سكان الحدود اللبنانية يقترعون على وقع أصوات صافرات الإنذار الإسرائيلية

إسرائيل «تواكب» الانتخابات البلدية بمناورة عسكرية كبرى

TT

يقبل أهالي الشريط الحدودي الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة على الانتخابات البلدية، الأحد المقبل، وفي ذاكرتهم أنهم يعيشون على خط نار قد يشتعل في أي لحظة، خصوصا أن إسرائيل اختارت يوم الانتخابات لتطلق أوسع مناورات عسكرية لها على حدود لبنان، كما فعلت خلال الانتخابات النيابية الماضية.

يعيش محمد حمود في منطقة العديسة الحدودية، وهو يؤكد أنه «يمارس حقه في الانتخاب يوم الأحد للتأكيد على صمود أهالي هذه المناطق الحارة وتشبثهم بالأرض ورفضهم للهيمنة والاحتلال الصهيوني»، ويقول: «نحن نفتخر بأننا نمارس أقسى درجات الديمقراطية فيما تقابلنا إسرائيل بأقسى مظاهر العدوانية من خلال المناورة التي تقوم بها بالتزامن مع الاستحقاق البلدي..».

المناطق الحدودية الجنوبية في معظمها مسلمة وبالتحديد شيعية، لكن الوجود المسيحي راسخ في تلك الأرض، خاصة في بلدة رميش وقضاء جزين فيما يطغى التنوع الطائفي في مرجعيون وحاصبيا.

ريتا الحاج، ربة منزل في بلدة رميش وأم لطفلين. لا تنكر أن كل طلقة رصاص ترعبها وعائلتها البسيطة. هم يعيشون من زراعة التبغ، وتقول: «لا نملك إلا أرضنا في رميش لا منازل لنا في بيروت، كما أننا لا نتقن إلا الزراعة.. مصيرنا التمسك بهذه الأرض على الرغم من أن وضعنا النفسي والمادي سيئ». ريتا ستمارس حقها في التصويت يوم الأحد في معركة تتخذ طابعا عائليا تتنافس خلالها لائحتان مدعومتان من عائلات البلدة، وتضيف «نحن في القرن الواحد والعشرين ولا مياه في دارنا.. لا طرقات، لا وظائف ولا سبل للعيش الكريم ولا دولة تلتفت إلينا». التشاؤم الذي تعيشه ريتا يعيشه معظم أهالي الشريط الحدودي، وخاصة المسيحيين منهم، الذين، وبعكس المسلمين هناك، لا يتشبثون بأرضهم بهدف الصمود والمقاومة إنما لأنه «لا خيار آخر لديهم» كما تقول.

حسن صعب، رجل سبعيني لم يغادر بلدة مارون الرأس منذ عشرات السنوات، يعتبر أن التهديدات والمناورات الإسرائيلية أصبحت الخبز اليومي للجنوبيين، ويضيف «إسرائيل لم تعد تخيفنا، هي تخيف شعبها، ونحن على يقين أنها لن تعود للاعتداء علينا بعد الهزائم التي أوليت بها». صعب لم يقرر بعد ممارسة حقه في الانتخاب يوم الأحد أو عدمه، ففي اعتقاده أن مجالس بلدية تأتي وأخرى ترحل والوضع على الأرض لا يتغير فلا إنماء ولا تطوير.

أما رئيس بلدية كفركلا، موسى شيت، فيعتبر أن «إقبال الناخب الجنوبي على صناديق الاقتراع دعم للمقاومة وتحد للعدو». ويضيف «من واجب كل لبناني أن يتوجه لممارسة حقه الديمقراطي، فكيف بالجنوبي الذي لم يقصر يوما في واجباته تجاه أرضه ودولته». كلام يوافقه عليه عمر الزهيري رئيس بلدية شبعا الذي يشدد على أن المناطق الحدودية مناطق محرومة من أبسط مقومات العيش الكريم، خاصة أن الحروب المتتالية زادت الطين بلة. النائب قاسم هاشم ابن شبعا و«حامل هموم أبناء الشريط الحدودي إلى مجلس النواب»، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «تكونت قناعة لدى المواطن الجنوبي بضرورة الصمود وتحدي عدو غاصب يسعى لإرساء سياسة (الأرض المحروقة الفارغة من أهلها) لذلك ينبغي مجابهته بكل الوسائل المتاحة من المقاومة العسكرية إلى الإنماء والصمود». ويدعو هاشم الدولة اللبنانية للالتفات إلى مناطق الصمود الجنوبية، معتبرا أنه «لم يعد يصح معاملة هذه البلدات كغيرها من البلدات اللبنانية، فأهلها يقومون بفعل وطني كبير من خلال بقائهم... هم عامل قوة للحكومة نفسها». وأضاف «فلينظروا كيف يعامل العدو مستوطنيه وكيف هم يعاملون أبناءهم الذين لم يتوانوا ولو لدقيقة واحدة عن دفع ضرائبهم».