نذر حرب وتصعيد في شبه الجزيرة الكورية

المجتمع الدولي يندد بإغراق البارجة.. وبيونغ يانغ تهدد بحرب شاملة

امرأة كورية جنوبية تطالع خبر التحقيق بشأن غرق البارجة، في صحيفة بالعاصمة سيول أمس (أ.ب)
TT

أفاد تقرير للجنة تحقيق دولية أمس أن غرق البارجة الكورية الجنوبية في أواخر مارس (آذار) الماضي نجم عن طوربيد كوري شمالي في «اعتداء» نددت به الولايات المتحدة بشدة، بينما سارعت بيونغ يانغ إلى نفيه مهددة بـ«حرب شاملة» في حال فرض عقوبات عليها.

وجاء في تقرير لجنة التحقيق حول غرق البارجة الذي أدى إلى مقتل 46 بحارا أن «الأدلة تثبت بشكل قاطع أن الطوربيد أطلق من غواصة كورية شمالية». وأضاف التقرير: «ليس هناك أي تفسير آخر ممكن»، موضحا أن الانفجار الذي شطر البارجة إلى نصفين نجم عن طوربيد كوري شمالي وزنه 250 كيلوغراما.

وسارعت بيونغ يانغ إلى الرد معتبرة أن هذه الاتهامات «ملفقة». ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) عن بيان صدر عن لجنة الدفاع الوطني في كوريا الشمالية التي يترأسها كيم جونغ ايل، وهي أهم هيئة في النظام الشيوعي: «سنتخذ إجراءات صارمة، من بينها حرب شاملة، إذا فرضت عقوبات على كوريا الشمالية». وأوضح البيان أن بيونغ يانغ سترسل محققيها إلى كوريا الجنوبية للتأكد من الأدلة.

من جهتها نددت الولايات المتحدة «بشدة» بالاعتداء الكوري الشمالي على البارجة. وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أن تقرير لجنة التحقيق الدولية يستند إلى «دراسة موضوعية وعلمية للأدلة». وأوضح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعرب عن «تعاطفه» مع نظيره الكوري الجنوبي والشعب الكوري الجنوبي حول ضحايا البارجة. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن استنتاجات التحقيق الدولي التي تتهم بيونغ يانغ «مقلقة للغاية». ونددت لندن «بالازدراء الواضح الذي تبديه بيونغ يانغ إزاء واجباتها الدولية». وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان أن «هذا الهجوم يدل على انعدام التعاطف مع الحياة البشرية واحتقار واضح للواجبات الدولية». أما رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما فاعتبر أن تصرف كوريا الشمالية «لا يغتفر».

وتعهد الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك «باتخاذ إجراءات صارمة» ضد كوريا الشمالية، وأضاف أن على كوريا الجنوبية التي تحظى بدعم دولي أن تسعى «من أجل أن تقر كوريا الشمالية بتصرفها وتصبح عضوا مسؤولا في الأسرة الدولية».

في المقابل، دعت الصين أمس «جميع الأطراف إلى ضبط النفس»، مشيرة إلى أنها ستجري «تقييمها الخاص» لنتائج التحقيق الدولي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ما تشاوشيوي للصحافيين إنه «يتعين على جميع الأطراف الحفاظ على الهدوء وضبط النفس». وأضاف أن الصين قد تعمد إلى إجراء «تقييمها الخاص» للنتائج التي خلص إليها تحقيق اللجنة الدولية. وكانت الشكوك تحوم حول كوريا الشمالية منذ غرق البارجة شيونان (1200 طن) في 26 مارس الماضي قبالة جزيرة بينغنيونغ بالقرب من الحدود البحرية مع كوريا الشمالية اثر انفجار غامض على متنها.

ونفت بيونغ يانغ باستمرار أي تورط لها في الحادث، وهو من أسوأ الهجمات ضد كوريا الجنوبية منذ اعتداء نسب إلى عملاء كوريين شماليين استهدف طائرة بوينغ تابعة للخطوط الكورية وأدى إلى مقتل 115 شخصا في عام 1987. وأضاف تقرير لجنة التحقيق أن الهجوم على البارجة نجم على الأرجح عن طوربيد أطلقته غواصة صغيرة. وأضاف أن «عدة غواصات صغيرة تدعمها بارجة غادرت قاعدة بحرية كورية شمالية في البحر الأصفر قبل يومين أو ثلاثة من الهجوم وعادت أدراجها بعد يومين أو ثلاثة».

وإذا كانت كوريا الجنوبية استبعدت فيما يبدو أي رد عسكري مخافة إثارة حرب على نطاق واسع، فإنها قد تقدم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي للمطالبة بفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية. ويمكن أن تعارض الصين حليفة كوريا الشمالية، التي تملك حق النقض في مجلس الأمن، مثل هذا الطلب إلا إذا وافقت على الأدلة التي ستقدمها كوريا الجنوبية. ويقول كيم يونغ هيون الباحث في جامعة دونغوك إن «الصين لن تقتنع» بالوقائع. وسيكون أمام سيول «خيارات محدودة» إذا لوحت بكين بحق الفيتو. ويعتبر الباحث في جامعة سيول يانغ مو جين أن على واشنطن وبكين فصل ملف غرق البارجة الكورية الجنوبية عن الملف النووي لكوريا الشمالية، معتبرا أن عدم الفصل بين الملفين «سيعرض المنطقة لحرب باردة جديدة».

وبعد ساعات من صدور التحقيق غادرت كلينتون واشنطن لبدء جولة تدوم أسبوعا تقريبا، وتقودها على التوالي إلى طوكيو وشنغهاي ثم بكين وسيول. وأعلن مساعدها المكلف آسيا كارت كامبل أول من أمس أن غرق البارجة سيكون «موضوع مباحثاتها المركزي» مع القادة الصينيين. وستدعو هيلاري كلينتون بكين إلى الإفصاح عن «تقييمها» وردها على اتهام بيونغ يانغ، لا سيما أن القضية قد تحال إلى مجلس الأمن الدولي. وأفاد مصدر أميركي أن الوزيرة الأميركية ستغتنم فرصة زيارتها «لتحديد جملة من الردود» على نتائج التحقيق، التي يتوقع أن تعرض عليها يوم الأربعاء المقبل في سيول، آخر مرحلة من جولتها.