زيارة وزير فرنسي لنواكشوط تثير تساؤلات في أوساط أحزاب المعارضة الموريتانية

محاكمة المتشددين السلفيين وتهديدات «القاعدة» بإعدام مواطنه المختطف تلقي بظلالها على مباحثاته

TT

أثارت زيارة آلان جوياندي وزير الدولة الفرنسي المكلف التعاون والفرنكفونية أمس لموريتانيا، دامت عدة ساعات، في إطار جولة تقوده إلى عدة دول أفريقية، جدلا في أوساط أحزاب المعارضة.

وقال جوياندي أمس إنه جاء إلى نواكشوط ليبلغ باسم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نظيره الموريتاني محمد ولد عبد العزيز دعم باريس الكامل لموريتانيا ورغبتها في استمرار هذا الدعم. وأضاف الوزير الفرنسي عقب لقاء جمعه بالرئيس ولد عبد العزيز أن المباحثات دارت في جو أخوي جدا، وأن إرادة فرنسا تقف إلى جانب موريتانيا أكثر من أي وقت مضى، موضحا أن التعاون الثنائي بين فرنسا وموريتانيا يسير في الاتجاه الصحيح.

وأضاف المسؤول الفرنسي أنه اقترح على ولد عبد العزيز تعزيز برامج التعاون لتشمل مختلف القضايا، وفي مقدمتها الأمور المرتبطة بالأمن وقضايا تنموية أخرى تشغل بال الكثير من الموريتانيين، ومن بينها الكهرباء. واعدا أنه سيتم إطلاق برامج إضافية من أجل تسريع ودفع إنتاج هذه المادة في موريتانيا.

وتساءلت منسقية المعارضة الموريتانية في بيان لها صدر أمس «عن الدلالات السياسية لزيارة جوياندي، وهل تدخل الزيارة في إطار الاعتذار عن انحياز فرنسا لانقلاب 6 أغسطس (آب) 2008، الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز من أجل الإطاحة بالرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، أم أنها تأتي تأكيدا لدعم فرنسا لهذا الحكم الذي ينتهك قوانين الجمهورية الموريتانية، ويتنصل من اتفاق داكار الذي وقعه وكانت فرنسا طرفا فيه، إضافة إلى تكريس الاستمرار في النهج الاستبدادي؟»، حسب البيان.

وأكدت المنسقية أنها حريصة على توطيد علاقات الثقة والتعاون المثمر بين الشعبين الموريتاني والفرنسي، وتتطلع إلى فتح صفحة جديدة بين موريتانيا وفرنسا، على أساس تجاوز جاد لكل المواقف المؤسفة التي تخللت الفترة السابقة، في إشارة إلى انقلاب 6 أغسطس 2008 وتداعياته، كما تأمل بصدق أن تساهم زيارة السيد آلان جوياندي الحالية في إنجاز تلك التطلعات، حسب البيان.

وفي غضون ذلك، اتهمت منسقية المعارضة جوياندي ورفاقه بدعم الانقلاب الذي أطاح بولد الشيخ عبد الله. وكان المسؤول الفرنسي أطلق تصريحات مفادها أن «مطالب العسكريين ليست كلها غير مشروعة»، وأن «المنتديات العامة للديمقراطية تعكس رأي أكثر من 80% من الموريتانيين»، وهو ما لم يرُق أحزاب المعارضة، واعتبرته غير حيادي ومنحازا للحكم.

من جهة أخرى، لم يستبعد المراقبون أن تكون لزيارة المسؤول الفرنسي لموريتانيا علاقة بمحاكمة السلفيين المتشددين في نواكشوط، خصوصا أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي احتجز رهينة فرنسيا قبل أسبوعين في النيجر.

وأعلن تنظيم القاعدة أنه مستعد لإطلاق سراحه مقابل ضغط فرنسا على الدول التي تعتقل نشطاءها من أجل إطلاق سراحهم، من غير أن يسمي تلك الدول بعينها.

وكانت فرنسا قد نجحت في إنقاذ رهينة فرنسي من أيدي تنظيم القاعدة في مالي مقابل الإفراج عن موريتاني وجزائري مطلوبين لدولهما، مما سبب جفاء في علاقات موريتانيا والجزائر مع مالي لم تستطع الجهود في احتوائه حتى الآن. وإذا كان جوياندي يحاول إنقاذ حياة أحد مواطنيه من خلال الضغط على موريتانيا من أجل تلبية مطالب «القاعدة»، فإن بعض المراقبين يرون أن حياة الرهينة الفرنسي أصبحت معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى، وذلك في إشارة إلى تشدد موقف موريتانيا إزاء المتورطين في قضايا الإرهاب.