1000 قتيل أميركي في أفغانستان

أكثر من نصف القتلى الأميركيين سقطوا بعبوات ناسفة بدائية الصنع

TT

كان مراهقا عاديا عندما طرأت فكرة الانضمام للجيش للمرة الأولى على ذهنه. وبالفعل، تحول باتريك إس فتزغيبون إلى المجند فتزغيبون. وبعد خوضه ثلاثة شهور من التدريبات الأساسية، توجه للمشاركة في الحرب.

ومن داخل نقطة تمركزه بإقليم قندهار في أفغانستان، شكا لوالده من نقص السجائر وشراب «ماونتن ديو». لكنه أعرب عن فخره بعمله وتطوع للمشاركة في دوريات. في الأول من أغسطس (آب) 2009، أثناء مشاركته في إحدى المهام، خطا المجند فتزغيبون على لوح معدني موصل بعبوة ناسفة مدفونة تحت الأرض. وفي لحظات، تحولت زرقة السماء إلى اللون البني بسبب الغبار المتصاعد من التفجير.

وأسفر التفجير على الفور عن مقتل فتزغيبون (19 عاما) من نوكسفيل في تينيسي، وجوناثان إ. والز (27 عاما) من كولورادو سبرينغز. وبعد ساعة، لحق بهما جندي ثالث كان يعاونهما في تأمين المنطقة، وهو ريتشارد كيه جونز (21 عاما) من روكسبورو من نورث كارولينا، وذلك جراء انفجار عبوة ناسفة أخرى. وبصورة إجمالية، أسفر التفجيران عن إصابة 10 جنود آخرين على الأقل.

ويوم الثلاثاء، تجاوزت حصيلة الأميركيين القتلى في أفغانستان حاجز الـ1000 بعدما تسبب تفجير انتحاري في كابل في قتل خمسة جنود أميركيين على الأقل. ورغم أن الـ500 الأوائل سقطوا على امتداد فترة بلغت سبعة أعوام، فإن الـ500 الآخرين لقوا حتفهم في أقل من عامين. وكان وجود حركة طالبان بنشاط في كل الأقاليم تقريبا، وضعف الحكومة المركزية العاجزة عن حماية شعبها، ووقوف أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين في وجه الخطر، جميعها عوامل أسهمت في هذه الوتيرة المتزايدة لتساقط القتلى.

وجاءت هذه الحوادث التي شهدها أغسطس الماضي - في وقت كان الأفغان يستعدون فيه لعقد انتخابات وطنية - بمثابة صيحة تنبيه للكثير من الأميركيين بشأن الأوضاع المتردية بالبلاد. خلال ذلك الشهر، لقي 47 جنديا أميركيا مصرعهم، وهو ما يزيد على ضعف ما سقط في الشهر ذاته من العام السابق، الأمر الذي جعل من أغسطس 2009 أكثر الشهور دموية في أكثر السنوات دموية للحرب في أفغانستان.

في الكثير من الأوجه، يعد الجندي فتزغيبون نموذجا للموجة الجديدة من حوادث القتل أثناء أعمال القتال، ذلك أنه من الملاحظ أن الجنود الأميركيين أصبحوا يقتلون في سن أصغر، غالبا بعد قدومهم مباشرة من معسكرات التدريب، حسبما تكشف السجلات العسكرية. ما بين عامي 2002 و2008، بلغ متوسط أعمال الجنود الأميركيين القتلى أثناء العمل داخل أفغانستان قرابة 28 عاما. إلا أن هذا الرقم تراجع إلى 26 عاما في العام الماضي. هذا العام، لقي أكثر من 125 جنديا مصرعهم أثناء القتال بمتوسط أعمار بلغ 25 عاما.

خلال العامين الماضيين، ارتفعت أعداد الجنود الذين لقوا حتفهم بسبب متفجرات بدائية الصنع بدرجة بالغة. في وقت سابق من الحرب، تسببت القذائف الصاروخية والأسلحة الصغيرة في إسقاط النسبة الأكبر بين القتلى الأميركيين. لكن في عام 2008، وللمرة الأولى، سقط أكثر من نصف القتلى الأميركيين أثناء أعمال القتال بسبب عبوات ناسفة بدائية الصنع، باتت - مثلما كان الحال في العراق - أكثر فتكا ووفرة داخل أفغانستان.

الملاحظ أن حوادث القتل تلك الناجمة عن عبوات ناسفة بدائية الصنع وقعت على شكل دفعات على نحو متزايد. على سبيل المثال، في أغسطس الماضي سقط 17 قتيلا من بين إجمالي 25 قتيلا جراء انفجار عبوات ناسفة بدائية الصنع خلال هجمات شهدت سقوط أكثر من جندي. في التاريخ الذي ستطلع عليه الأجيال القادمة، ربما يحتل صيف عام 2009 مكانة بارزة باعتباره نقطة تحول في مسار الحرب، باعتباره فترة شرع الرأي العام خلالها في توجيه مزيد من الاهتمام صوب أفغانستان، وشعرت إدارة أوباما بالحاجة إلى مراجعة وتنقيح كامل توجهها حيال الحرب.

الواضح أن الشهور الدافئة من العام شكلت دوما الموسم الرئيسي للقتال في أفغانستان، عندما يخرج المتمردون من الكهوف الجبلية لصنع كمائن وتجنيد مقاتلين جدد. إلا أنه خلال الأسابيع السابقة للانتخابات الرئاسية في أغسطس العام الماضي، كان نطاق نفوذ طالبان أوسع وأكثر تأثيرا عن أي وقت مضى منذ الإطاحة بها من السلطة. ولم تشهد هذه الفترة تصاعد أعداد الهجمات باستخدام عبوات ناسفة بدائية الصنع والتفجيرات الانتحارية فحسب، وإنما باتت الأدوات المستخدمة ذاتها أكثر تعقيدا وأكثر قدرة على خلق ثقوب وتمزيق مركبات مدرعة بدت في وقت مضى محصنة تماما. يذكر أن عبوة ناسفة تزن 2.000 باوند تسببت في مقتل سبعة جنود أميركيين والمترجم المرافق لهم داخل ناقلة جنود الخريف الماضي.

* خدمة «نيويورك تايمز»