«إرهاب الداخل» يقلق أميركا مجددا

واشنطن «لن تتردد في استهداف» مواطنيها الملتحقين بالإرهاب.. ومغربي يعترف بدعم «القاعدة»

TT

عاد القلق ليراود الأوساط الحكومية والشعبية في الولايات المتحدة إزاء ظهور حالات عن «إرهاب الداخل» في الآونة الأخيرة في البلاد. وأكدت مصادر حكومة أن الولايات المتحدة لن تتردد في استهداف مواطنيها الذين يلتحقون بالإرهاب، رغم اعتراضات المجموعات الحقوقية. واستشهدت المصادر بتنامي حالات تجنيد أشخاص يحملون الجنسية الأميركية، آخرها حالة الأميركي الباكستاني الأصل، فيصل شاه زاد، المتهم بمحاولة تفجير سيارة مفخخة في نيويورك في الأول من الشهر الحالي.

وقال جون برينان كبير مستشاري أوباما في مكافحة الإرهاب في كلمة ألقاها في مؤتمر بواشنطن أول من أمس إن المواطنين الأميركيين الذين يقاتلون في صفوف «القاعدة» وطالبان هم «أهداف مشروعة» لضربات قاتلة. واستشهد برينان ومسؤول أميركي آخر طلب ألا ينشر اسمه بتصاعد جهود تنظيم القاعدة وجماعات أخرى لتجنيد مواطنين أميركيين وعملاء آخرين يحملون جوازات سفر تسمح لهم بدخول الولايات المتحدة بسهولة. وقال برينان «يجب ألا يكون بمقدور أحد أن يختفي وراء جواز السفر الأميركي أو جنسيته الأميركية. إذا كان يشكل خطرا علينا فيجب أن نحرص على أن يكون بوسعنا التصدي لذلك الخطر بالشكل المناسب حتى يتسنى منعه من تنفيذ هجمات غادرة».

وكان مجلس الأمن القومي الأميركي وافق في الآونة الأخيرة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) على العمل على قتل أنور العولقي وهو رجل دين مسلم متشدد في اليمن يحمل الجنسية الأميركية، وتشير تصريحات برينان إلى أنه يمكن استهداف آخرين في المستقبل. وتقول السلطات الأميركية إن العولقي أضيف إلى قائمة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للمستهدف قتلهم بعد أن أصبح عنصرا فاعلا في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي ادعى المسؤولية عن مؤامرة فاشلة لنسف طائرة ركاب أميركية يوم عيد الميلاد.

ولاقى قرار استهداف العولقي انتقادات من بعض جماعات حقوق الإنسان التي جادلت أن الأميركيين المتهمين بارتكاب أخطاء يحق لهم الحصول على محاكمة عادلة بموجب الدستور الأميركي. وقال جوناثان مينز في مؤسسة «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية»: «يجب على الرئيس ومستشاريه ألا ينفذوا برنامجا يستهدف قتل أفراد بمن فيهم مواطنون أميركيون بعيدا عن ميدان القتال حينما لا توجد رقابة أو إجراءات سليمة أو شفافية بشأن مجال البرنامج وحدوده ونتائجه».

ويشير مسؤولو مكافحة الإرهاب إلى سلسلة من المؤامرات في الآونة الأخيرة، منها محاولة فاشلة لتفجير سيارة ملغومة في الأول من مايو (أيار) الحالي في ميدان تايمز سكوير بنيويورك بوصفها علامة على أن «القاعدة» وجماعات أخرى تحاول تجنيد عملاء يتمتعون بحرية دخول الولايات المتحدة والخروج منها.

وقال مسؤول أميركي إن جهود التجنيد هذه «أصبحت مكثفة». وقال برينان «بعض هؤلاء الأفراد يختفون بين ظهرانينا الآن داخل الولايات المتحدة وبعضهم يعملون في الخارج». وأضاف «سنحاول تطبيق هذه الأدوات حسب مقتضى الحال وبموجب السلطات القانونية الكاملة. لدى الرئيس والجهاز التنفيذي ضمان بأن نفعل كل ما في وسعنا لمنعهم من تنفيذ هجمات».

ويقول مسؤولون إن القوانين الأميركية التي تحمي الحياة الخاصة للأميركيين ربما سهلت على المتهم في قضية تايمز سكوير في نيويورك، فيصل شاه زاد، وهو مولود في باكستان لكنه حصل على الجنسية الأميركية العام الماضي، الحصول على تدريب على صنع القنابل من متشددين في باكستان دون أن يسترعي ذلك اهتمام السلطات.

وفيما بدأت إجراءات محاكمة شاه زاد (30 سنة) ظهر شخص مسلم آخر يحمل الجنسية الأميركية، واعترف أثناء محاكمته بتقديم دعم مالي إلى تنظيم القاعدة. ويتعلق الأمر بالمغربي خالد عوزاني (32 سنة) الذي اعترف أمام محكمة في مدينة كنساس (ولاية ميسوري) مساء أول من أمس بأنه اشترك في مشروع لتقديم مساعدات إلى تنظيم القاعدة، وأنه أرسل لها 24 ألف دولار خلال سنتي 2007 و2008.

في سنة 2006، حصل عوزاني على الجنسية الأميركية. ويملك محلا لبيع قطع غيار السيارات والسيارات المستعملة.

وقالت بيث فيليبز، المدعية العامة التي قدمت الاتهامات إن عوزاني تحدث مع آخرين لمساعدة «القاعدة»، وللذهاب للاشتراك في الحرب ضد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، وأيضا إلى العراق والصومال.

وقالت المحطة التلفزيونية «كي سي يو آر» في كنساس أمس: «يظهر الإرهابيون في أماكن لا نتوقعها. انظروا إلى صاحب مكان لبيع قطع السيارات القديمة. مكان في المنطقة الصناعية التي لا يهتم بها أحد. مؤخرا باع المحل بعد اتهامات بأنه زور حسابات مصرفية، ولم يدفع ضرائب. ثم ها هو يعترف بأنه مول (القاعدة)». وقالت صحيفة «كنساس سيتي ستار»: «فجأة ومن حيث لا ندري يظهر إرهابي وسطنا، وقد تبرع لأسامة بن لادن بآلاف الدولارات. لا بد أننا، حقيقة، نعيش في عصر الإرهاب».

غير أن المدعية بيث فيليبز قالت للصحافيين بعد اعتراف عوزاني إنه «لم يكن يريد القيام بعمل إرهابي داخل الولايات المتحدة. ولم يتآمر ضد حكومة الولايات المتحدة، حسب المعلومات التي حصلنا عليها حتى الآن».

ورفضت المدعية أن تجيب على أسئلة من الصحافيين عما إذا كان آخرون اعتقلوا أو حقق معهم ولهم صلة بعوزاني. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن عوزاني اعترف أيضا أنه أدى قسم الولاء لتنظيم القاعدة، وأنه اعترف بإرسال أموال إلى «القاعدة» مقابل عدم توجيه أي تهمة له بالتخطيط لعمل إرهابي داخل الولايات المتحدة. وأضافت أنه حصل على قرض قيمته نحو 200 ألف دولار لشراء شقة في الإمارات. ثم باع الشقة، وأرسل الربح إلى «القاعدة». وقالت صحيفة «كنساس سيتي ستار» إنه أرسل التبرعات عن طريق بنك في الإمارات.

ويواجه عوزاني عقوبة بالسجن ربما تصل إلى 65 سنة، وغرامة ربما تصل إلى مليون دولار. وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إنه، خلال سنة واحدة فقط، اتهم 25 مواطنا أميركيا بالاشتراك في خطط أو عمليات إرهابية. وأن أغلبية هؤلاء كانوا أجانب ثم تجنسوا بالجنسية الأميركية.