السودان: الجيش الشعبي يشكل نواة قوات جوية وبحرية لحماية الحدود مع الشمال

أفورقي على خط الوساطة والقاهرة تقدم حوافز

TT

كشف الجيش الشعبي في جنوب السودان عن إنشاء وحدات جوية والبدء في تشكيل وحدات بحرية تكون مهمتها حماية حدود الجنوب بعد الانفصال عن الشمال، في وقت أعلنت فيه مصر عن حوافز لجنوب السودان، من أجل جعل خيار الوحدة جاذبا للجنوبيين، فيما دخلت أسمرة على خط الوساطة بين الشمال والجنوب بإرسال وفد رفيع إلى جوبا، يحمل رسالة من الرئيس أسياسي أفورقي تتعلق بترتيبات الاستفتاء على تقرير المصير، وموضوع الوحدة والانفصال.

وأكد الجيش الشعبي لتحرير السودان اكتمال جاهزيته لحماية حدود الجنوب في حال انفصاله عن الشمال بعد التجهيزات والترتيبات التي قام بها. وقال المتحدث باسم الجيش، اللواء كوال ديم كوال، لـ«الشرق الأوسط»، «إن الجيش الشعبي شكل نواة لقوات البحرية بعدما أنشأ وحدات للقوات الجوية». يذكر أن الجيش الشعبي لا يمتلك طائرات حربية أو قواعد جوية، وتعد الخطوة مؤشرا لإنشاء جيش لحماية حدود الدولة الوليدة، وترفض الخرطوم تطوير قدرات الجيش الشعبي باعتبار أن اتفاق السلام الشامل لا يمنح الحق للجيش الجنوبي في إنشاء وحدات جوية، لكن ديم أكد أن القرار الجنوبي جاء بعد مشاورات موسعة لتحويل الجيش الشعبي من «مقاتلي حرب العصابات إلى جيش نظامي حديث ليقوم بمهامه على الوجه الأكمل». وأكد ديم أن مشكلة السلاح والميليشيات ستحل بالكامل في حال تسلم الجيش الشعبي لملف الأمن في الجنوب بشكل كامل بعد اكتمال ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب.

من جهته اعتبر الجيش السوداني خطوة الجيش الشعبي ببناء قدراته الجوية والبحرية (خرقا لاتفاق السلام)، وقال الناطق باسم الجيش، الصوارمي خالد سعد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اتفاق نيفاشا (اتفاق السلام) واضح، ويحصر قوات الجيش الشعبي في داخل مناطق تم تحديدها ولا يسمح له بالقيام بأي عمليات عسكرية بما في ذلك تطوير القدرات القتالية والدفاعية»، ووجه الصوارمي السؤال إلى القوات المشتركة (المدمجة) لتجيب على خطوة الجيش الشعبي. يذكر أن اتفاق السلام حدد 3 جيوش في السودان هي: القوات المسلحة، والجيش الشعبي، والقوات المشتركة، ويبلغ عدد الأخيرة 39 ألفا من الجنود مناصفة بين القوات المسلحة والجيش الشعبي، وتم نشرها في الخرطوم والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والجنوب، ويهدف الاتفاق إلى أن تكون القوات المشتركة نواة لجيش السودان الموحد حالة حصول الانفصال.

وفي السياق ذاته كشف الأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، أن مؤتمرا استثنائيا لقيادات في المكتب السياسي ووزراء الجنوب أقرّ بضرورة توفير الأمن وبسطه من خلال تطوير قدرات الشرطة في المدن والقرى وبناء قدرات الجيش الشعبي للدفاع عن جنوب السودان والدفاع عن خيار الشعب بعد الاستفتاء، وعقد مصالحات شاملة لحل كافة النزاعات القبلية في الإقليم وتوفير كافة الاحتياجات الضرورية للمواطنين، ودعم قطاع الصحة والتعليم وتطوير اللغات المحلية. وقال أموم «نسعى لتقديم كافة الخدمات للمواطنين في مختلف المدن والقرى، وسنتأكد من شفافية إيرادات الإقليم من النفط». يشار إلى أن الإدارة الأميركية سبق أن اختارت شركة «ديان كورب» بعد حصولها على عطاء بمبلغ 40 مليون دولار لبناء قدرات الجيش الشعبي.

وإلى جانب تطوير الحركة الشعبية لجيشها، أشار وزير الخارجية، دينق آلور، وهو أحد قادة الحركة البارزين، إلى أهمية قيادة تحرك دبلوماسي خارجي مكثف خلال الفترة القادمة لشرح تطورات الأوضاع في السودان بعد الانتخابات العامة وذلك بهدف إحداث انفتاح في العلاقات الخارجية.

في غضون ذلك دخلت أسمرة على خط الجدل حول الوحدة والانفصال، وقال مسؤول التنظيم في الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، عبد الله جابر، لـ«الشرق الأوسط»، إن وفدا إريتريًا يترأسه هو سيصل إلى مدينة الخرطوم ثم يتوجه إلى جوبا، يحمل رسالة من الرئيس أفورقي إلى رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت تتعلق بالاستفتاء. ولم تستبعد المصادر أن تتقدم أسمرة بمقترحات للخرطوم وجوبا لجعل الوحدة جاذبة، لكن المصادر لم تكشف طبيعة المقترحات، وسيشارك الوفد في تنصيب سلفا كير، رئيسا لحكومة جنوب السودان بعد فوزه في الانتخابات العامة.

وفي سياق متصل شدد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط على ضرورة تقديم حزمة حوافز لجنوب السودان لجعل خيار الوحدة جاذبا، ولم يكشف تفاصيل الحزمة بعد لقاء مع المبعوث الدولي للسودان، هايلي منكريوس، الذي يزور القاهرة، وكان وفد سوداني رفيع اختتم زيارة للقاهرة، وأكد مساعد الرئيس السوداني، نافع علي نافع، حرص الخرطوم على تحقيق وحدة السودان والسلام في دارفور، وقال إنه كان لا بد من التشاور مع مصر لتوحيد جهود البلدين للوصول لهذه الغايات، وشدد نافع على أن قضية وحدة السودان هي أهم قضية تم الإجماع عليها، ونوه إلى أن ذلك يتطلب حشد جهد سياسي ودبلوماسي محلي وإقليمي ودولي لتحقيق ذلك الهدف. وقال «هذه حملة سودانية بحتة نريد لها أن تكون عالمية لتحقيق هذا الهدف، وهى حملة قوية تم فيها جهد واضح وعلمي ودقيق لمحاسن الوحدة ومخاطر الانفصال».