إيران تهدد بسحب الاتفاق النووي.. وكوشنير يتوقع إقرار العقوبات

الرئيس البرازيلي: إيران أبدت استعدادا لإجراء محادثات * تخوفات إيرانية من استهداف البنك المركزي الإيراني

أحد المعتقلين الأميركيين في إيران مع والدته التي سمحت لها السلطات الإيرانية بزيارة ابنها مع أسر باقي المعتقلين (أ.ب)
TT

فيما قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إن إيران أبدت استعدادا للتفاوض بشأن برنامجها النووي وإنه ينبغي للدول الأخرى الآن أن تبدي استعدادا مماثلا، وضح أن موسكو تلعب بكل أوراقها فيما يتعلق بالملف الإيراني، ففيما قالت موسكو أمس إن منشأة «بوشهر» النووية الإيرانية التي تبنيها موسكو سيتم افتتاحها في أغسطس (آب) المقبل على الأرجح، فاصلة بينها وبين مشروع العقوبات ضد طهران، قال وزير الخارجية الروسي إن موسكو تأمل في إجماع دول مجلس الأمن على قرار العقوبات على إيران، فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن صفقة صواريخ «إس - 300» التي اشترتها طهران من روسيا لحماية مواقعها النووية ستخضع لقرار العقوبات. وأعلنت شركة استيراد أسلحة حكومية روسية أنها ستطبق العقوبات الجديدة حتى لو طالت نظام الصواريخ الروسي «إس - 300».

وقال المتحدث باسم «روزوبورون اكسبورت» فاتيسلاف دافيدنكو «إن أي عقوبة تقررها الأمم المتحدة ملزمة لأي دولة مصدرة للسلاح». واتفقت موسكو وطهران منذ فترة طويلة على تسليم إيران أنظمة «إس - 300» بموجب عقد ندد به الغرب وإسرائيل. لكن روسيا لم تسلم هذه الأسلحة بسبب مشكلات تقنية. ورفضت الخارجية الروسية التعليق على التساؤلات حول تأثر صفقة «إس - 300». وقال المتحدث باسمها اندري نستيرينكو للصحافيين «عندما أرى مشروع القرار، سأكون مستعدا للتعليق عليه».

وظهر أمس أن موسكو ستسير في طريق الضغط على إيران من أجل العودة لطاولة التفاوض، وأنها تدعم التصويت على قرار العقوبات. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس إنه «يأمل في التوصل لإجماع بشأن مسودة قرار عقوبات من الأمم المتحدة ضد إيران». كما دعا لافروف أيضا إيران لإرسال تفاصيل تبادلها المقترح لليورانيوم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في «أسرع ما يمكن». وتباينت الآراء في موسكو حول احتمالات تضرر روسيا من العقوبات ضد إيران ومنها ما يتعلق بحظر صادرات الأسلحة والصواريخ. وفيما نقلت صحيفة «فيدومستي» عن الخبير الاستراتيجي قسطنطين ماكيينكو قوله إن إقرار مشروع القرار سيوقف التعاون العسكري التقني بين روسيا وإيران وإن ذلك سيمس بشكل مباشر توريد منظومات الدفاع الجوي الصاروخية «إس - 300» إلى إيران. فيما قالت يلينا سوبونينا رئيسة قسم العلاقات الخارجية بصحيفة «فريميا نوفوستي » لـ«الشرق الأوسط» بأن ذلك ليس صحيحا وأن العقوبات لن تكون فعالة. واستطردت سوبونينا المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع مؤسسات صناعة القرار في موسكو لتقول إن صفقة توريد صواريخ «إس - 300» تم تجميدها منذ فترة رغم التوقيع عليها وإن تنفيذها ليس على طاولة المفاوضات، حسب تعبيرها. وأشارت إلى أن العقوبات المطروحة لن تكون فعالة على ضوء ما جرى من تطورات في الآونة الأخيرة. ومن جانبه أعلن البروفسور الكسي ارباتوف من معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية أن روسيا تراجعت عن تنفيذ اتفاق بيع منظومات «إس - 300» إلى إيران لأن ذلك يحرض إسرائيل على مهاجمة إيران، على حد قوله. وتوقع ارباتوف احتمالات توجيه إسرائيل لضربة عسكرية ضد إيران في الخريف المقبل في حال عدم تنفيذ ما يطرحه المجتمع الدولي من عقوبات. واتفق ارباتوف أن العقوبات الجديدة المقترحة لن تكون فعالة شأن ما سبق وأقره المجتمع الدولي من عقوبات.

إلى ذلك وفيما قال دبلوماسيون في فيينا أمس إن إيران لم تقدم بعد للوكالة تفاصيل الاقتراح النووي، وإن إيران قالت إنها سترفع ردها للوكالة بحلول 24 مايو (أيار)، أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن 3 دول من الدول الـ15 في مجلس الأمن أبدت تحفظات على تبني قرار العقوبات، مما يتيح توقع أكثرية مؤيدة له.

وقال كوشنير لمجموعة من الصحافيين بعد لقاء في باريس مع نظيرته الدنماركية لين اسبرسن إن «3 بلدان ستبدي بعض التحفظات، لكن الأمور تسير على ما يرام. والنص ليس نهائيا، وسيناقشه الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن». وذكر مصدر دبلوماسي غربي أن البلدان الـ3 المعنية هي: البرازيل وتركيا وكذلك لبنان. ويعتبر تأمين أكثرية تضم 9 من أعضاء مجلس الأمن الـ15، ضروريا لتبني قرار جديد ضد طهران، على ألا يستخدم الفيتو أي من الأعضاء الـ5 الدائمي العضوية (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) الذين وافقوا جميعا على النص الذي طرح الثلاثاء للمناقشة في مجلس الأمن.

وقال دبلوماسيون غربيون مطلعون إن قرار العقوبات لا يغلق باب الحوار. إلا أنه يدل على أن مجموعة الدول الـ6 ترى أن طهران لم ترد على السؤال الأساسي بشأن الطابع الحقيقي لبرنامجها النووي المدني أو العسكري. وكانت هذه الحجة الأساسية لواشنطن لإقناع حلفائها.

وفيما يبدو أن هناك شبه إجماع على العقوبات، تصرفت طهران أمس بسلوك تهديدي. وقال نائب إيراني إن طهران قد تلغي اتفاقها النووي مع تركيا والبرازيل إذا اعتمد مجلس الأمن قرار العقوبات. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن النائب البارز محمد رضا باهونار قوله «إذا أصدر الغرب قرارا جديدا ضد إيران فسنصبح في حل من الالتزام ببيان طهران وسيلغى إرسال وقود إلى خارج إيران». وأضاف «القوى الكبرى وكذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة توصلت إلى إجماع بخصوص إيران ومن المرجح إلى حد بعيد أن تصبح الجولة الرابعة من العقوبات سارية ضدنا في المستقبل القريب».

ويبث التلفزيون الإيراني مرارا لقطات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وهو يرفع يدي رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وذلك وسط احتفاء رسمي كبير بالاتفاق، وتقليل من أهمية التهديد بفرض عقوبات في نفس الوقت.

لكن تحت السطح هناك عصبية من جولة جديدة من العقوبات، خصوصا القيود الجديدة على البنوك والصناعات الإيرانية، بينما يحاول المسؤولون التقليل منها. ونقلت وكالة «العمال» للأنباء عن ماجد نامجو وزير الطاقة قوله أمس «على الرغم من كل القيود التي تفرضها الدول المتعجرفة على إيران في الساحة العالمية فإن الجمهورية الإسلامية حققت نجاحات كبيرة في المجالين الاقتصادي والسياسي». وقلل إبراهيم حسيني النسب أستاذ الاقتصاد بجامعة «تربيت مدرس» في طهران من أهمية الأثر الذي ستحدثه العقوبات على الاقتصاد.

وقال «صناع السياسة الإيرانيون تعلموا من التجربة كيفية التعامل مع تلك العقوبات. تمتع الاقتصاد الإيراني دوما بقدر كبير من المرونة.. لا أظن أنه سيكون لها أي أثر معوق على الاقتصاد الإيراني». لكن مرتضى معصوم زاده المسؤول بقطاع الشحن ونائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي التي هي طريق عبور للكثير من الواردات الإيرانية يقول إن «العقوبات ألحقت أضرارا بالفعل». وقال معصوم زاده لـ«رويترز» في دبي «من الواضح أن العقوبات أثرت على أعمالنا وقد انخفضت أعمالنا بنسبة 70 في المائة مقارنة بما كانت عليه قبل 3 سنوات». وأضاف أن العقوبات الأميركية التي فرضت عام 2007 واستهدفت بنكين إيرانيين لهما فروع في دبي كانت مؤلمة بشكل خاص.

أما أكثر ما يقلق الإيرانيين فهو احتمال استهداف البنك المركزي الإيراني. ففي مشروع قرار مجلس الأمن نداء إلى «التحلي باليقظة» في التعامل مع البنك المركزي الإيراني.

وقال مسؤولون مطلعون إن عبارة «التحلي باليقظة» يمكن أن تعطي أساسا قانونيا في المستقبل لتضييق الخناق على المعاملات بين إيران والمراكز المصرفية في أوروبا وأماكن أخرى حول العالم. وفيما استهدفت العقوبات السابقة أفرعا للبنوك الإيرانية في الخارج، فإن البنك المركزي الإيراني لم يستهدف حتى الآن في إطار عقوبات الأمم المتحدة. كما غابت الإشارة عنه وعن قطاع الطاقة الإيراني عموما وذلك كي تضمن أميركا عدم معارضة الصين أو روسيا على مسودة العقوبات. لكن وضع العبارة بهذه الطريقة يوفر أرضية قانونية للدول التي تريد التوسع لضم التعاملات مع البنك المركزي الإيراني، كما تتيح العبارة ثغرة للدول التي لا تريد ضم البنك المركزي للعقوبات الآن.