية». وأضاف أن أردوغان «تشجع» بدعوة أوباما خلال قمة نووية عقدت في واشنطن في أبريل (نيسان) الماضي، لإقامة حوار مع طهران.

إلى ذلك أعلن مستشار للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في مدريد أن بلاده تأمل في الانضمام مع تركيا إلى المفاوضات التي تقوم بها مجموعة 5+1 في شأن الملف النووي الإيراني. وقال ماركو اوريليو غارسيا مستشار الرئيس البرازيلي للصحافيين، إن «من الطبيعي ومن المستحسن» أن تتمكن البرازيل وتركيا من المشاركة في مفاوضات الدول الكبرى. وأضاف مستشار لولا للشؤون الخارجية «أعتقد أنه سيكون أمرا طبيعيا أن يشارك هذان البلدان على الأقل في قسم كبير من المفاوضات».

وجاء العرض البرازيلي فيما رحبت الصين بالاتفاق ودعت للتفاوض مع طهران حوله، ووصف وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي العرض الإيراني بأنه شجع حكومته وأنها تفضل التفاوض, موضحا «تابعت الصين التقارير ذات الصلة وتعرب عن ترحيبها وتقديرها للجهود الدبلوماسية التي بذلتها الأطراف المشاركة للتوصل إلى حل مناسب للقضية النووية الإيرانية».