كينيا خامس دولة توقع على اتفاقية مياه النيل الجديدة.. وبوروندي والكونغو ستنضمان قريبا

وزيرة المياه الكينية: لا خيار آخر أمام مصر والسودان سوى الانضمام.. والقاهرة تبدأ تحركا دبلوماسيا للدفاع عن حقوقها

TT

وقعت الحكومة الكينية أمس (الأربعاء) الاتفاقية الإطارية المثيرة للجدل بشأن إعادة توزيع مياه نهر النيل التي أغضبت مصر، لتصبح خامس دولة من دول حوض النيل التسع توقع على الاتفاقية الجديدة، قبل يومين من زيارة مقررة لرئيس الوزراء الكيني رايلا أودينغا إلى القاهرة، في وقت بدأت فيه مصر تحركا دبلوماسيا للدفاع عن حقوقها في مياه النيل.

وكانت أربع من دول حوض النيل، هي إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا، وقعت منتصف الشهر الجاري، في عنتيبي بأوغندا، اتفاقية إطارية لتقاسم مياه النيل، في غياب دولتين هما بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومقاطعة مصر والسودان المعارضتين بشدة لهذا الاتفاق.. فيما أعلنت كينيا وقتها أنها ستوقع الاتفاقية «في أقرب وقت ممكن».

ووقعت تشاريتي نجيلو، وزيرة المياه الكينية، أمس، على الاتفاقية التي تلغي اتفاقيتي 1929 و1959، في الوقت الذي لا يزال الجدل حول إعادة توزيع مياه النهر بين دول المصب ودول المنبع قائما، بسبب إعلان القاهرة والخرطوم معارضتهما الشديدة لمشروع هذا الاتفاق الجديد منذ البداية، لأنه يؤثر على حصتيهما من مياه النيل، وكانتا تحصلان على حصة كبيرة للغاية مقارنة بحصص دول المنبع.

وصرحت نجيلو بأن الاتفاق الجديد، الذي كان يجري التفاوض حوله منذ نحو 10 سنوات بين الدول التسع التي يمر عبرها النيل، لا يستهدف سوى تنظيم استغلال مياه النيل وتوزيع الحصص بالتساوي بين كل الدول التسع من أجل تقاسم أفضل لمياه النهر، وقالت نجيلو في مؤتمر صحافي بعد توقيعها الاتفاق الجديد «معاهدة 1929 عفى عليها الزمن، لا شيء يوقفنا عن استخدام مياه نهر النيل كما نحب، الأمر الآن متروك لمصر والسودان كي تنضما إلى هذا الاتفاق الجديد». وتابعت قائلة «هذا يفيدنا جميعا ولا يضر بمصلحة أحد، آمل أن كل دول حوض النيل ستوقعه».

وتسمح الاتفاقية الجديدة - التي تدخل تغييرات على الترتيبات التاريخية لاقتسام مياه النيل - لدول الحوض باستخدام المياه التي تراها ضرورية مع الحرص على ألا تضر بمصالح الدول الأخرى. وأضافت نجيلو «إن بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ستوقعان على الاتفاقية قريبا»، ودعت السودان ومصر إلى الانضمام، قائلة «لا تستطيع دولتان منع دول عدة عن تنفيذ هذا الاتفاق التعاوني، ليس أمامهما خيار آخر سوى الانضمام إلى الاتفاق الجديد».

وترغب كينيا في زيادة إنتاجها من الزراعة من خلال إنشاء أنظمة وسدود للري في حوض بحيرة فيكتوريا الواقعة غرب البلاد، التي تتركز فيها نصف موارد المياه السطحية لكينيا، كما أنها تسعى لتوصيل المياه النقية في أنابيب إلى المزيد من المنازل. وقالت وزيرة المياه الكينية «الحكومة مقيدة في جهودها لجذب التمويل من أجل تنفيذ استثمارات ضخمة تتطلب دعما دوليا في التمويل مثل السدود».

وكانت مصر والسودان، اللتين يمثل نهر النيل شريان حياتهما، قد عارضتا الاتفاق الجديد منذ البداية، وتقول مصر «إن تلك الاتفاقية الجديدة لا قيمة لها من الناحية القانونية بالنسبة للدول التي لم توقع عليها»، بحجة أنها تمس بحصتها هي والسودان من مياه النيل، إذ تتضمن إقامة الكثير من مشروعات الري والسدود المائية المولدة للكهرباء في دول المنبع التي وقعت عليها.

ولا يشير النص الجديد لاتفاقية عنتيبي إلى أي أرقام، للحجم أو الأمتار المكعبة، للتقاسم المقبل للمياه، لكنه يلغي اتفاقيتي 1929 و1959، ويسمح لدول الحوض باستخدام المياه التي تراها ضرورية مع الحرص على ألا تضر بالدول الأخرى. كما ينص الاتفاق على إنشاء مفوضية لحوض النيل تكلف بتلقي كل المشاريع المتعلقة بالنهر (من قنوات ري وسدود) وإقرارها. وسيكون مقر هذه المفوضية أديس أبابا وستضم ممثلين للدول التسع المعنية.

وتمنح اتفاقية عام 1929 (التي أعدتها بريطانيا وتمت مراجعتها في عام 1959) مصر حصة قدرها 55.5 مليار متر مكعب من مياه النهر، كما تمنح مصر حق الاعتراض فيما يتعلق بكل الأعمال أو الإنشاءات التي يمكن أن تؤثر على حصتها من مياه النهر مثل إقامة سدود وغير ذلك من المشاريع المائية في دول المنبع. وقالت نجيلو إن الاتفاقية الجديدة، التي تدعو إلى إنشاء مفوضية دائمة لإدارة المياه سيكون مقرها في عنتيبي الأوغندية، ستضمن لكافة الدول التسع، التي يمر فيها النهر، الاستخدام المتساوي للموارد.

ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء الكيني، رايلا أودينغا، القاهرة خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع في أول زيارة رسمية، إلا أن تشاريتي نجيلو وزيرة المياه الكينية التي ستصاحب أودينغا في زيارته للقاهرة، قالت أمس إن أزمة النيل لن تكون مطروحة على الأجندة خلال تلك الزيارة.

وأكدت مصر أمس أنها ستكثف جهودها الدبلوماسية للمحافظة على «حقوقها التاريخية» في نهر النيل. وذكرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية أن وزير الموارد المائية والري المصري، محمد نصر الدين علام، توجه أمس إلى الخرطوم، الحليفة الرئيسية لمصر في هذا الملف. وأوضحت الوكالة أن الوزير المصري سيناقش مع المسؤولين السودانيين «توحيد الرؤى والتنسيق وتبادل وجهات النظر حول خطة التحرك المستقبلي المشترك للحفاظ على حقوق البلدين» اللذين يحصلان حاليا على 87% من مياه النهر. وقالت الوكالة إن هذا الملف سيكون أيضا في صلب زيارة رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينغا لمصر، التي تستغرق أربعة أيام اعتبارا من السبت المقبل، على عكس ما قالته الوزيرة الكينية. وأوضحت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» أن القاهرة تنتظر زيارة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا في 29 مايو (أيار) ورئيس بوروندي بيار نكورو نزيزا في يونيو (حزيران) المقبل. وكان اجتماع تشاوري عقد الشهر الماضي في شرم الشيخ بشأن إعادة توزيع مياه النهر بين دول المصب، (مصر والسودان) ودول المنبع السبع (أوغندا وتنزانيا والكنغو وكينيا ورواندا وبوروندي، وإثيوبيا) قد انتهى بخلاف معلن بين مصر والسودان من جهة، والدول الأفريقية السبع الأخرى من جهة ثانية.