تايلاند: الجيش يحسم المعركة.. وقادة المظاهرات يستسلمون

5 قتلى جدد.. والفوضى تعم الشوارع.. وتوسيع حظر التجوال إلى 24 إقليما

متظاهرون يرفعون أياديهم مستسلمين أمام تقدم الجنود وسط بانكوك أمس (أ.ب)
TT

في تمام الساعة الواحدة والنصف ظهر أمس، صدر الأمر للمحتجين في وسط بانكوك: «عودوا إلى منازلكم»، فأنهى المتظاهرون بخيبة أمل كبرى الاعتصام الذي بدأوه قبل شهرين في أجواء احتفالية وانتهى بحوادث دامية. وأعلن ناتاووت سايكوار، أحد قادة الحركة، مخاطبا للمرة الأخيرة بضعة آلاف من «القمصان الحمر» الذين قرروا البقاء بأي ثمن حتى النهاية «فعلنا كل ما في وسعنا». وأمام المنبر تجمع رجال من أعمار مختلفة رافعين قبضاتهم ونساء يبكين، بعدما كانوا قبل دقائق ينشدون أغاني ثورية وبعضهم يرقص. وأعلن ناتاووت سايكوار عندها للمعتصمين: «حافظوا على هدوئكم. مهما حصل اليوم، فسوف نبقى معا»، مضيفا «الحكومة تستخدم الجيش لقمعنا، لكننا سنلتزم بعدم استخدام العنف».

وجاء هذا بعدما سيطر الجيش في غضون ساعات قليلة أمس على منطقة «القمصان الحمر» وأرغم قيادييهم على الاستسلام. واستخدم الجيش الدبابات لاقتحام الحي التجاري والسياحي بالعاصمة، حيث تحصن المتظاهرون طويلا منذ الثالث من أبريل (نيسان) الماضي وحولوا المكان إلى معسكر محصن داخل المدينة.

وفيما كان القسم الأكبر من المعتصمين متجمعين في وسط المنطقة حول المنبر، شن الجنود هجومهم جنوبا، فاقتحمت مدرعة أحد حواجز الإطارات والأسلاك الشائكة وسواتر القصب التي أقامها الحمر، ودخلت من بعدها مدرعات أخرى. وقعت بعض المواجهات، غير أن الجيش لم يجد صعوبة في السيطرة على الموقع.

وأصيب مصور إيطالي في الثامنة والأربعين من العمر إصابة قاتلة في معدته وهو يتوجه إلى إحدى النقاط الساخنة لتصوير ما يجري، وقد توفي لدى وصوله إلى المستشفى، حيث نقله زملاؤه. كما قتل أربعة متظاهرين على الأقل في المواجهات.

وقال المتحدث باسم الشرطة، الجنرال بيا أوثايو، إن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب «العديدون». وذكرت شرطة المستشفيات أن 19 شخصا أصيبوا، من بينهم العديد من الصحافيين الأجانب. وصرح مايكل ماس، مراسل التلفزيون الهولندي الرسمي من المستشفى «لقد أصبت من الخلف في الكتف». وأصيب صحافي آخر وهو كندي، كما أصيب أربعة جنود بجروح خطيرة في انفجار قنابل أمام معقل المتظاهرين، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان.

ورغم هذه التطورات، بقيت أجواء احتفالية سائدة حول المنبر، إذ واصلت النساء طهو أطباق في مطابخ عشوائية أقيمت منذ شهر ونصف الشهر يحيط بهن في بعض الأحيان أطفال. وعندما تأكد تقدم الجيش، قرر قادة الحمر وقف حركتهم. وقتل أكثر من سبعين شخصا معظمهم من «الحمر» منذ بدء التظاهرات قبل شهرين للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء ابهيسيت فيجاجيفا وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. وواصل البعض أمس تحديهم وأكدوا استعدادهم للتضحية بحياتهم. وقال ثانارات واد-ريم، 45 عاما، متحدثا من أعلى حاجز: «سأموت هنا، مضى وقت طويل وأنا أطالب بالعدالة، طالبت بها طوال حياتي».

وبعد استسلام القادة فرغ المخيم وسلك العديد من المعتصمين طريق العودة إلى المناطق الريفية والفقيرة معقل حركتهم في شمال البلاد وشمال شرقها. وقال روسوكورن ساماكوت، 28 عاما، وهو يتابع على التلفزيون مشاهد الحرائق التي اجتاحت عشرين مبنى عند العصر: «انتهى الأمر، أريد العودة إلى بلدتي، ساعدوني. الوضع خطير في الخارج، لا نعرف من الذي يضرم الحرائق ومن الذي يطلق النار». وفيما أعلنت الحكومة حظر التجوال في العاصمة ابتداء من الساعة الثامنة مساء، اجتاحت حرائق ضخمة عددا من المباني الكبرى وسط بانكوك أمس وانتشرت عمليات النهب والتخريب في العاصمة. وارتفعت أعمدة الدخان الأسود في سماء المدينة عقب العملية العسكرية التي شنها الجيش ضد معقل المتظاهرين وأدت إلى مقتل خمسة أشخاص ودفعت بقادة متظاهري «القمصان الحمر» إلى الاستسلام. وقالت السلطات إن متظاهرين غاضبين يرتدي بعضهم الملابس السوداء ويحملون الأسلحة الرشاشة، قاموا بعمليات تخريب وأضرموا النار في 15 مبنى على الأقل. وقال مسؤولون عسكريون إنه تم إرسال مروحية لمحاولة إنقاذ 100 شخص على الأقل حوصروا في مكاتب القناة التلفزيونية الثالثة بعد أن أشعل المتظاهرون النار فيها. ووردت أنباء عن اشتعال النار في مبنى «سنترال وورلد» الذي يعد من أكبر مراكز التسوق في جنوب شرقي آسيا، ومبنى بورصة تايلاند، ومكتب تابع لشركة الكهرباء، وأحد البنوك.

وفرضت الحكومة حظرا للتجول على بانكوك من الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي إلى الساعة السادسة صباحا في محاولة لإخماد اندلاع العنف، إلا أن السلطات أقرت بأن أجزاء من العاصمة بقيت خارج سيطرتها. وفرضت السلطات كذلك حظرا للتجول على 23 مقاطعة أخرى في سائر أنحاء البلاد، بحسب بيان لمركز الطوارئ.