متقي: دولتان في مجلس الأمن طبختا طبقا في وقت غير مناسب.. فالضيوف تناولوا الغداء

أوباما يشيد بمشروع العقوبات.. وإيران تصعد بالإعلان عن بناء موقع جديد للتخصيب

سوزان رايس مندوبة أميركا في الأمم المتحدة في حديث جانبي مع الامين العام للأمم المتحدة بحضور مندوب روسيا أمس (أ.ب.إ)
TT

فيما أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، بمشروع قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات أشد على إيران، ودعا طهران من جديد إلى تنفيذ التزاماتها الدولية، ردت طهران بالتصعيد، مشككة في شرعية القرار، معربة عن دهشتها من صدوره، موضحة أنه «لا توجد فرصة لإقرار مشروع العقوبات في مجلس الأمن»، كما أعلنت أنها ستبني موقعا جديدا لتخصيب اليورانيوم. ويأتي ذلك فيما طلبت تركيا والبرازيل عدم فرض عقوبات جديدة على طهران.

وقال وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، للصحافيين عندما سئل بشأن مشروع القرار الذي وافقت عليه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن «لا توجد فرصة لإقرار قرار جديد». وتابع «جاء اثنان من الأعضاء في مجلس الأمن بوصفة جديدة في مطبخهما.. يبدو أن هذا الطبق الجديد الذي تم إعداده لا يقدم للضيوف في التوقيت المناسب.. فالضيوف تناولوا بالفعل طعام الغداء. دعونا لا نأخذ هذا الأمر على محمل الجد». وسلمت الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن ليل أول من أمس. وقال متقي إن اتفاق مبادلة اليورانيوم الذي توسطت فيه البرازيل وتركيا «سيمضي قدما». وكان متقي يحضر اجتماعا في دوشنبه عاصمة طاجيسكتان لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي. ونقلت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية عن متقي قوله إن «وزيري خارجية البرازيل وتركيا اتصلا بي صباحا.. ووصفا محادثاتهما مع الدول الأخرى، وبينها دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي، بالإيجابية». وأضاف «يبدو أن الاتفاق على طريق التطبيق. إن المهمة التي أنجزتها تركيا والبرازيل مهمة».

وأبدى وزير الخارجية الإيراني دهشته عندما سئل عن مسودة القرار، وعندما سأل مراسل لـ«رويترز» عن رد فعل إيران على مسودة القرار، قال متقي بسخرية باللغة الإنجليزية «هل أنت متأكد». وبعد تأكيد أن القوى الكبرى اتفقت على المسودة، قال متقي «لا تأخذه بجدية». ثم سار مبتعدا بعد ذلك. ولم يتضح ما إذا كان متقي قد اطلع على المسودة أو ما إذا كان رافضا لها ويسخر من مجرد الإعلان عنها.

إلى ذلك، نقلت وكالة «فارس» الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن حليف وثيق للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، قوله أمس إنه لا توجد شرعية في مسودة قرار بفرض عقوبات من الأمم المتحدة على إيران. ونقلت «فارس» عن مجتبى ثمرة - هاشمي، المستشار الكبير لأحمدي نجاد، قوله إن «المسودة التي يجري بحثها في مجلس الأمن الدولي ليست لها شرعية على الإطلاق».

إلا أن رد الفعل الأشد جاء على لسان مسؤول البرنامج النووي الإيراني، علي أكبر صالحي، الذي نقلت عنه وكالة أنباء «فارس» أن القوى الكبرى «تجرد نفسها من المصداقية» عبر مواصلتها السعي لفرض عقوبات على طهران. ونقلت الوكالة عن صالحي، الذي يشغل في الوقت عينه منصب نائب الرئيس، قوله إن الحديث عن «فرض عقوبات مضى عليه الزمن، ومشروع قرار العقوبات ضد إيران» هو «محاولة أخيرة للغربيين». وأضاف «إنهم يشعرون أنه للمرة الأولى تتمكن دول ناشئة من الدفاع عن مصالحها على الساحة الدولية من دون أن تحتاج إلى الدول الكبرى، وهذا أمر يصعب عليهم تقبله». وأضاف صالحي «لقد فقدت مسألة العقوبات طعمها، وهي ليست إلا جهدا ضائعا، وتبعث على الشك في مصداقية القواعد المعترف بها دوليا».

كما أعلن أن بلاده ستبني موقعا جديدا لتخصيب اليورانيوم. موضحا للصحافيين أنه «سيتم خلال العام الجاري وبعد تنفيذ الإجراءات اللازمة، البدء ببناء أحد المواقع النووية». وعن موعد تشغيل محطة بوشهر جنوب طهران، أكد صالحي أن عملية «إتمام بناء المحطة تحرز تقدما جيدا.. وبعون الله سيتم تشغيلها في الصيف المقبل». بينما اعتبر نائب رئيس الجمهورية الإيراني، مهدي مصطفوي، أن إيران لن توقف برنامجها النووي للأغراض السلمية، مشيرا إلى أنها مصممة على المضي في هذا المشروع حتى الحصول على حقوقها. وقال مصطفوي «إن الضغوط الأميركية على إيران ليست جديدة.. لكن الشيء المهم هو المصالح الإيرانية والقوانين الدولية». وواصلت الكثير من وسائل الإعلام الإيرانية الإشادة بالاتفاق أمس. وقالت قناة «العالم» الإيرانية إن الاتفاق «هدف إيراني في الثواني الأخيرة»، موضحة «إيران كسبت الجولة وسجلت هدفا قاتلا في المرمى الأميركي الإسرائيلي بتوقيع الاتفاق». وتابعت «السلطات الإيرانية تعرف جيدا كيف تلعب أوراقها في التوقيت المناسب». وكان التلفزيون الإيراني قد وصف اليوم اعتزام الأمم المتحدة فرض المزيد من العقوبات على إيران بأنه «لا معنى له» وأن الرأي العام العالمي سيكون هو الحكم. وأكد التلفزيون الإيراني أنه كان من المتوقع أن تقود موافقة طهران إلى تحقيق اختراق في النزاع النووي وإعادة إحياء المفاوضات مع القوى العالمية القلقة من احتمال أن تكون إيران تسعى لتطوير أسلحة نووية. كما أكد أن موافقة إيران على الاتفاقية كان جهدا منها لتحقيق التعاون وليس المواجهة مع القوى العالمية.

وفي برازيليا، وجهت البرازيل وتركيا رسالة إلى مجلس الأمن الدولي لمطالبة أعضائه الـ15 بعدم إقرار عقوبات جديدة بحق إيران بسبب برنامجها النووي، على ما أعلنت وزارة الخارجية البرازيلية. وأفادت الخارجية البرازيلية أن الرسالة حملت توقيعي وزيري الخارجية البرازيلي شيلسو أموريم والتركي أحمد داود أوغلو.و قالت الرسالة التي صيغت بالإنجليزية ووزعت على الصحافيين في البرازيل، إن «البرازيل وتركيا مقتنعتان أنه وقت إعطاء الفرصة للمفاوضات وتجنب إجراءات تقضي على احتمال حل سلمي لهذه المسألة». كما أوضحت سفيرة البرازيل لدى الأمم المتحدة استياء بلادها لأن الولايات المتحدة وحلفاءها تجاهلوا، فيما يبدو، اتفاق مبادلة الوقود، الذي وصفته بلادها بأنه «انفراجة كبيرة في المواجهة النووية». وقالت السفيرة البرازيلية ماريا لويزا ريبيرو فيوتي للصحافيين خارج قاعة مجلس الأمن «البرازيل لا تشارك في أي مناقشات بشأن مشروع قرار في هذه المرحلة لأننا نشعر أنه طرأ وضع جديد». وأضافت قولها «تم التوصل إلى اتفاق أمس وهو اتفاق مهم للغاية».

ويدعو مشروع القرار إلى «اتخاذ الخطوات المناسبة لحظر فتح فروع أو مكاتب جديدة للبنوك الإيرانية في الخارج إذا وجد ما يدعو للاشتباه بأنها قد تساعد البرامج الصاروخية أو النووية لإيران». ويدعو المشروع البلدان إلى الحذر من التعامل مع سلاح الحرس الثوري الإيراني. كما يدعو إلى توسيع حظر السلاح القائم بالفعل على إيران ليشمل بعض الفئات الأخرى من الأسلحة الثقيلة. وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون يأملون بادئ الأمر فرض حظر شامل على السلاح إلى طهران ووضع بنكها المركزي في القائمة السوداء، لكن روسيا والصين رفضتا ذلك.

وعلى الرغم من أن كثيرا من الإجراءات في القرار ليست ملزمة، فإن دبلوماسيين قالوا إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيعتبرون الدعوة إلى «الحذر» في مواجهة شركة الخطوط الملاحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وشركات أخرى بمثابة حظر وسيصدرون اللوائح التنظيمية التي تتجاوز أي إجراءات جديدة للأمم المتحدة. وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت، إن أحد أهداف القرار «وضع مزيد من الصعوبات في طريق حصول إيران على قدرات أسلحة نووية». وقالت سوزان رايس مندوبة أميركا في الأمم المتحدة إن القرار الجديد سيجعل استمرار إيران في رفض مطالب الأمم المتحدة بأن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم باهظ التكلفة. واستدركت بقولها إن الباب مفتوح أمام إيران إذا كانت مستعدة لقبول عروض حل الأزمة من خلال الحوار. وقالت «يسعى مشروع القرار إلى مساندة جهودنا للحوار الدبلوماسي مع إيران لا أن يكون بديلا عنها».

إلى ذلك، وفيما يمكن اعتباره ضغطا إيرانيا موازيا للضغط الأميركي، أعلن وزير الاستخبارات الإيراني، حيدر مصلحي، أن السياح الأميركيين الثلاثة الذين دخلوا الصيف الماضي الأراضي الإيرانية بشكل غير شرعي واحتجزتهم السلطات الإيرانية هم «جواسيس»، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الطلابية، الثلاثاء، وذلك قبيل وصول أمهات هؤلاء المحتجزين الثلاثة إلى طهران مساء أمس. وأوضح الوزير أن طهران وافقت على منح أمهات الأميركيين الثلاثة تأشيرات دخول «لدواع إنسانية طبقا لما تنص عليه التعاليم الإسلامية». وأضاف «على الرغم من كونهم جواسيس وأنهم دخلوا البلاد بصورة غير شرعية فنحن نعاملهم بحسب المبادئ الدينية».