قلق دولي وإقليمي من تداعيات الأزمة السياسية الجديدة في الصومال

مخاوف من أن تلقي هذه الأزمة بظلالها على مؤتمر إسطنبول بشأن الصومال

TT

أعربت الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد الأفريقية وعدد من ممثلي المجتمع الدولي والدول المعنية بالشأن الصومالي عن مخاوفهم الشديدة من التداعيات المحتملة للأزمة السياسية الجديدة التي اندلعت بين الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد ورئيس وزرائه عمر شارمارك. وطالبت هذه الجهات القادة الصوماليين بتحمل مسؤولياتهم وحل الخلافات السياسية بينهم فورا.

ودعا سفير الجامعة العربية في مقديشو، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أمس، جميع الأطراف الصومالية، خصوصا الرئيس شريف ورئيس الوزراء شارمارك، إلى حل الخلافات بينهما بطرق عقلانية والاحتكام إلى الحكمة، ومراعاة المصلحة الصومالية قبل المصالح الخاصة. وأعرب إبراهيم الشويمي عن قلق الجامعة العربية من تأثير تداعيات هذه الأزمة السياسية بين الرئيس ورئيس الوزراء، وقال «ندعو القادة الصوماليين إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي فوري لهذه الأزمة، والسعي لإنهاء الخلافات بينهم، والعمل معا لبلورة رؤية موحدة للتعامل مع التحديات السياسية والأمنية التي تواجه البلاد، ومراعاة المصلحة الصومالية قبل كل شيء».

وأضاف الشويمي «آمل أن تكون هذه فرصة لبداية حوار جاد وهادئ لحل المشكلات الصومالية عامة، والخلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء خاصة، نحن في مرحلة تتعرض البلاد للتمزق ونواجه تحديات حقيقية، لذا نحن بحاجة إلى مواجهة تلك التحديات بوحدة وطنية»، مشددا على ضرورة إنهاء هذه الخلافات بشكل فوري وتكريس لغة الحوار بين الأطراف.

من جهته دعا رمضان العمامرة مفوض السلم والأمن للاتحاد الأفريقي في تصريحات أدلى بها أمس القادة الصوماليين (الرئيس ورئيس وزرائه) إلى الوحدة وبذل المزيد من الجهود لحل الخلافات بينهم وإنقاذ الحكومة الصومالية من التفكك والانهيار، مشيرا إلى أن الاتحاد الأفريقي يتطلع إلى إنهاء هذه الخلافات بين الزعيمين قريبا.

 وحذر العمامرة من أن تصاعد الصراع على السلطة بين الرئيس شريف ورئيس وزرائه شارمارك يعطي المتشددين المسلحين فرصة للاستفادة من الوضع القائم في البلاد. وقال «بالتأكيد يسعى المتمردون الإسلاميون للاستفادة من كل ضعف يأتي من جانب الحكومة الانتقالية، أو من قبل المجتمع الدولي لتحقيق أهدافهم، إن لم يكن في محاولة للسيطرة على السلطة السياسية في البلاد».

ووصف العمامرة الخلافات القائمة بين الرئيس شريف ورئيس وزرائه شارمارك بالخطيرة، التي قد تعرقل جهود عملية السلام في جيبوتي والمصالحة في البلاد، كما أن من شأنها تقويض ثقة المجتمع الدولي للقادة الصوماليين. كما حذر العمامرة من أن تلقي هذه الأزمة بظلالها على مؤتمر إسطنبول، وقال «من المهم جدا أن يرسل القادة الصوماليون رسالة وحدة إلى المجتمع الدولي، لا سيما في هذا الوقت الذي يستعد المجتمع الدولي لعقد مؤتمر دولي في إسطنبول من أجل التضامن وإعادة إعمار الصومال، عليهم أن لا يقوضوا ثقة المجتمع الدولي، الأخبار التي نتلقاها من الصومال مؤسفة حقا». داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم سبل الدعم العاجل والفوري إلى الحكومة الصومالية لتنفيذ برامجها في الأمن والاستقرار والمصالحة وتقديم الخدمات العامة للشعب الصومالي.

ويأتي هذا القلق الدولي من تداعيات الخلافات السياسية الجديدة بين القادة الصوماليين بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الصومالي أنه سيبقى في منصبه على الرغم من إعلان الرئيس شريف في وقت سابق عن حل الحكومة وعزل رئيس الوزراء، مما أدى إلى اندلاع أزمة سياسية وقانونية جديدة داخل السلطة الانتقالية في البلاد. وكان شارمارك قد وصف قرار الرئيس بحل الحكومة خطوة غير شرعية، وأنه ليس للرئيس صلاحية دستورية لإقالته أو حل حكومته من دون موافقة البرلمان.

وهناك مخاوف لدى المجتمع الدولي من أن تؤدي هذه الخلافات بين المسؤولين الحكوميين الكبار إلى تفكك وانهيار الحكومة الانتقالية في الصومال التي كانت تعاني أصلا من انقسامات حادة وصراعات تقودها فصائل إسلامية مسلحة. وتعتبر هذه الدعوات بداية محاولات إقليمية ودولية للضغوط  على القادة الصوماليين، لحل الأزمة السياسية التي تهدد استقرار الحكومة.

وتزامنت هذه الأزمة السياسية في البلاد قبل أيام من عقد مؤتمر دولي حول الصومال في إسطنبول بمشاركة الكثير من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالصومال، ويهدف المؤتمر الذي ينطلق بعد غد (السبت) في مدينة إسطنبول برعاية الأمم المتحدة وتركيا إلى حشد الدعم للصومال ومحاولة دفع عملية السلام في جيبوتي، وأيضا لبحث سبل إعادة إعمار البلاد، وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني فيها، وأيضا لمحاولة وضع تصور دولي بشأن كيفية إنهاء هذه الأزمة وإيجاد حلول عملية لمكافحة ظاهرة القرصنة البحرية قبالة السواحل الصومالية وفي منطقة المحيط الهندي وخليج عدن.

ويرجح المراقبون إلى أن هذه الأزمة السياسية بين ترويكا السلطة الانتقالية في الصومال ستلقي بظلالها على المؤتمر الدولي الخاص بالأزمة الصومالية الذي تستضيفه مدينة إسطنبول التركية، وكان من المقرر أن يشارك الرئيس الصومالي في هذا المؤتمر على رأس وفد كبير يضم وزراء ونحو 70 من رجال الأعمال الصوماليين، لكن من غير الواضح إن كان الرئيس شريف سيكون قادرا على المشاركة في المؤتمر بسبب الأزمة العاصفة التي تهدد استقرار حكومته.